aloqili.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

aloqili.com

سيرة نبوية - تاريخ القبائل - انساب العقلييين - انساب الهاشمين - انساب المزورين
 
السياسة الدوليةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشيخ عودة
الشيخ عودة
الشيخ عودة



عدد المساهمات : 1748
تاريخ التسجيل : 28/09/2008
العمر : 73

  الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Empty
مُساهمةموضوع: الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية     الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Emptyالثلاثاء نوفمبر 27, 2012 6:15 am



لما فرغ شأن الردة من إفريقية والمغرب وأذعن البربر لحكم الإسلام وملكت العرب واستقل بالخلافة ورياسة العرب بنو أمية اقتعدوا كرسي الملك بدمشق واستولوا على سائر الأمم والأقطار وأثخنوا في القاصية من لدن الهند والصين في المشرق وفرغانة في الشمال والحبشة في الجنوب والبربر في المغرب وبلاد الجلالقة والإفرنجية في الأندلس‏.‏وضرب الإسلام بجرانه وألقت دولة العرب بكلكلها على الأمم‏.‏ثم جدع بنو أمية أنوف بني هاشم مقاسميهم في نسب عبد مناف والمدعين استحقاق الأمر بالوصية‏.‏وتكرر خروجهم عليهم فأثخنوا فيهم بالقتل والأسر حتى توغرت الصدور واستحكمت الأوتار وتعددت فرق الشيعة باختلافهم في مساق الخلافة من علي كرم الله وجهه إلى من بعده من بني هاشم‏:‏ فقوم ساقوها إلى آل العباس وقوم إلى آل الحسن وآخرون إلى آل الحسين فدعت شيعة آل العباس بخراسان وقام بها اليمنية فكانت الدولة العظيمة الحائزة للخلافة ونزلوا بغداد واستباحوا الأمويين قتلاً وسبياً‏.‏وخلص من جاليتهم إلى الأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام فجدد بها دعوة الأمويين واقتطع ما وراء البحر عن ملك الهاشميين فلم تخفق لهم به راية‏.‏ثم نفس آل أبي طالب على آل العباس ما أكرمهم الله به من الخلافة والملك فخرج المهدي محمد بن عبد الله المدعو بالنفس الزكية في بني أبي طالب على أبي جعفر المنصور وكان من أمرهم ما هو مذكور واستلحمتهم جيوش بني العباس في وقائع عديدة‏.‏وفر إدريس بن عبد الله أخو المهدي ناجياً من بعض وقائعهم إلى المغرب الأقصى فأجاره البرابرة من أوروبة ومغيلة وصدينة وقاموا بدعوته ودعوة بنيه من بعده ونالوا به الملك وغلبوا على المغرب الأقصى والأوسط وبثوا دعوة إدريس وبنيه من أهله بعده في أهله من زناتة مثل بني يفرن ومغراوة وقطعوه من ممالك بني العباس واستمرت دولتهم إلى حين انقراضها على يد العبيديين‏.‏ولم يزل الطالبيون أثناء ذلك بالمشرق ينزعون إلى الخلافة ويبثون دعاتهم بالقاصية إلى أن دعا أبو عبد الله المحتسب بإفريقية إلى المهدي ولد إسمعيل الإمام ابن جعفر الصادق فقام برابرة كتامة ومن إليهم من صنهاجة وملكوا إفريقية من يد الأغالبة‏.‏ورجع العرب إلى مركز ملكهم بالمشرق ولم يبق لهم في نواحي المغرب دولة ووضع العرب ما كان على كاهلهم من أمر المغرب ووطأة مضر بعد أن رسخت الملة فيهم وخالطت بشاشة الإيمان قلوبهم واستيقنوا بوعد الصادق أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده‏.‏فلم تنسلخ الملة بانسلاخ الدولة ولا تقوضت مباني الدين بتقويض معالم الملك وعداً من الله لن يخلفه في تمام أمره وإظهار دينه على الدين كله‏.‏فتناغى حينئذ البربر في طلب الملك والقيام بدعوة الأعياص من بني عبد مناف يسترون منها حسوا في ارتغاء إلى أن ظفروا من ذلك بحظ مثل كتامة بإفريقية ومكناسة بالمغرب‏.‏ونافسهم في ذلك زناد وكانوا من أكثرهم جمعاً وأشدهم قوة فشمروا له حتى ضربوا معهم بسهم فكان لي يفرن بالمغرب وإفريقية على يد صاحب الحمار ثم على يد يعلى بن محمد وبنيه ملك ضخم‏.‏ثم كان لمغراوة على يد بني خزر دولة أخرى تنازعوها مع بني يفرن وصنهاجة ثم انقرضت تلك الأجيال وتجرد الملك بالمغرب بعدهم في جيل آخر منهم فكان لبني مرين بالمغرب الأقصى ملك ولبني عبد الواد بالمغرب الأوسط ملك آخر تقاسمهم فيه بنو توجين والفل من مغراوة حسبما نذكر ونستوفي شرحه ونجلب أيامهم وبطونهم على الطريقة التي سلكناها في أخبار البربر والله المعين سبحانه لا رب سواه ولا معبود إلا إياه‏.‏الطبقة الأولى من زناتة بنو يفرن ونبدأ منها ب

الخبر عن بني يفرن وأنسابهم وشعوبهم وبنو يفرن

هؤلاء من شعوب زناتة وأوسع بطونهم وهم عند نسابة زناتة بنو يفرن بن يصلتين بن مسرا بن زاكيا بن ورسيك بن الديرت بن جانا وإخوته مغراوة و يرنيان وبنو واسين والكل بنو يصلتين‏.‏ويفرن في لغة البربر هو القار‏.‏وبعض نسابتهم يقولون إن يفرن هو ابن ورتنيذ بن جانا وإخوته مغراوة وغمرت ووجديجن‏.‏وبعضهم يقول يفرن بن مرة بن ورسيك بن جانا‏.‏وبعضهم يقول هو ابن جانا لصلبه والصحيح ما نقلناه عن أبي محمد بن حزم‏.‏وأما شعوبهم فكثير ومن أشهرهم بنو واركوا ومرنجيصة‏.‏وكان بنو يفرن هؤلاء لعهد الفتح أكبر قبائل زناتة وأشدها شوكة وكان منهم بإفريقية وجبل أوراس والمغرب الأوسط بطون وشعوب فلما كان الفتح غشي إفريقية ومن بها من البربر جنود الله المسلمون من العرب فتطامنوا لبأسهم حتى ضرب الدين بجرانه وحسن إسلامهم‏.‏ولما فشا دين الخارجية في العرب وغلبهم الخلفاء بالمشرق واستلحموهم نزعوا إلى القاصية وصاروا يبثون بها دينهم في البربر فتلقفه رؤساؤهم على اختلاف مذاهبه باختلاف رؤوس الخارجية في أحكامهم من أباضية وصفرية وغيرهما كما ذكرناه في بابه ففشا في البربر وضرب فيه يفرن هؤلاء بسهم وانتحلوه وقاتلوا عليه‏.‏وكان أول من جمع لذلك منهم أبو قرة من أهل المغرب الأوسط‏.‏ثم من بعده أبو يزيد صاحب الحمار وقومه بنو واركوا ومرنجيصة‏.‏ثم كان لهم بالمغرب الأقصى من بعد الانسلاخ من الخارجية

