aloqili.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

aloqili.com

سيرة نبوية - تاريخ القبائل - انساب العقلييين - انساب الهاشمين - انساب المزورين
 
السياسة الدوليةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تاريخ أمراء المدينة المنورة - عارف أحمد عبد الغني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عمر




عدد المساهمات : 1369
تاريخ التسجيل : 28/09/2008

تاريخ أمراء المدينة المنورة - عارف أحمد عبد الغني Empty
مُساهمةموضوع: تاريخ أمراء المدينة المنورة - عارف أحمد عبد الغني   تاريخ أمراء المدينة المنورة - عارف أحمد عبد الغني Emptyالخميس يناير 16, 2020 2:56 pm

الإهداء

إلى الحبيب المصطفى، أبي القاسم، أبي الزهراء، محمد بن عبد اللّه، النبي العربي الأمي (صلى اللّه عليه و سلّم)، الذي اختار طيبة الطيبة عاصمة لدعوته الإسلامية، إيمانا بأهمية موقعها الجغرافي المتميز، و دور أهلها في نصرته و نصرة دعوته، فكان ذلك عن عبقرية فذة، فكيف لا و هو لا يصدر إلا عن وحي يوحى.
و إلى أهل طيبة الطيبة، الذين نصروا محمدا (صلى اللّه عليه و سلّم)، و آووا المهاجرين الفارين بعقيدتهم و دينهم الجديد من مكة، و قاسموهم أموالهم و بيوتهم، فكانوا لهم و للدعوة الجديدة خير سند و عضد، و بعد أن تشرف ثرى طيبة الطيبة بالجسد الطاهر للنبي (صلى اللّه عليه و سلّم)، انطلقت جحافل الفتح الإسلامي من أمة محمد تنشر الدين الجديد في شرق الأرض و غربها.
اللّهم احم طيبة الطيبة، و أهلها من كل أذى و مكروه، و صل على حبيبنا محمد و على أصحابه و آله الطاهرين إلى يوم الدين.
٦
{*empty#}صفحة فارغة (مطابق للمطبوع){#empty*}
٧
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم‏

مقدّمة

هذا هو الكتاب الثالث من سلسلة كتبنا، تواريخ المدن، حيث كان بداية هذه السلسلة: «تاريخ أمراء مكة المكرمة من سنة ٨ ه- ١٣٤٤ ه»، ثم تلاه كتاب: «تاريخ الحيرة في الجاهلية و الإسلام»، نقدم اليوم للقارى‏ء «تاريخ أمراء المدينة المنورة في الجاهلية و الاسلام حتى سنة ١٤١٧ ه».
و قد قام منهج هذا الكتاب على مقدمة قصيرة حول تاريخ المدينة في الجاهلية، و بعض الأقوام التي سكنتها، و لم نثقل الكتاب بتفصيلات مسهبة حول ذلك التاريخ في الجاهلية، نظرا لعدم توفر مصادر دقيقة، سوى روايات متعددة، و متضاربة في أغلب الأحيان، و لكننا عرجنا على أبرز الشخصيات التي حكمت المدينة قبل الإسلام، أو كان لها الدور الهام في الأحداث.
و أتبعنا تلك المقدمة بتراجم أمراء المدينة منذ الدعوة المحمدية، أي بداية الهجرة، و حتى بعد انتقال مقر الخلافة من المدينة إلى كل من الكوفة و دمشق، و بغداد، و القاهرة، و أخيرا القسطنطينية، ثم انضمام المدينة إلى الدولة السعودية بعد استسلام الهاشميين للقوات السعودية في سنة ١٣٤٤ ه، و حتى اليوم.
و قد واجهتنا عدة صعوبات في هذا البحث من أهمها:
١- الخلل السياسي في الحجاز، و ضعف سلطة الدولة المركزية، حيث سادت القوة مكان الشرعية، و انعكاس ذلك على أمراء المدينة، الذي جعل الخلافات تصل إلى حد القتال فيما بينهم. و في داخل الحرم النبوي ذاته، و انفراد بعضهم بالسلطة ... و انعكاس ذلك في النهاية على سكان المدينة في جميع مناحي حياتهم.
٨
٢- الصعوبة الثانية: افتقارنا إلى المصادر التي تترجم لهؤلاء الأمراء، أو تحدد تواريخ حكمهم، و خاصة بعد سنة ٩٢٣ ه، إثر الحكم العثماني للبلاد العربية و حتى حملة محمد علي باشا على الحجاز، حيث أتبعت المدينة اداريا إلى سلطة شريف مكة الذي يعين القائم مقام، أو الأمير، و الذي جعل تداخل السلطات ينعكس بآثاره السلبية على المدينة أيضا.
٣- الصعوبة الثالثة: حدوث التداخل بين السلطات العامة في المدينة، خلال تلك الحقب التاريخية، فمرة يكون الأمير أو القائم مقام، أو وزير المدينة هو الشخصية الأولى، و في مرات أخرى كانت سلطة المفتي فوق ذلك، أو شيخ الحرم الذي كان بيده كافة السلطات السياسية، و في مرات متعددة كان والي الحجاز له الهيمنة الأكثر، و في مرات أخرى محافظ المدينة، أو قائد حامية المدينة، أو حاكم البلد، و في احدى المرات كان حاكم القلعة بيده كل مقاليد السلطة، ناهيك عن سلطة سلطان القاهرة أو أمير الحج الشامي أو المصري.
مما اضطرنا إلى إفراد تراجم لهؤلاء الأشخاص إمّا في بنية الكتاب الأساسية أو في ملاحق الكتاب.
و قد أمكن التغلب على بعض هذه الصعوبات باجراء المقارنات بين تلك السلطات المتداخلة و التي نوهنا عنها في سياق الكتاب.
و قد عاونتنا المصادر المحلية كتاريخ مكة و الحجاز و بعض كتب الرحالة، و الحوليات اليومية، و كتب الآثار، بالإضافة إلى كتب التاريخ الأصيلة في ايضاح ذلك الغموض و التداخل.
٤- و لم نقم بتحليل للمصادر التي اعتمدنا عليها في بناء هذا الكتاب، بسبب أن لكل قرن من الزمن مصادره التي تختلف عن القرن الذي سبقه أو يلحقه، و قد أثبتنا ذلك في الحواشي و في جريدة المصادر و المراجع في ذيل الكتاب.
و الكتاب بشكل عام، يرسم أوضاع المدينة في الجاهلية و الاسلام و حتى يومنا هذا، و يقدم لوحة شبه كاملة لكافة مناحي الحياة من خلال هؤلاء الأمراء، و لا ندعي أننا أعطينا البحث كل عناصره، حيث ظلت بعض الثغرات و الفجوات، بحاجة إلى الردم و السد، آملين أن تعاوننا المصادر الخطية التي لم نطلع عليها في المستقبل في تأمين ذلك.
٩
و الكتاب رغم كل ذلك خطوة متقدمة في ايضاح تاريخ المدينة المنورة السياسي و الاقتصادي و الثقافي، و هو بحث غير مسبوق.
و قبل الختام أعطر الشكر و الثناء للأخ الحسيب النسيب الشريف المؤلف المحقق أنس بن يعقوب الكتبي الحسني، عالم الأنساب في المدينة المنورة لما أسداه لي من معروف بتزويدي بصور العديد من المخطوطات التي لم أكن لأطلع عليها لو لا تيسير اللّه، و تسهيله الأمر عبره، و كذلك الأخ الشريف عبد الحميد زيني عقيل خبير الأنساب في مكة المكرمة الذي عرّفني على الأخ أنس، فلهما مرة أخرى خالص الشكر و الثناء.
راجيا أن يكون ثوابهما عند اللّه يوم لا ينفع مال و لا بنون، الا من أتى اللّه بقلب سليم، اللهم آمين.
راجيا أن يحظى هذا العمل برضى اللّه و رضى القارئ، معتذرا عما فاتتني معرفته أو زللت فيه، لأن فوق كل ذي علم عليم، و آخر دعوانا أن الحمد للّه رب العالمين، و الصلاة على سيدنا محمد سيد الخلق و المرسلين.
دمشق الشام في ٢٤ صفر ١٤١٧ ه الموافق ١٠ تموز ١٩٩٦ م‏
عارف أحمد عبد الغني‏
١٠
{*empty#}صفحة فارغة (مطابق للمطبوع){#empty*}
١١

تمهيد

المدينة لغة: مدن بالمكان: أقام به، و منه المدينة، و هي فعيلة، و تجمع على مدائن و مدن، و فيه قول آخر: أنه مفعلة من مدنت أي ملكت، و المدينة: الحصن بيني بها في أصطمة الأرض، و كل أرض بينى بها حصن في أصطمّتها فهي مدينة. و النسبة إليها مديني.