الخبر عن أبي قرة وما كان لقومه من الملك بتلمسان ومبدأ ذلك ومصادره

كان من بني يفرن بالمغرب الأوسط بطون كثيرة بنواحي تلمسان إلى جبل بني راشد المعروف بهم لهذا العهد وهم الذين اختطوا تلمسان كما نذكره في أخبارها‏.‏وكان رئيسهم لعهد انتقال الخلافة من بني أمية إلى بني العباس أبو قرة ولا نعرف من نسبه أكثر من أنه منهم‏.‏ولما انتقض البرابرة بالمغرب الأقصى وقام ميسرة وقومه بدعوة الخارجية وقتله البرابرة قدموا على أنفسهم مكانه خالد برت حميد من زناتة فكان من حروبه مع كلثوم بن عياض وقتله إياه ما هو معروف‏.‏ورأس على زناتة من بعده أبو قرة هذا‏.‏ولما استأثلت دولة بني أمية كثرت الخارجية في البربر وملك ورفجومة القيروان وهوارة وزناتة طرابلس ومكناسة سجلماسة وابن رستم تاهرت وقدم ابن الأشعث إفريقية من قبل أبي جعفر المنصورة وخافه البربر فحسم العلل وسكن الحروب‏.‏ثم انتقض بنو يفرن تلمسان ودعوا إلى الخارجية وبايعوا أبا قرة كبيرهم بالخلافة سنة ثمان وأربعين ومائة وسرح إليهم ابن الأشعث الأغلب بن سوادة التميمي فانتهى إلى الزاب‏.‏وفر أبو قرة إلى المغرب الأقصى ثم راجع موطنه بعد رجوع الأغلب‏.‏ولما انتقض البرابرة على عمر بن حفص بن أبي صفرة الملقب ‏"‏ هزارمرد ‏"‏ عام خمسين ومائة وحاصروه بطبنة كان فيمن حاصره أبو قرة اليفرني في أربعين ألفاً صفرية من قومه وغيرهم حتى اشتد عليه الحصار وداخل أبا قرة في الإفراج عنه على يد ابنه على أن يعطيه أربعين ألفا ولابنه أربعة آلاف فارتحل بقومه وانفض البرابرة عن طبنة‏.‏ثم حاصروه بعد ذلك بالقيروان واجتمعوا عليه وأبو قرة معهم بثلثمائة وخمسين ألفا‏:‏ الخيالة منها خمسة وثمانون ألفا‏.‏وهلك عمر بن حفص في ذلك الحصار‏.‏وقدم يزيد بن حاتم والياً على إفريقية ففض جموعهم وفرق كلمتهم ولحق أبو قرة ببني يفرن أصحابه بمواطنهم من تلمسان بعد أن قتل صاحبه أبو حاتم الكندي رأس الخوارج واستلحم بن يفرن وتوغل يزيد بن حاتم في المغرب ونواحيه وأثخن في أهله إلى أن استكانوا واستقاموا‏.‏ولم يكن لبني يفرن من بعدها انتقاض حتى كان شأن أبي يزيد بإفريقية في بني واركوا ومرنجيصة حسبما نذكره إن شاء الله تعالى الكريم‏.‏وبعض المؤرخين ينسب أبا قرة هذا إلى مغيلة ولما أظفر بصحيح في ذلك والطرائق متساوية في الجانبين فإن نواحي تلمسان وإن كانت موطنا لبني يفرن فهي أيضاً موطن لمغيله والقبيلتان متجاورتان‏.‏لكن بني يفرن كانوا أشد قوة وأكثر جمعاً ومغيلة أيضاً كانوا أشهر بالخارجية من بني يفرن لأنهم كانوا صفرية‏.‏وكثير من الناس يقولون إن بني يفرن كانوا على مذهب أهل السنة كما ذكره ابن حزم وغيره والله أعلم‏.‏هذا الرجل من بني واركوا إخوة مرنجيصة وكلهم من بطون بني يفرن وكنيته أبو زيد واسمه مخلد بن كيداد لا يعلم من نسبه فيهم غير هذا‏.‏وقال أبو محمد بن حزم‏:‏ ذكر لي أبو يوسف الوراق عن أيوب بن أبي يزيد أن اسمه مخلد بن كيداد بن سعد الله بن مغيث بن كرمان بن مخلد بن عثمان بن ورينت بن حونيفر بن سميران بن يفرن بن جانا وهو زناتة‏.‏قال‏:‏ وقد أخبرني بعض البربر بأسماء زائدة بين يفرن وجانا كلام ابن حزم‏.‏ونسبه ابن الرقيق أيضاً في بني واسين بن ورسيك بن جانا وقد تقدم نسبهم أول الفصل‏.‏وكان كيداد أبوه يختلف إلى بلاد السودان في التجارة فولد له أبو يزيد بكر كوامن بلادهم وأمه أم ولد اسمها سبيكة ورجع به إلى قيطون زناتة ببلاد قصطيلة‏.‏ونزل توزر متردداً بينها وبين تقيوس وتعلم القرآن وتأدب وخالط النكارية فمال إلى مذاهبهم وأخذها عنهم ورأس فيها ورحل إلى مشيختهم‏.‏وأخذ عن أبي عبيدة منهم أيام اعتقال عبيد الله المهدي بسجلماسة‏.‏