و المدينة: اسم مدينة سيدنا رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم)، خاصة غلبت عليها تفخيما لها، شرّفها اللّه و صانها و إذا نسبت إلى مدينة الرسول (صلى اللّه عليه و سلّم) قلت مدنيّ، و إلى مدينة المنصور مدينيّ، و إلى مدائن كسرى مدائني، للفرق بين النسب لئلا يختلط" (١)
و كان يطلق سابقا على المدينة اسم (يثرب)، و ذلك في الجاهلية.
و النسبة إليها: يثربيّ، يثربيّ، و أثربيّ، و أثربيّ.
و الثّرب: أرض حجارتها كحجارة الحرّة إلّا أنها بيض.
و نرجح أن اسم يثرب جاء من خلال صفة اتصفت بها.
و من أسمائها أيضا (٢):
أثرب، أرض اللّه، أرض الهجرة، أكالة البلدان، أكالة القرى، الأيمان، البارة البرّة، البحرة، البحيرة، البلاط، البلد، بيت الرسول، تغدّد، تندر، الجابرة، جبار، الجبارة، جزيرة العرب، الجنة الحصينة، الحرم، حرم رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم)، حسنة، الخيرة، الدار، دار الأبرار، دار الإيمان، دار السنة، دار السلامة، دار الفتح، دار الهجرة، طيبة، ذات الحرار، ذات النخل، الشافية، طائب، طبابا، العاصمة، العذراء، الغرّاء، غلبة، المؤمنة، مبوء الحلال و الحرام، المجبورة، المحبة، المحبوبة، المحفوظة، المختارة، مدخل صدق، السكينة ..."
____________
(١)- لسان العرب ج ١٣ ص ٤٠٢.
(٢)- وفاء الوفاء ص ٧ و ما بعدها.
١٢
و الثّرب: أرض حجارتها كحجارة الحرّة، إلا أنها بيض.
تاريخ يثرب:
هي من المواضع التي يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد، و قد ذكرت في الكتابات المعينية، و كانت من المواضع التي سكنتها جاليات من معين، ثم صارت إلى السبئيين بعد زوال مملكة معين‏ (١)
و فصّل صاحب معجم البلدان أمرها:
كان أول من زرع بالمدينة (يثرب) و اتخذ بها النّخل، و عمّر بها الدور، و الأطام، و اتخذ بها الضياع العماليق، و هم بنو عملاق بن أرفشخذ بن سام بن نوح، (عليه السلام)، فعلى هذا الكلام يثرب رجل: و كانت العماليق ممن انبسط في البلاد، فأخذوا ما بين البحرين و عمان و الحجاز كله إلى الشام و مصر فجبابرة الشام و مصر منهم‏ (٢)، و لكن جواد علي يذكر: أنّ قوما أقدم من العمالقة قد سكنوا يثرب يقال لهم صعل، و فالج، فغزاهم النبي داود (عليه السلام)، و أخذ منهم أسرى، و هلك أكثرهم، و قبورهم بناحية الجرف، و سكنها العماليق‏ (٣).
فبنو صعل و فالج أقدم من العماليق، و لعل العماليق من بقاياهم أو من نسلهم.
و كان ساكنوا المدينة (يثرب) بنو هفّ، و سعد بن هفّان، و بنو مطرويل، من العماليق، و كان ملك الحجاز الأرقم بن أبي الأرقم‏ (٤).
و قد نزلها اليهود و كان سبب نزولهم المدينة و أعراضها: أنّ موسى بن عمران (عليه السلام)، بعث إلى الكنعانيين حين أظهره اللّه تعالى على فرعون، فوطى‏ء الشام، و أهلك من كان بها منهم، ثم بعث بعثا آخر إلى الحجاز إلى العماليق، و أمرهم أن لا يستبقوا أحدا ممن بلغ الحلم إلّا من دخل في دينه، فقدموا عليهم، فقاتلوهم، فأظهرهم اللّه عليهم، فقتلوهم، و قتلوا ملكهم الأرقم، و أسروا ابنا له شابا جميلا، كأحسن من رأى في زمانه،
____________
(١)- المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، جواد علي ج ٤ ص ١٢٨.
(٢)- معجم البلدان ج ٥ ص ٨٤.
(٣)- المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٤ ص ١٢٨
(٤)- نفس المصدر السابق. ج ٥ ص ٨٤
١٣
فضنّوا به عن القتل و قالوا: نستحييه حتى نقدم به على موسى فيرى فيه رأيه، فأقبلوا و هو معهم، و قبض اللّه موسى قبل قدومهم، فلما قربوا و سمع بنو اسرائيل بذلك تلقوهم، و سألوهم عن أخبارهم، فأخبروهم بما فتح اللّه عليهم. قالوا: فما هذا الفتى الذي معكم؟ فأخبروه بقصته، فقالوا: إنّ هذه معصية منكم لمخالفتكم أمر نبيكم، و اللّه لا دخلتم علينا بلادنا أبدا، فحالوا بينهم و بين الشام .. فعادوا و سكنوا المدينة و الحجاز" (١)
ثم روي أيضا: غزا الروم الشام فاحتلوها، و قتلوا من بني اسرائيل خلقا كثيرا، فخرج بنو قريظة، و النّضير، و هدل، هاربين من الشام يريدون الحجاز، لينضموا إلى الاسرائيليين هناك، و يسكنوا معهم، و وجه ملك الروم في طلبهم من يردهم، فأعجزوا رسله، و فاتوهم" (٢) هذه رواية معقولة و منطقية.
و ذكر رواية أخرى: أن سبب نزولهم هو رفضهم تزويج احدى اليهوديات من ملك الروم‏ (٣)، حيث أن الديانة اليهودية ترفض ذلك!! و لكن من المعلوم أن الديانة اليهودية تتبع للأم و لا للأب و قيل أيضا: إن السبب أن اليهود كانوا يجدون في التوراة صفة النبي (صلى اللّه عليه و سلّم)، و أنه يهاجر إلى بلد فيه نخل بين حرّتين ..." (٤)
و ليس لدينا تاريخ محدد لتلك الحقيقة التاريخية، سوى تلك الاشارات لدى صاحب معجم البلدان، أو غيره من المؤلفين‏ (٥)
و بعد أن سكن اليهود في مواضعهم، نزل عليهم بعض قبائل العرب، فكانوا معهم، و اتخذوا الأموال و الآكام، و المنازل، و من هؤلاء بنو أنيف و هم حي من بليّ، و يقال: إنهم بقية من العماليق، و بنو (مريد) مزيد، مرثد حّيّ من بليّ، و بنو معاوية بن الحارث بن بهثة
____________
(١)- معجم البلدان ج ٥ ص ٨٤
(٢)- نفس المصدر السابق و الصفحة.
(٣)- نفس المصدر السابق و الصفحة.
(٤)- نفس المصدر السابق و الصفحة.
(٥)- انظر تفصيلات أكثر، أحسن التقاسيم ص ٣٠، ط ليدن ١٩٠٦، الاعلاق النفيسة ص ٥٩، ٦٣، ٣١٢، ص ٧٨، تاريخ ابن خلدون ج ٢، ص ٢٨٦، البداية و النهاية لابن كثير ج ٢ ص ١٦٠، المعارف ص ٨٣، موسوعة العتبات المقدسة قسم المدينة ص ٢١ و ما بعدها، الروض المعطار ص ٥٢٩، المسالك و الممالك للاصطخري ص ١٨، مختصر البلدان للهمداني، ص ٢٦، معجم ما استعجم ج ٢ ص ١٢٠١، وفاء الوفاء ص ١٥٦ و ما بعدها تفصيلات مسهبه حول ذلك، صبح الأعشى ج ٤ ص ٣٠٥، و في احدى الروايات أنهم هربوا من القدس عندما دمرها نبوخذ نصر، عندما سبى اليهود إلى بابل.
١٤
ابن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان.