ومات أبوه كيداد وتركه على حال من الخصاصة والفقر فكان أهل القيطون يصلونه بفضل أموالهم وكان يعلم صبيانهم القرآن ومذاهب النكارية‏.‏واشتهر عنه تكفير أهل الملة وسب علي فخاف وانتقل إلى تقيوس‏.‏وكان يختلف بينها وبين توزر وأخذ نفسه بالتغيير على الولاة‏.‏ونمي عنه اعتقاد الخروج عن السلطان فنذر الولاة بقسطيلة دمه فخرج إلى الحج سنة عشر وثلثمائة وأرهفه الطلب فرجع من نواحي طرابلس إلى تقيوس‏.‏ولما هلك عبد الله أوعز إلى أهل قسطيلة في القبض عليه فلحق بالمشرق وقضى الفرض وانصرف إلى موطنه‏.‏ودخل توزر سنة خمس وعشرين مستتراً‏.‏وسعى به ابن فرقان عند والي البلد فتقبض عليه واعتقله وأقبل سرعان زناتة إلى البلد ومعهم أبو عمار الأعمى رأس النكارية واسمه كما سبق عبد الحميد‏.‏وكان ممن أخذ عنه أبو يزيد فتعرضوا للوالي في إطلاقه فتعلل عليهم بطلبه في الخراج فاجتمعوا إلى فضل ويزيد ابني أبي يزيد وعمدوا إلى السجن فقتلوا الحرس وأخرجوه فلحق ببلد بني واركلا وأقام بها سنة يختلف إلى جبل أوراس وإلى بني برزال في مواطنهم بالجبال قبالة المسيلة وإلى بني زنداك من مغراوة إلى أن أجابوه فوصل إلى أوراس ومعه أبو عمار الأعمى في اثني عشر من الراحلة‏.‏ونزلوا على النكارية بالنوالات واجتمع إليه القرابة وسائر الخوارج وأخذ له البيعة عليهم أبو عمار صاحبه على قتال الشيعة وعلى استباحة الغنائم والسبي وعلى أنهم إن ظفروا بالمهدية والقيروان صار الأمر شورى وذلك سنة إحدى وثلاثين‏.‏وترصدوا غيبة صاحب باغاية في بعض وجوهه فضربوا على بسيطها واستباح بعض القصور بها سنة اثنتين وثلاثين وغمس بذلك أيدي البربر في الفتنة‏.‏ثم زحف بهم إلى باغاية واستولت عليه وعلى أصحابه الهزيمة فلحقوا بالجبل‏.‏وزحف إليهم صاحب باغاية فانهزم ورجع إلى بلده فحاصره أبو يزيد وأوعز أبو القاسم القائم إلى كتامة في أمداد كنون صاحب باغاية فتلاحقت به العساكر فبيتهم أبو يزيد وأصحابه ففلوهم وامتنعت عليه باغاية‏.‏وكاتب أبو يزيد البربر الذين حول قسطيلة من بني واسين وغيرهم فحاصروا توزر سنة ثلاث وستين ورحل إلى تبسة فدخلها صلحاً ثم إلى بجاية كذلك ثم إلى مرماجنة كذلك وأهدوا له حماراً أشهب فلزم ركوبه حتى اشتهر به‏.‏وبلغ خبره عساكر كتامة بالإربس فانفضوا وملك الإربض وقتل إمام الصلاة بها‏.‏وبعث عسكراً إلى تبسة فملكوها وقتلوا عاملها‏.‏وبلغ الخبرالقائم وهو بالمهدية فهاله وسرح العساكر لضبط المدن والثغور وسرح مولاه بشرى الصقلبي إلى باجة وعقد لميسور على الجيوش فعسكر بناحية المهدية‏.‏وسرح خليل بن إسحق إلى القيروان فعسكر بها‏.‏وزحف أبو يزيد إلى بشرى بباجة واشتدت الحرب بينهم وركب أبو يزيد حماره وأمسك عصاه فاستمات النكارية وخالفوا بشرى إلى معسكره فانهزم إلى تونس‏.‏واقتحم أبو يزيد باجة واستباحها ودخل بشرى إلى تونس وارتدت البرابر من كل ناحية فأسلم تونس ولحق بسوسة‏.‏واستأمن أهل تونس إلى أبي يزيد فأمنهم وولى عليهم وانتهى إلى وادي مجردة فعسكر بها‏.‏ووافته الحشود هنالك ورعب الناس منه فأجفلوا إلى القيروان وكثرت الأراجيف وسرب أبو يزيد جيوشه في نواحي إفريقية فشنوا الغارات وأكثروا السبي والقتل والأسر‏.‏ثم زحف إلى رقادة فانفض كتامة الذين كانوا بها ولحقوا بالمهدية‏.‏ونزل أبو يزيد رقادة في مائة ألف‏.‏ثم زحف إلى القيروان فانحصر بها خليل بن إسحق‏.‏ثم أخذه بعد مراوضة في الصلح وهم بقتله فأشار عليه أبو عمار باستبقائه فلم يطعه وقتله ودخلوا القيروان فاستباحوها ولقيه مشيخة الفقهاء فأمنهم بعد التقريع والعتب وعلى أن يقتلوا أولياء أشيعة‏.‏وزحف وبعث رسله في وفد من أهل القيروان إلى الناصر الأموي صاحب قرطبة ملتزماً لطاعته والقيام لدعوته وطالباً لمدده فرجعوا إليه بالقبول والوعد‏.‏ولم يزل يردد ذلك سائر أيام الفتنة حتى أوفد ابنه أيوب في آخرها سنة خمس وثلاثين فكان له اتصال الناصر سائر أيامه‏.‏وزحف ميسور من المدية بالعساكر وفر عنه بنو كملان من هوارة ولحقوا بأبي يزيد وحرضوه على لقاء ميسور فزحف إليه واستوى اللقاء‏.‏واستمات أبو يزيد والنكارية فانهزم ميسور وقتله بنو كملان وبعث برأسه إلى القيروان ثم إلى المغرب واستبيح معسكره‏.‏وسرح أبو يزيد عساكره إلى مدينة سوسة فاقتحموها عنوة وأكثروا من القتل والمثلة‏.‏وعظم القتل بضواحي إفريقية وخلت القرى والمنازل ومن أفلته السيف أهلكه الجوع واستخف أبو يزيد بالناس بعد قتل ميسور فلبس الحرير وركب الفاره‏.‏ونكر عليه أصحابه ذلك وكاتبه به رؤساؤهم من البلاد والقائم خلال ذلك بالمهدية يخندق على نفسه ويستنفر كتامة وصنهاجة للحصار معه‏.‏وزحف أبو يزيد حتى نزل المهدية وناوش عساكرها الحرب فلم يزل الظهور عليهم وملك زويلة‏.‏ولما وقف بالمصلى قال القائم لأصحابه‏:‏ من ههنا يرجع واتصل حصاره للمهدية واجتمع إليه البربر من قابس وطرابلس ونفوسة‏.‏وزحف إليهم ثلاث مرات فانهزم في الثالثة ولم يقلع وكذلك في الرابعة‏.‏واشتد الحصار على أهل المهدية ونزل الجوع بهم‏.‏واجتمعت كتابة بقسنطينة وعسكروا بها لإمداد القائم فسرح إليهم أبو يزيد يكموس المزاتي من ورفجومة فانفض معسكر كتامة من قسنطينة‏.‏ويئس القائم من مددهم وتفرقت عساكر أبي يزيد في الغارات والنهب فخف المعسكر ولم يبق به إلا هوارة وراس وبنو كملان‏.‏وكثرت مراسلات القائم للبربر‏.‏واستراب بهم أبو يزيد وهرب بعضهم إلى المهدية ورحل آخرون إلى مواطنهم فأشار عليه أصحابه بالإفراج عن المهدية فأسلموا معسكرهم ولحقوا بالقيروان سنة أربع وثلاثين‏.‏ودبروا أهل القيروان في القبض عليه فلم يتهيأ لهم وعذله أبو عمار فيما أتاه من الاستكثار من الدنيا فتاب وأقلع وعاود لبس الصوف والتقشف‏.‏وشاع خبر إجفاله عن المهدية فقتل النكارية في كل بلد وبعث عساكره فعاثوا في النواحي وأوقعوا بأهل الأمصار وخربوا كثيراً منها‏.‏وبعث ابنه أيوب إلى باجة فعسكر بها ينتظر وصول المدد من البربر وسائر النواحي فلم يفجأه إلا وصول علي بن حمدون الأندلسي صاحب المسيلة في حشد كتامة وزواوة وقد مر بقسنطينة والإربس وسقنبارية واصطحب منها العساكر فبيته أيوب وانفض معسكره وتردى به فرسه في بعض الأوعار فهلك‏.‏ثم زحف أيوب في عسكره إلى تونس وقائدها حسن بن علي من دعاة الضيعة فانهزم ثم أتيحت له الكرة‏.‏ولحق حسن بن علي ببلد كتامة فعسكر بهم على قسنطينة‏.‏وسرح أبو يزيد جموع البربر لحربه‏.‏ثم اجتمعت لأبي يزيد حشود البربر من كل ناحية وثابت إليه قوته‏.‏وارتحل إلى سوسة فحاصرها ونصب عليها المجانيق‏.‏وهلك القائم سنة أربع وثلاثين في شوال وصارت الخلافة لابنه إسمعيل المنصور فبعث بالمدد إلى سوسة بعد أن اعتزم على الخروج إليها بنفسه فمنعه أصحابه‏.‏ووصل المدد إلى سوسة فقاتلوا أبا يزيد فانهزم ولحق بالقيروان فامتنعت عليه فاستخلص صاحبه أبا عمار أيديهم وارتحل عنهم‏.‏وخرج المنصور من المهدية إلى سوسة ثم إلى القيروان فملكها وعفا عن أهلها وأمنهم وأحسن في مخلف أبي يزيد وعياله‏.‏وتوافى المدد إلى أبي يزيد ثالثة فاعتزم على حصار القيروان وزحف إلى عسكر المنصور بساحتها فبيتهم واشتد الحرب واستمات الأولياء وافترقوا آخر نهارهم وعاودوا الزحف مرات ووصل المدد إلى المنصور من الجهات‏.‏حتى إذا كان منتصف المحرم كان الفتح وانهزم أبو يزيد وعظم القتل في البربر ورحل المنصور في أتباعه فمر بسبيبة ثم تبسه حتى انتهى إلى باغايه‏.‏ووافاه بها كتاب محمد بن خزر بالطاعة والولاية والاستعداد للمظاهرة فكتب إليه بترصد أبى يزيد والقبض عليه ووعده في ذلك بعشرين حملا من المال‏.‏ثم رحل إلى طبنة فوافاه بها جعفر بن على عامل المسيلة بالهدايا والأموال‏.‏وبلغه أن أبا يزيد نزل بسكرة وأنه كاتب محمد بن خزر يسأله النصرة فلم يجد عنده ما يرضيه فارتحل المنصور إلى بسكرة فتلقاه أهلها‏.‏وفر أبو يزيد إلى بني برزال بجبل سالات ثم إلى جبل كتامة وهو جبل عياض لهذا العهد وارتحل المنصور في أثره إلى ومرة وبيته أبو يزيد هنالك فانهزم ولم يظفر وانحاز إلى جبل سالات‏.‏ثم لحق بالرمال ورجع عنه بنو كملان وأمنهم المنصور على يد محمد بن خزر‏.‏وسار المنصور في التعبية حتى نزل جبل سالات وارتحل وراءه إلى الرمال‏.‏ثم ودخل بلاد صنهاجة وبلغه رجوع أبي زيد إلى جبل كتامة فرجع إليه ونزل عليه المنصور في كتامة وعجيسة وزواوة وحشد بني زنداك ومزاتة ومكناسة ومكلاتة‏.‏وتقدم سور إليه فقاتلوا أبا يزيد وجموع النكارية فهزموهم واعتصموا بجبل كتامة‏.‏ورحل صور إلى المسيلة وانحصر أبو يزيد في قلعة الجبل وعسكر المنصور إزاءها واشتد الحصار وزحف إليها مرات‏.‏ثم اقتحمها عليهم فاعتصم أبو يزيد بقصر في ذروة القلعة فأحيط به واقتحم وقتل أبو عمار الأعمى ويكموس المزاتي ونجا أبو يزيد مثخناً بالجراحة محمولاً بين ثلاثة من أصحابه فسقط في مهواة من الأوعار فوهن وسيق من الغداة إلى المنصور فأمر بمداواته‏.‏ثم أحضره ووبخه وأقام الحجة عليه وتجافى عن دمه‏.‏وبعثه إلى المهدية وفرض له بها الجراية فجزاه خيراً‏.‏وحمل في القفص فمات من جراحته سنة خمس وثلاثين‏.‏وأمر به فسلخ وحشي جلده بالتبن وطيف به في القيروان‏.‏وهرب الفل من أصحابه إلى ابنه فضل وكان مع معبد بن خزر فأغاروا على ساقة المنصور وكمن لهم زيري بن مناد أمير صنهاجة فأوقع بهم‏.‏ولم يزل المنصور في أتباعه إلى أن نزل المسيلة قطع أثر معبد ووافاه بمعسكره هنالك انتقاض حميد بن يصل عامل تيهرت من يائهم وأنه ركب البحر من تنس إلى العدوة فارتحل إلى تيهرت وولي عليها وعلى تنس‏.‏ثم قصد لواتة فهربوا إلى الرمال‏.‏ورجع إلى إفريقية سنة خمس وثلاثين‏.‏ثم بلغه فضل بن أبي يزيد أغار على جهات قسطيلة فرحل من سنته في طلبه وانتهى إلى قفصة ثم ارتحل إلى ميطلة من أعمال الزاب وفتح حصن ماداس مما يليه‏.‏وهرب فضل في الرمال فأعجزه ورجع إلى القيروان سنة ست وثلاثين‏.‏ومضى فضل إلى جبل أوراس سار منه إلى باغاية فحاصرها‏.‏وغدر به ماطيط بن يعلى من أصحابه وجاء برأسه إلى منصور وانقرض أمر أبي يزيد وبنيه وافترقت جموعهم‏.‏واغتال عبد الله بن بكار من رؤساء مغراوة بعد ذلك أيوب بن أبي يزيد وجاء برأسه إلى المنصور متقرباً إليه‏.‏وتتبع المنصور قبائل بني يفرن بعدها إلى أن انقطع أثر الدعوة‏.‏والبقاء لله تعالى وحده‏.‏