و بنو الجذميّ، الجذماء حيّ من اليمن، فعاشوا مع من كان بيثرب و أطرافها من اليهود و اتخذوا المنازل و الآطام يتحصنون فيها من عدوهم إلى قدوم الأوس و الخزرج إيّاها. (١)
و قد أشار إلى ذلك صاحب معجم البلدان بأنهم من القوم الذين أنزلهم تبّع في يثرب المذكورين أعلاه‏ (٢)
و لا شك أن تبّع عندما قدم يثرب، فقد حصل بينه و بين اليهود قتال كان لصالح جماعته مما جعل اليهود يرضخون: لقبول العرب الجدد المنافسين لهم في سكن يثرب، و لهذا أشار بعض آل أسعد بن ملكيكرب تبّع و ذكر منازل من خرج من اليمن في سائر جزيرة العرب و غيرها:
و في يثرب منّا قبائل إن دعوا* * * أتوا سربا من دارعين و حسّر
هم طردوا عنها اليهود فأصبحوا* * * على معزل منها بساحة خيبر
و قال جماعة البارقي: (٣)
و بنو قيلة الذين حووا يث* * * رب بالقود و الأسود العتاة
زحفوا لليهود و هي ألوف‏* * * من دهاة اليهود أيّ دهاة
فأبادوا الطغاة منها و لما* * * يفشلوا في لقاء تلك الطغاة
و أذلوا اليهود منها و أخلوا* * * منهم الحرّتين و اللابات‏
و أصبح الماء و الفسيل لقوم‏* * * تحت آطامها مع الثمرات‏
أسروها من اليهود لدى تش* * * تيتها في القرى و الفلوات‏
ثم كان سيل العرم، حيث اختار يثرب الأوس و الخزرج ابن حارثة بن ثعلبة بن عمرو ابن عامر بن حارثة بن امرى‏ء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، و أمهم قيلة" (٤)
____________
(١)- الأعلاق النفسية ص ٦٢ ط ليدن ١٩٠٦.
(٢)- معجم البلدان ج ٥ ص ٨٤
(٣)- نفس المصدر السابق ص ٣٢٩ أنظر معجم البلدان ج ٥ ص ٨٤، و الذي أراه أنه أقدم من ذلك الأوس و الخزرج، و قد يكون الأوس و الخزرج من بقايا جنده.
(٤)- معجم البلدان ج ٥ ص ٨٥، و المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٤ ص ٨٧.
١٥
و قد دانوا لليهود، الذين كان ملكهم الفطيون (الفيطوان) (١) بيثرب، و قد كان لديه سنّة بأن يفض بكارة كل عروس تزفّ إلى زوجها من الأوس و الخزرج، و قد احتال أحد أبناء الأوس و الخزرج و قتل ملك اليهود قبل أن يدخل على أخته، و اسمه مالك بن العجلان ابن زيد السالمي الخزرجي‏ (٢)، و هرب إلى الشام فدخل على ملك من ملوك الغساسنة يقال له أبو جبيلة، و في بعض الروايات ذهب مستنجدا بتّبع الأصغر بن حسان ملك اليمن، فعاهد أبو جبيلة على الثأر، و قدم إلى يثرب و نكل باليهود، و قتلهم مقتلة عظيمة، و صارت السيادة للخزرج و الأوس من يومها على يثرب، و قال الرّمق بن زيد بن غنم بن سالم بن مالك بن سالم بن عوف بن الخزرج يمدح أبا جبيلة: (٣)
و أبو جبيلة خير من‏* * * يمشي و أوفاهم يمينا
و أبرّهم برّا و أعلم* * * هم بفضل الصالحينا
أبقت لنا الأيام و الح* * * رب المهمة يعترينا
كبشا له زريف* * * لّ متونها الذّكر السنينا
و معاقلا شمّا و أسيا* * * فا يقمن و ينحنينا
و محلّة زوراء تج* * * حف بالرجال الظالمينا
و لعنت اليهود مالك بن العجلان في كنائسهم و بيوت عبادتهم، فبلغه ذلك فقال‏ (٤):
تحايا اليهود بتلعانها* * * تحايا الحمير بأبوالها
و ماذا عليّ بأن يغضبوا* * * و تأتي المنايا بأذلالها!
و قالت سارة القرضية ترثي من قتل من قومها: (٥)
____________
(١)- ورد في سير الملوك للاصمعي مخطوط ص ٢٤٧: القيطون بن اسعد بن عمرو و الي الحجاز و تهامة من اليمن حيث ملك يثرب و هو الذي سلك ملك طسم و جديس في افتراع بكارة كل عروس قبل ان تزف الى زوجها، و سبب مقتله ان يهودية زفت الى زوجها و كانت اختا لمالك بن عجلان في الرضاعة، حيث استنجدت بأخيها و تم قتله من قبل مالك بن عجلان ...
(٢)- في مخطوط الأصمعي مالك بن عجلان بن عمرو بن أوس بن حارثة بن عمرو بن عامر.
(٣)- نفس المصدر السابق ج ٥ ص ٨٥، و لعل رواية الاستنجاد بالغساسنة هي الأرجح، رغم الشك بموضوع ملك اليهود و فضه بكارة كل عروس، و لعل الأرجح أنه اعتدى على تلك الفتاة. و كان ذلك هو السبب.
(٤)- نفس المصدر السابق ج ٥ ص ٨٦- الاشتقاق ص ٢٧٠- الأغاني ج ١٩ ص ٩٥ تاريخ الطبري ج ٢ ص ٣٧١ تاريخ اليهود في بلاد العرب اسرائيل و لغنسون ص ٦٥
(٥)- نفس المصدر السابق ج ٥ ص ٨٦.
١٦
بأهلي رمّة لم تفن شيئا* * * بذي حرض تعفيها الرياح‏
كهول من قريظة أتلفتهم‏* * * سيوف الخزرجية و الرماح‏
و لو أذنوا بأمرهم لحالت‏* * * هنالك دونهم حرب رداح‏
و ذكر ابن دريد أن الفطيون اسم عبراني، و كان تملك بيثرب، و كان هذا أول اسم في الجاهلية الأولى، و لقد شهد بعض ولد الفطيون بدرا، و استشهد بعضهم يوم اليمامة، فمن ولد الفطيون: أبو المقشعر، و اسمه اسيد بن عبد اللّه‏ (١)
و يذكر بعضهم أن اسم الفطيون: هو عامر بن عامر بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الحارث بن المحرّق بن عمرو مزيقياء (٢)
فعلى أساس هذه الرواية ليس يهوديا: بل عربيا من اليمن كما ورد أيضا عند الأصمعي في كتابه المخطوط سير الملوك ص ٢٤٧:
و أبو جبيلة عند بعض الاخباريين هو عبيد بن سالم بن مالك بن سالم، أحد بني غضب بن جشم من الخزرج، فهو على أساس هذه الرواية رجل من الخزرج، ذهب إلى ديار الشام، فملك على غسان، و ذهب بعض آخر من الأخباريين إلى أنه لم يكن ملكا، و إنما كان عظيما و مقربا عند ملك غسان" (٣)
و هو رأي نرجحه لأننا لم نسمع بملك غسّاني بهذا الاسم حسب القوائم التي نشرها نولدكة (٤) و نحن لا نريد أن ندخل في تفصيلات و تشعبات تبعدنا عن غاية هذا البحث و هو تاريخ أمراء المدينة في الاسلام، و لكن نحيل القارى‏ء إلى بعض المظان و المصادر ليزداد معرفة بتاريخ المدينة في الجاهلية (٥).
____________
(١)- الاشتقاق ص ٢٥٩
(٢)- نفس المصدر السابق ص ٢٥٩- انظر سيرة ابن هشام ج ١ ص ٥٠٣ أسماء اليهود الذين عاهدهم رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم)، و أنهم من العرب ليس في أسمائهم غرابة، و كذلك ص ٥١٤ المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤١، تاريخ قريش ص ٣٩٩
(٣)- الكامل في التاريخ ج ١ ص ٢٧٦، تاريخ ابن خلدون ج ٢ ص ٢٨٦
(٤)- أمراء غسان ص ١٧ و ما بعدها
(٥)- الاشتقاق ص ٢٧١، معجم البلدان ج ٥ ص ٨٥، معجم البلدان ج ٧ ص ٤٢٨ ط أوربية، الكامل في التاريخ ج ١ ض ٢٧٥، ابن خلدون ج ٢ ص ٢٨٨، لسان العرب ج ٤ ص ١٨، تاج العروس ج ٤ ص ١٠٣ ط مصر، جمهرة أنساب‏
١٧
و الذي يعنينا من البحث أن اليهود قطنوا في يثرب مع الأوس و الخزرج، و لا نعلم المدة التي اشتركوا فيها حكم يثرب منفردين أو مجتمعين، و لكن من المعلوم فيما بعد أن الرسول (صلى اللّه عليه و سلّم) أجلاهم عن يثرب بعد سلسلة من المؤامرات و الدسائس ضد المسلمين‏ (١).