الخبر عن الدولة الأولى لبني يفرن بالمغرب الأوسط والأقصى ومبادىء أمورهم ومصايرهم

كان لبني يفرن من زناتة بطون كثيرة وكانوا متفرقين بالمواطن فكان منهم بإفريقية بنو واركوا ومرنجيصة وغيرهم كما قدمناه وكان منهم بنواحي تلمسان ما بينها وبين تاهرت أمم كثير عددهم وهم الذين اختطوا مدينة تلمسان كما نذكره بعد‏.‏ومنهم أبو قرة المنتزي بتلك الناحية لأول الدولة العباسية وهو الذي حاصر عمر بن حفص بطبنة كما تقدم ولما انقرض أمر أبي يزيد وأثخن المنصور فيمن كان بإفريقية من بني يفرن أقام هؤلاء الذين كانوا بنواحي تلمسان على وفودهم‏.‏وكان رئيسهم لعهد أبي يزيد محمد بن صالح‏.‏ولما تولى المنصور محمد بن خزر وقومه مغراوة وكان بينه وبين بني يفرن هؤلاء فتنة هلك فيها محمد بن صالح على يد عبد الله بن بكار من بني يفرن كان متحيزاً إلى مغراوة‏.‏وولي أمره في بني يفرن من بعده ابنه يعلى فعظم صيته واختط مدينة إيفكان‏.‏ولما خطب عبد الرحمن الناصر طاعة الأموية من زناتة أهل العدوة واستالف ملوكهم سارع يعلى لإجابته واجتمع عليها مع الخير بن محمد بن خزر وقومه مغراوة وأجلب على وهران فملكها سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة من يد محمد بن عون وكان ولاه عليها صولات اللميطي أحد رجالات كتامة سنة ثمان وتسعين ومائتين فدخلها يعلى عنوة على بنيه وخربها‏.‏وكان يعلى قد زحف مع الخير بن محمد إلى تاهرت وبرز إليه ميسور الخصي في شيعته من لماية فهزموهم وملكوا تاهرت وتقبضوا على ميسور وعبد الله بن بكار فبعث به الخير إلى يعلى بن محمد ليثأر به فلم يرضه كفؤاً لدمه ودفعه إلى من ثأر به من بني يفرن‏.‏واستفحل سلطان يعلى في ناحية المغرب وخطب على منابرها لعبد الرحمن الناصر ما بين تاهرت إلى طنجة‏.‏واستدعى من الناصر تولية رجال بيته على أمصار المغرب‏:‏ فعقد على فاس لمحمد بن الخير بن محمد بن عشيرة ونسك محمد لسنة من ولايته واستأذن في الجهاد والرباط بالأندلس فأجاز لذلك واستخلف على عمله ابن عمه أحمد بن عثمان بن سعيد وهو الذي اختط مأذنة القرويين سنة أربع وأربعين كما ذكرناه‏.‏ولم يزل سلطان يعلى بن محمد بالمغرب عظيماً إلى أن أغزى المعز لدين الله كاتبه جوهر الصقلي من القيروان إلى المغرب سنة سبع وأربعين‏.‏فلما فصل جوهر بالجنود عن تخوم إفريقية بادر أمير زناته بالمغرب يعلى بن محمد اليفرني إلى لقائه والإذعان لطاعته والانحياش إليه ونبذ عهد الأموية وأعمل إلى لقيه الرحلة من بلده إيفكان وأعطاه يد الانقياد‏.‏وعهد البيعة عن قومه بني يفرن وزناتة فتقبلها جوهر وأضمر الفتك به وتخير لذلك يوم فصوله من بلده‏.‏وأسر إلى بعض مستخلصيه من الأتباع فأوقعوا نفرة في أعقاب العسكر طار إليها الزعماء من كتامة وصنهاجة وزناتة وتقبض على يعلى فهلك في وطيس تلك الهيعة فغص بالرماح على أيدي رجالات كتامة وصنهاجة وذهب دمه هدراً في القبائل‏.‏وخرب جوهر مدينة إيفكان وفرت زناتة أمامه وكشف القناع في مطالبتهم‏.‏وقد ذكر بعض المؤرخين أن يعلى إنما لقي جوهراً عند منصرفه من الغزاة بمدينة تاهرت وهنالك كان فتكه به بناحية شلف فتفرقت بعدها جماعة بني يفرن وذهب ملكهم فلم يجتمعوا إلا بعد حين على ابنه بدوي بالمغرب كما نذكره‏.‏ولحق الكثير منهم بالأندلس كما يأتي خبره في موضعه وانقرضت دولة بني يفرن هؤلاء إلى أن عادت بعد مدة على يد يعلى بفاس‏.‏ثم استقرت آخراً بسلا وتعاقبت فيهم هنالك إلى الدولة الثانية لبني يفرن

الخبر عن الدولة الثانية لبني يفرن بسلا من المغرب الأقصى وأولية ذلك وتصاريفه

لما أوقع جوهر الكاتب قائد المعز بيعلى بن محمد أمير بني يفرن وملك المغرب سنة سبع وأربعين كما ذكرناه وتفرقت جموع بني يفرن لحق ابنه بدوي بن يعلى بالمغرب الأقصى وأحس بجوهر من ورائه فأبعد المفر وأصحر إلى أن رجع جوهر من المغرب‏.‏ويقال إن جوهراً تقبض عليه واحتمله أسيراً فاعتقل إلى أن فر من معتقله بعد حين واجتمع عليه قومه من بني يفرن‏.‏وكان جوهر عند منصرفه من المغرب ولى على الأدارسة المتحيزين إلى الريف وبلاد غمارة الحسن بن كنون شيخ بني محمد منهم فنزل البصرة‏.‏وأجاز الحكم المستنصر لأول ولايته سنة خمس وثلثمائة وزيره محمد بن قاسم بن طملس في العساكر لتدويخ المغرب فجمع له الحسن بن كنون وأوقع به ورجع إلى الأندلس مفلولا فسرح الحكم فولاه غالباً لتدويخ المغرب واقتلاع جرثومة الأدارسة فأجاز في العساكر وغلبهم على بلادهم وأزعجهم جميعاً عن المغرب إلى الأندلس سنة خمس وستين كما ذكرناه‏.‏ومهد دعوة الأموية بالمغرب وأقفل الحكم مولاه غالبا ورده إلى الثغر لسده وعقد على المغرب ليحيى بن محمد بن هاشم التجيبي صاحب الثغر الأعلى وكان أجازه مدداً لغالب في رجال العرب وجند الثغور حتى إذا انغمس الحكم في علة الفالج وركدت ريح المروانية بالمغرب واحتاجت الدولة إلى رجالها لسد الثغور ودفاع العدو استدعى يحيى بن محمد بن هاشم من العدوة وأداله الحاجب المصحفي بجعفر بن علي بن حمدون أمير الزاب والمسيلة النازع إليهم من دعوة الشيعة وجمعوا بين الانتفاع به في العدوة والراحة مما يتوقع منه على الدولة ومن البرابرة في التياث الخلافة لما كانوا أصاروا إليه من النكبة وطوقوه من المحنة‏.‏ولما كان اجتمع بقرطبة من جموع البرابرة فعقدوا له ولأخيه يحيى على المغرب وخلعوا عليهما وأمكنوهما من مال دثر وكسي فاخرة للخلع على ملوك العدوة فنهض جعفر إلى المغرب سنة خمس وستين وضبطه‏.‏واجتمع إليه ملوك زناتة مثل بدوي بن يعلى أمير بني يفرن وابن عمه نوبخت بن عبد الله بن بكار ومحمد بن الخير بن خزر وابن عمه بكساس بن سيد الناس وزيري بن خزر وزيري ومقاتل ابنا عطية بن تبادلت وخزرون بن محمد وفلفول بن سعيد أمير مغراوة وإسمعيل بن البوري أمير مكناسة ومحمد بن عمه عبد الله بن مدين وخزرون بن محمد الأزداجي وكان بدوي بن يعلى من أشدهم قوة وأحسنهم طاعة‏.‏ولما هلك الحكم وولي مكانه هشام المؤيد‏.‏وانفرد محمد بن أي عامر بحجابته اقتصر من العدوة لأول قيامه على مدينة سبتة فضبطها بجند السلطان ورجال الدولة وقلدها الصنائع من أرباب السيوف والأقلام وعول في ضبط ما وراء ذلك على ملوك زناتة وتعهدهم بالجوائز والخلع وصار إلى إكرام وفودهم وإثبات من رغب في الإثبات في ديوان السلطان منهم فجردوا في ولاية الدولة وبث الدعوة‏.‏وفسد ما بين أمير العدوة جعفر بن علي وأخيه يحيى واقتطع يحيى مدينة البصرة لنفسه وذهب بأكثر الرجال‏.‏ثم كانت على جعفر النكبة التي نكبه برغواطة في غزاته إياهم واستدعاه محمد بن أبي عامر لأول أمره لما رآه من استقامته إليه وشد أزره به وتلوى عليه كراهية لما يلقى بالأندلس من الحكم‏.‏ثم أصلحه وتخلى لأخيه عن عمل المغرب وأجاز البحر إلى ابن أبي عامر فحل منه بالمكان الأثير وتناغت زناتة في التزلف إلى الدولة بقرب الطاعات فزحف خزرون بن فلفول سنة ست وستين إلى مدينة سجلماسة فافتتحها ومحا أثر دولة آل مدرار منها وعقد له المنصور عليها كما ذكرنا ذلك قبل‏.‏وزحف عقب هذا الفتح بلكين بن ريري قائد إفريقية للشيعة إلى المغرب سنة تسع وستين زحفه المشهور‏.‏وخرج محمد بن أبي عامر من قرطبة إلى الجزيرة لمدافعته بنفسه واحتمل من بيت المال مائة حمل ومن العساكر ما لا يحصى عده‏.‏وأجاز جعفر بن علي بن حمدون إلى سبتة وانضمت إليه ملوك زناتة ورجع بكلين عنهم إلى برغواطة إلى أن هلك سنة ثلاث وسبعين ورجع جعفر إلى مكانه من ابن أبي عامر لم يسمح بمقامه عنه‏.‏ووصل حسن بن كنون خلال ذلك من القاهرة بكتاب عبد العزيز بن نزار بن معد إلى بلكين صاحب إفريقية في إعانته على ملوك المغرب وإمداده بالمال والعساكر فأمضاه بلكين لسبيله وأعطاه مالاً ووعده بإضعافه‏.‏ونهض إلى المغرب فوجد طاعة المروانية قد استحكمت فيه‏.‏وهلك بلكين إثر ذلك وشغل ابنه المنصور عن شأنه فدعا الحسن بن كنون إلى نفسه فدعا أبو محمد بن أبي عامر ابن عمه محمد بن عبد الله ويلقب عسكلاجة لحربه سنة خمس وسبعين‏.‏وجاء أثره إلى الجزيرة كيما يشارف القصة وأحيط بالحسن بن كنون فسأل الأمان وعقد له مقارعه عمر وعسكلاجة وأشخصه إلى الحضرة فلم يمض ابن أبي مر أمامه ورأى أن لا ذمة له لكثرة نكثه فبعث من ثقاته من أتاه برأسه وانقرض أمر الأدارسة وانمحى أثرهم فأغضب عمر وعسكلاجة لذلك‏.‏واستراح إلى الجند بأقوال نميت عنه إلى المنصور فاستدعاه من العدوة وألحقه بمقتوله ابن كنون‏.‏وعقد على العدوة للوزير حسن بن أحمد بن الورود السلمي وأكثف عدده وأطلق في المال يده‏.‏ونفذ إلى عمله سنة ست فضبط المغرب أحسن ضبط وهابته البرابرة ونزل فاس من العدوة فعز سلطانه وكثر جمعه وانضم إليه ملوك النواحي حتى حذر ابن أبي عامر مغبة استقلاله واستدعاه ليبلو صحة طاعته فأسرع اللحاق به فضاعف تكرمته وأعاده إلى عمله‏.‏وكان بدوي بن يعلى هذا من بين ملوك زناتة كثير الاضطراب على الأموية والمراوغة لهم بالطاعة‏.‏وكان المنصور بن أبي عامر يضرب بينه وبين قرينه زيري بن عطية ويقرن كلاً منهما بمناغاة صاحبه في الاستقامة وكان إلى زيري أميل وبطاعته أوثق لخلوصه وصدق طويته وانحياشه فكان يرجو أن يتمكن من قياد بدوي بن يعلى بمناغاته‏.