أما صلة الرسول (صلى اللّه عليه و سلّم) بيثرب فيمكن أن نحددها بدءا من تاريخ بيعة العقبة الأولى، حيث عرض الرسول (صلى اللّه عليه و سلّم) نفسه في الموسم عند العقبة، على نفر من الخزرج، و نسوق الحديث:
قال لهم: من أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج، قال: أمن موالي يهود؟ قالوا: نعم، قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلى .. فدعاهم إلى اللّه عز و جل، و عرض عليهم الاسلام و تلا عليهم القرآن. قال: و كان مما صنع اللّه بهم في الاسلام، أن يهود كانوا معهم في بلادهم و كانوا أهل كتاب و علم، و كانوا هم أهل شرك، و أصحاب أوثان، و كانوا قد غزوهم ببلادهم، فكانوا إذا كان بينهم شي‏ء، قالوا لهم: إنّ نبينا مبعوث الآن، قد أطلّ زمانه، نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد و إرم، فلما كلم رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) أولئك النفر، و دعاهم إلى اللّه، قال بعضهم لبعض: يا قوم، تعلموا و اللّه إنه للنبي الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنّكم إليه. فأجابوه فيما دعاهم إليه، بأن صدقوه و قبلوا منه ما عرض عليهم من الاسلام، و قالوا: إنا قد تركنا قومنا، و لا قوم بينهم في العداوة و الشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم اللّه بك، فسنقدم عليه، فندعوهم إلى أمرك، و تعرض عليهم الذي أجبناك إليه في هذا الدين، فإن يجمعهم اللّه عليه فلا رجل أعزّ منك.
ثم انصرفوا عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) راجعين إلى بلادهم، و قد آمنوا و صدقوا.
فلما قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم)، و دعوهم إلى الاسلام حتى فشا فيهم، فلم يبق دار من دور الأنصار إلّا و فيها ذكر من رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم)، و كان نص البيعة: لا نشرك باللّه شيئا، و لا نسرق، و لا نزني، و لا نقتل أولادنا، و لا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا و أرجلنا، و لا نعصيه بمعروف. فإن و فيتم فلكم الجنة، و إن غشيتم من ذلك شيئا، فأمركم إلى اللّه عز و جل إن شاء عذب، و إن شاء غفر.
____________
العرب ص ٣٢٢، العقد الفريد ج ٣ ص ٣٦، ١٥٩، ط اللجنة، السيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٣٤٧، دائرة المعارف الاسلامية ج ٣ ص ١٥٠، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٤ ص ١٢٨ و ما بعدها، المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤١ و ما بعدها، تاريخ قريش د. حسين مؤنس ص ٣٩٩ و ما بعدها.
(١)- انظر تفصيل ذلك عند الواقدي ج ٢ ص ٤٤١ بالاضافة إلى المصادر السابقة.
١٨
و بعث معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، و أراد أن يقرئهم القرآن، و يعلمهم الاسلام، و يفقهم في الدين، فكان يسمى المقرى‏ء بالمدينة، و قيل كان يصلي بهم، لأن الأوس و الخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض" (١)
و كانت بيعة العقبة الثانية خطوة متقدمة و هامة إلى الأمام في مجال انطلاق الدعوة الاسلامية انطلاقة جديدة، و تطورا سيكون له آثاره في المستقبل القريب.