‏فاستدعى بزيري بن عطية إلى الحضرة سنة سبع وسبعين فبادر إلى القدوم عليه وتلقاه وأكبر موصله وأحسن مقامه ومنقلبه وأعظم جائزته وسام بدوي مثلها فامتنع وقال لرسوله قل لابن أبي عام‏:‏ متى عهد حمر الوحش تنقاد للبياطرة وأرسل عنانه في العيث والفساد ونهض إليه صاحب المغرب الوزير حسن بن عبد الودود في عساكره وجموعه من جند الأندلس وملوك العدوة مظاهراً عليه لعدوه وزيري بن عطية وجمع لهم بدوي ولقيهم سنة إحدى وثمانين فكان الظهور له‏.‏وانهزم عسكر السلطان وجموع مغراوة واستلحموا وجرح الوزير حسن بن عبد الودود جراحات كان فيها لليال مهلكه‏.‏وطار الخبر إلى ابن أبي عامر فاغتم لذلك وكتب إلى زيري بضبط فاس ومكاتبة أصحاب حسن وعقد له على المغرب كما نستوفي ذكره عند دولتهم‏.‏وغالبه بدوي عليها مرة بعد أخرى ونزع أبو البهار بن زيري بن مناد الصنهاجي عن قومه ولحق بسواحل تلمسان ناقضاً لطاعة الشيعة وخارجاً على ابن أخيه المنصور بن بلكين صاحب القيروان‏.‏وخاطب ابن أبي عامر من وراء البحر وأوفد عليه ابن أخيه ووجوه قومه فسرب إليه الأموال والصلات بفاس مع زيري حسبما نذكره وجمع أيديهما على مدافعة بدوي فساء أمره فيهما جميعاً إلى أن راجع أبو البهار ولاية منصور ابن أخيه كما نذكره بعد‏.‏وحاربه زيري فكان له الظهور عليه ولحق أبو البهار بسبتة‏.‏ثم عاد إلى قومه‏.‏واستفحل زيري من بعد ذلك وكانت بينه وبين بدوي وقعة اكتسح زيري من ماله ومعسكره مالا كفؤ له وسبى حرمه‏.‏واستلحم من قومه زهاء ثلاثة آلاف فارس‏.‏وخرج إلى الصحراء شريداً سنة ثلاث وثمانين‏.‏وهلك هناك فولي أمره في قومه حبوس ابن أخيه زيري بن يعلى ووثب به ابن عمه أبو يداس بن دوناس فقتله طمعاً في الرياسة من بعده واختلف عليه قومه فأخفق أمله وعبر البحر إلى الأندلس في جمع عظيم من قومه‏.‏وولي أمر بني يفرن من بعده حمامة بن زيري بن يعلى أخو حبوس المذكور فاستقام عليه أمر بني يفرن وقد مر ذكره في خبر بدوي غير مرة وأنه كانت الحرب بينه وبين زيري بن عطية سجالاً وكانا يتعاقبان ملك فاس بتناول الغلب‏.‏وأنه لما وفد زيري على المنصور خالفه بدوي إلى فاس فملكها وقتل بها خلقاً من مغراوة وأنه لما رجع زيري اعتصم بفاس فنازله زيري‏.‏وهلك من مغراوة وبني يفرن في ذلك الحصار خلق‏.‏ثم اقتحمها زيري عليهم عنوة فقتله وبعث برأسه إلى سدة الخلافة بقرطبة سنة ولما اجتمع بنو يفرن على حمامة تحيز بهم إلى ناحية شاله من المغرب فملكها وما إليها من تادلا واقتطعها من زيري ولم يزل عميد بني يفرن في تلك العمالة والحرب بينه وبين زيري ومغراوة متصلة‏.‏وكانت بينه وبين المنصور صاحب القيروان مهاداة فأهدى إليه وهو محاصر لعمه حماد بالقلعة سنة ست وأربعمائة وأوفد بهديته أخاه زاوي بن زيري فلقيه بالطبول والبنود‏.‏ولما هلك حمامة قام بأمر بني يفرن من بعده أخوه الأمير أبو الكمال تميم بن زيري بن يعلى فاستبد بملكهم وكان مستقيما في دينه مولعاً بالجهاد فانصرف إلى جهاد برغواطة وسالم مغراوة وأعرض عن فتنتهم‏.‏ولما كانت أربع وعشرين وأربعماية تجددت العداوة بين هذين الحيين بني يفرن ومغراوة وثارت الإحن القديمة وزحف أبو الكمال صاحب شالة وتادلا وما إلى ذلك في جموع يفرن‏.‏وبرز إليه حمامة بن المعز في قبائل مغراوة ودارت بينهم حروب شديدة وانكشفت مغراوة وفر حمامة إلى وجدة واستولى الأمير أبو الكمال تميم وقومه على فاس وغلبوا مغراوة على عمل المغرب‏.‏واكتسح تميم اليهود بمدينة فاس واصطلم نعمهم واستباح حرمهم‏.‏ثم احتشد حمامة من وجدة سائر قبائل مغراوة وزناتة وبعث الحاشدين في قياطينهم لجميع بلاد المغرب الأوسط ووصل إلى تنس صريخاً لزعمائهم‏.‏وكاتب من بعد عنه من رجالاتهم وزحف إلى فاس سنة تسع وعشرين فأفرج عنها أبو الكمال تميم ولحق ببلده ومقر ملكه من شالة وأقام بمكان عمله وموطن أمارته منها إلى أن هلك سنة تسع وأربعين‏.‏وولي ابنه حماد إلى أن هلك سنة تسع وأربعين وولي بعده ابنه يوسف إلى أن توفي سنة ثمان وخمسين فولي بعده عمه محمد ابن الأمير أبي تميم إلى أن هلك في حروب لمتونة حين غلبوهم على المغرب أجمع حسبما نذكره والملك لله يؤتيه من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين‏.‏وأما أبو يداس بن دوناس قاتل حبوس بن زيري بن يعلى بن محمد فإنه لما اختلف عليه بنو يفرن وأخفق أمله في اجتماعهم له أجاز البحر إلى الأندلس سنة اثنتين وثمانين فرفعه إخوانه أبو قرة وأبو زيد وعطاف فحل كلهم من المنصور محل التكرمة والإيثار ونظمه في جملة الرؤساء والأمراء وأسنى له الجراية والإقطاع وأثبت رجاله في الديوان ومن أجاز من قومه فبعد صيته وعلا في الدولة كعبه‏.‏ولما افترقت الجماعة وانتثر سلك الخلافة كان في حروب البربر مع جند الأندلس آثار بعيدة وأخبار غريبة‏.‏ولما ملك المستعين قرطبة سنة أربعمائة واجتمع إليه من كان بالأندلس من البرابرة لحق المهدي بالثغور واستجاش طاغية الجلالقة فزحف معه إلى غرناطة وخرج المستعين في جموعه من البرابرة إلى الساحل واتبعهم المهدي في جموعه فتواقعوا بوادي أيرة فكانت بين الفريقين جولة عظم بلاء البرابرة وطار لأبي يداس فيها ذكر وانهزم المهدي والطاغية وجموعهم بعد أن تضايقت المعركة وأصابت أبا يداس بن دوناس جراحة كان فيها مهلكه ودفن هناك‏.‏وكان لابنه خلوف وحافده تميم بن خلوف من رجالات زناتة بالأندلس شجاعة ورياسة وكان يحيى بن عبد الرحمن بن أخيه عطاف من رجالاتهم وكان له اختصاص ببني حمود ثم بالقاسم منهم ولاه على قرطبة أيام خلافته والبقاء لله وحده‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://arabelalekat.yoo7.com
الشيخ عودة
الشيخ عودة
الشيخ عودة



عدد المساهمات : 1748
تاريخ التسجيل : 28/09/2008
العمر : 73

  الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية     الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Emptyالإثنين فبراير 03, 2014 7:51 pm

من بطون قبيلة زناتة الزيانيون







الزيانيون، بنو زيان أو بنو عبد الواد سلالة بربرية زناتية حكمت في غرب الجزائر بين 1235 و1554




أصل بني عبد الواد




بنو عبد الواد، هم فرع من فروع الطبّقة الثّانية من زناتة إحدى أكبر وأشهر القبائل البربرية ببلاد المغرب، وأصل تسميتهم عائد إلى جدّهم عابد الوادي، وهم من ولد سجيح بن واسين بن يصليتن بن مسرى بن زكيا بن ورسيج بن مادغيس الأبتر، وكانوا عدّة بطون هي: بنو ياتكتن، بنو وللو، بنو تومرت، بنو ورسطف وبنو مصوجة، ويضاف إليهم بنو القاسم الذين ينتسب إليهم بنو زيان حكام الدّولة الزيانية.




وذكرت بعض المصادر أن القاسم بن محمد من نسل السّليمانيين، كان حاكما على مدينة تلمسان من قبل الأدارسة، ولما تغلب عليه الفاطميون دخل بني عبد الواد الذين كانوا يسكنون بالصحراء جنوب تلمسان، فأصهر فيهم وعقّب "عقبا مباركًا"، وإليه ينتسب ملوك بني زيان، وقد فنّد عبد الرّحمن بن خلدون هذه الرواية وكذلك قضية النّسب الشّريف للزيانيين، وذكر أنّ يغمراسن بن زيان لما سئل عن ذلك أجاب قائلا:" إذا كان هذا صحيحا فينفعنا عند الله وأمّا الدنيا فإنّما نلناها بسيوفنا".




استقرارهم بتلمسان




كان بنو عبد الواد عبارة عن قبائل رحل يجوبون صحراء المغرب الأوسط بحثا عن المراعي بين سجلماسة ومنطقة الزاب بإفريقية، ولما قام عقبة بن نافع الفهري بحركته في بلاد المغرب فاتحًا، ساندوه وشكلوا فرقة من جيشه تابعت معه فتوحاته غربًا.




ولما حلّ عرب بني هلال بالمغرب انزاح بنو عبد الواد أمامهم من الزّاب واستقروا في منطقة جنوب وهران، وفي عهد المرابطين حضروا مع يوسف بن تاشفين معركة الزلاق




في سنة 627ھ/ 1229م، قام والي تلمسان أبو سعيد عثمان أخ المأمون الموحدي بالقبض على مشايخ بني عبد الواد في محاولة منه للقضاء على نفوذهم الّذي ازداد في المنطقة، فسعى للشّفاعة فيهم أحد رجال الحامية وهو إبراهيم بن إسماعيل بن علان الصنهاجي اللّمتوني، لكن شفاعته لم تقبل، فغضب لذلك وثار واعتقل والي تلمسان وأطلق مشايخ بني عبد الواد وخلع طاعة الموحدين، وكان الغرض من حركته نصرة ثورة بني غانية الّتي كانت تهدف إلى إحياء دولة المرابطين في بلاد المغرب.




ولما أراد إبراهيم بن علان الصنهاجي إتمام مخططه، والتخلّص من مشيخة بني عبد الواد، اكتشف أمره فقبض عليه وعلى أعوانه وقُيّدوا، ودخل جابر بن يوسف وإخوته مدينة تلمسان وأعاد الدّعوة للمأمون الموحدي، وأصبح أميرها من قبله، فضبط أمورها، وقام بحركة لضمّ بطون بني عبد الواد إلى سلطته، ولما أراد إخضاع مدينة ندرومة وحاصرها أصابه سهم أودى بحياته آواخر سنة 629 ھ/1231م.




بعد وفـاة جـابر بن يـوسف، خلـفه ابنه الحـسن الّذي تولـى لمدّة سـتّة أشـهر، ثمّ تخـلى عن الحكم لعمه عثمان بـن يوسـف مطلع سنة 630 ھ/1232م، وخـلفه أبو عـزة زيـدان بن زيـان، وكان قـويّا وشجـاعًا، وأطـاعته جمـيع البطون والـقبائل وامتـنع عن مبايعـته بنو مطـهر وبنو راشد، فحاربهم وقتل في إحدى المعـارك سنة 633 ھ/1235م، فخلفه يغمراسن بن زيان الذي يعتبر المؤسّس الحقيـقي للـدولة الزيانية




ور يغمرا سن بن زيان في تأسيس الدّولة

هـو يغمرا سـن بن زيـان بن ثـابت بن محـمد، ولـد حـوالي 603 ھ/1206م، وتـولى حكـم إقـليم تلـمسان فـي عهـد الخليـفة الموحـدي عـبد الواحـد الـرّشيد بن المـأمون الـذي كتـب لـه بالـعهد علـى ولايـة المغـرب الأوسـط وعاصمته تلمسان، وكان ذلك بداية ملكه.




وكان يغمراسن بن زيان يتميّز بصفات وخصال أهلته للقيام بدور كبير في وضع الأسس المتينة لدولة بني عبد الواد النّاشئة، وتميّز بمواقفه الحربية الكثيرة، خاصّة ضدّ قبائل بني توجين ومغراوة، حيث خرّب مواطنهم في محاولة منه لإخضاعهم وضمّهم إلى سلطته، كما كانت له مع بني مرين بالمغرب الأقصى عدّة حروب وكذلك مع بني حفص شرقا، ورغم هزائمه أمامهم كان يدافع عن مملكته محاولا حمايتها من الأخطار الّتي كانت تتهددها شرقا وغربًا، وبدأ في توسيع حدودها على حساب أقاليم الدّولة الموحدية الّتي كانت تتداعى إلى السقوط، ثمّ قام بإلغاء سلطة الموحدين على تلمسان واستقلّ بها مع إبقائه على الدعاء والخطبة للخليفة الموحدي وذكر اسمه في السّكة، ونازعه بنو مطهر وبنو راشد لكنّه هزمهم، وأقام الدّولة على قواعد متينة، فاتخذ الوزراء والكتاب والقضاة، واستمر عهده حتّى سنة 681ھ/1282م ما مكّنه من توطيد ملكه وتأسيس نظم دولة جديدة بالمغرب الأوسط
















حدود الدّولة الزيانية




علم الزيانيون




بطون قبيلة زناتة الزيانيون




شغلت الدّولة الزيانية إقليم المغرب الأوسط (إقليم دولة الجزائر حاليا)، وعمل حكامها بدءًا بجدّهم يغمراسن بن زيان على توسيع حدودها وتثبيت قواعدها وضم القبائل إلى سلطتهم.[2] وتمكن يغمراسن من التوسع غربًا، وصار الحد الفاصل بينه وبين دولة بني مرين بالمغرب الأقصى وادي ملوية، كما امتدّ نفوذه إلى مدينة وجدة وتاوريرت وإقليم فجيج في الجنوب الغربي.




حدودها كانت تمتد من تخوم بجاية وبلاد الزاب شرقا إلى وادي ملوية غربًا، ومن ساحل البحر شمالاً إلى إقليم توات جنوبًا، وبقيت هذه الحدود في مد وجزر بسبب هجمات بني مرين غربًا وبني حفص شرقًا وكانت العاصمة مدينة تلمسان.




لم تكن حدود الدّولة الزيانية ثابتة ومستقرّة، بل كانت بين مد وجزر تبعًا للظروف السياسية والأخطار الخارجية، وكانت لا تتجاوز في بعض عهودها أسوار العاصمة تلمسان، مثلما حصل أيام الحصار المريني لها سنة 699 هـ إلى 706 هـ/1299 – 1307م، بل اختفت معالمها نهائيا عندما هاجمها أبو الحسن المريني سنة 737 هـ/1337م، إلى غاية إحيائها من جديد على يد أبي حمو موسى الثاني سنة 760 هـ/1359م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://arabelalekat.yoo7.com
الشيخ عودة
الشيخ عودة
الشيخ عودة



عدد المساهمات : 1748
تاريخ التسجيل : 28/09/2008
العمر : 73

  الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية     الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Emptyالإثنين فبراير 03, 2014 7:56 pm

أسباب سقوط الدولة الزيانية




إن الدور السادس والأخير من تاريخ الدولة الزيانية يتمثل في كثرة التدخلات الإسبانية في شؤونها الداخلية والتلاعب بأقدارها ومصيريها ومحاولة الإحاطة بها من كل جانب، تمهيداً لاحتوائها، كما يتمثل في بروز قوة الأتراك كطرف رابع في الصراع عليها إلى جانب بني حقص وبني مرين والسعديين، والإسبان.[4] وكان الأسبان بعد أن قضوا على الحكم الإسلامي بالأندلس عام 1492 ميلادي قد وجهوا نشاطهم لغزو بلدان المغرب العربي، ومبالغة في النكاية بالمسلمين، ومنع اللاجئين الأندلسيين من التفكير في العودة إلى وطنهم السليب تماما كما تفعل اليوم إسرائيل ضد الفلسطينيين. ومحاولة منهم أيضاً لاستعمار بلدان المغرب العربي من أجل استغلال إمكانتياتهم الاقتصادية وموانيه الإستراتجية من الناحية العسكرية. وقد واتتهم الفرص بسبب ضعف دول المغرب العربي، وتطاحنها فيما بينها من جهة، وفيما بين الأمراء الطموحين من جهة أخرى حتى في داخل البلد الواحد تماماً كما حصل في المنطقة العربية بعد ظهور دويلة إسرائيل، وكانت الدولة الزيانية في هذه الفترة قد وصلت إلى أقصى درجة من الضعف والانحلال فأخد الأسبان يحتلون موانيها وأطرافها تمهيداً لاحتوائها في النهاية وفق مخطط مدروس، فبعد أن وصل إلى تلمسان آخر أمراء بني الأحمر بغرناطة أبو عبد الله محمد بن سعد الزغل، عبر وهران بدأت التهديدات الأسبانية تظهر في الأفق ضد تلمسان، واضطر الأمير الزياني محمد السابع أن يذهب بنفسه إلى اسبانيا ليطمئن فرناند الخامس ويقدم له الهدايا استرضاء له. وابتداءً من عام 1503م أصبح الخطر الأسباني على الجزائر حقيقة واقعة فقد تنافس على عرش تلمسان الأخوان: أبو زيان الثالث المسعود، وأبو حمو الثالث بوقلمون، وتغلب الثاني الأول وأدخله إلى السجن فاغتنم الأسبان فرصة هذه الاضطرابات بتلمسان وأقدموا على احتلال المرسى الكبير عام 1505م، ثم تدخلوا في مشاكل عرش تنس وأيدوا الأمير يحيى بن الثابتي شقيق السلطان أبي زيان المخلوع والسجين. على الاستقلال بمدينة تنس وأحوازها عام 1506 م تحت حمايتهم وبتوجيه من سياستهم حتى لا تقوم وحدة وطنية ضدهم وقد تسبب التدخل الإسباني في مشاكل تنس في حدوث حروب طاحنة بين عرش تنس وعرش تلمسان سالت فيه الدماء وقتل الجاني المذنب والبرئ، ولم يستفد من ذلك إلا الأسبان الذين ثبتوا أقدامهم في بعض أطراف الإمارة واحتلوا وهران عام 1509 م ثم بجاية عام 1510 م والجزيرة المواجهة لمدينة الجزائر، ومستغانم عام 1511 م ودللس وعنابة وهنين عام 1531 م. وأصبحت تلمسان بين فكي كماشة يحيط بها خطر الإسبان من كل جهة وليس هناك نصير أو معين لها، في حين لا تملك هي القوة والعدة الكافية التي تساعدها على مواجهة هذه الأوضاع الخطيرة. ولقد كان من المفروض في مثل هذه الظروف الصعبة أن تتوحد القوى الداخلية للإمارة وتتكتل وتتناسى الأحقاد والنزاعات الشخصية ولكن الذي حصل هو العكس فحدثت بتلمسان اضطرابات ضد أبي حمو الثالث وتحزب ضده أنصار أخيه المسجون أبي زيان واستنجدوا بعروش في الجزائر العاصمة الذي كان آنذاك في تنس يقوم بتصفية الحسابات مع يحيى الثابتي الموالي للإسبان، فلبى رغبتهم حتى يفوت على الإسبان فرصة الانقضاض على تلمسان واتجه إليها عام 1517 وأطلق سراح أبي زيان، وأعاده إلى عرشه في حين فر أبو حمو إلى فاس ومنها إلى وهران حيث أمده الأسبان بقوات كبيرة وأعاد بها الكرة على تلمسان واستردها من عروش عام 1518 م بمعاونة الأسبان الذين تمكنوا من قتل