و بدأت طلائع المهاجرين المسلمين تتجه إلى يثرب، بعد أن كانت توجهت إلى الحبشة، و بدأ المجتمع الجديد يتفاعل في عملية مزج و تمازج و تفاعل من أندر ما جرى في التاريخ، و انتهت هذه الهجرة الجماعية بوصول الرسول (صلى اللّه عليه و سلّم)، و بدء تكوين المجتمع الاسلامي لحمته و سداه من قريش و الأوس و الخزرج في مؤاخاة نادرة في الممتلكات، حيث عقب ذلك بناء المسجد النبوي، و تكوين مؤسسات كانت نواة الدولة الاسلامية الجديدة التي تمخض عنها لأول مرة نواة جيش اسلامي كان من نتائجه الانتصار في معركة بدر، حيث عمقّت الدولة الجديدة جذورها في كل أنحاء المدينة و ما حولها، و وصل صدى ذلك إلى كل القبائل العربية. و لعل أبرز ما تمخضت عنه الهجرة هو تلك الوثيقة النادرة التي كتبها الرسول (صلى اللّه عليه و سلّم) بين المهاجرين و أهل المدينة و اليهود و نسوقها نظرا لأهميتها: (٢)

[الوثيقة النادرة التي كتبها الرسول (صلى اللّه عليه و سلّم) بين المهاجرين و أهل المدينة و اليهود]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏
" هذا كتاب من محمد النبي (صلى اللّه عليه و سلّم) بين المؤمنين و المسلمين من قريش و يثرب، و من تبعهم، فلحق بهم، و جاهد معهم إنهم أمه واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على ربعتهم‏ (٣) يتعاقلون: بينهم، و هم يفدون عانيهم بالمعروف و القسط بين المؤمنين، و بنو
____________
(١)- سيرة بن هشام ج ١ ص ٤٢٨ و هناك تفصيلات حول أسماء الذين أسلموا من الأنصار في العقبة الأولى ثم في العقبة الثانية ص ٤٣٨ و حضور عم الرسول (صلى اللّه عليه و سلّم) العباس بن عبد المطلب العقبة الثانية و هو على دين الشرك للاطلاع على الحلف الجديد بين ابن أخيه و أهل يثرب، موسوعة العتبات المقدسة قسم المدينة ص ١٣٧ و ما بعدها. انظر تفصيلات بيعة العقبة الثانية و تفاصيل ذلك في سيرة ابن هشام ج ١ ص ٤٣٨- ٤٦٧ و تفاصيل عن هجرة المسلمين و الرسول (صلى اللّه عليه و سلّم) في نفس المصدر ج ١ ص ٤٦٨- ٥٨٠ و ما بعدها.
(٢)- سيرة ابن هشام ج ١ ص ٥٠١- ٥٠٤، موسوعة العتبات المقدسة- قسم المدينة ص ١٥٧.
(٣)- الربعة: الحال التي جاء الاسلام و هم عليها.
١٩
عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، كل طائفة تفدي بالمعروف و القسط بين المؤمنين، و بنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، و كل طائفة منهم تفدي عما فيها بالمعروف، و القسط بين المؤمنين. و بنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، و كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف و القسط بين المؤمنين، و بنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى.
و كل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف، و القسط بين المؤمنين، و بنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، و كل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف، و القسط بين المؤمنين. و بنو عمرو بن عوف على ربعتها يتعاقلون معاقلهم الأولى، و كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف، و القسط بين المؤمنين.
و بنو النّبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، و كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف، و القسط بين المؤمنين.
و بنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، و كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف و القسط بين المؤمنين، و إنّ المؤمنين لا يتركون مغرما (١) بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل.
و أن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه، و إن المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة (٢) ظلم، أو اثم، أو عدوان، أو فساد بين المؤمنين و إن أيديهم عليه جميعا، و لو كان ولد أحدهم.
و لا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر، و لا ينصر كافرا على مؤمن، و إنّ ذمة اللّه واحدة، يجير عليه أدناهم، و إن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس، و إنه من تبعنا من يهود فإن له النصر و الأسوة، غير مظلومين، و لا متناصرين عليه.
و إنّ سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل اللّه، إلا على سواء و عدل بينهم، و إنّ كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا و إنّ المؤمنين ينبى‏ء بعضهم على بعض، بما نال دماءهم في سبيل اللّه. و إن المؤمنين المتقين على أحسن هدى‏
____________
(١)- المغرم: المثقل بالدّين و الكثير العيال.
(٢)- الدسيعة: العظيمة، و هي في الأصل ما يخرج من حلق البعير إذا رغا، و يراد هنا ما ينال عنهم من ظلم.
٢٠
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تاريخ أمراء المدينة المنورة - عارف أحمد عبد الغني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أمراء عســير ( آل عايض ) وهم من بني امية
» في صحبة الإمام أحمد
» هدم مقام وقبة ولي الله الشيخ الفقيه مزاحم بن أحمد باجابر
» نشأة الدروز وصلتهم بالإِسماعيلية الباطنية الدكتور محّمد أحمد الخطيب
» تاريخ الطبري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
aloqili.com :: منتدي ال البيت النبوي-
انتقل الى: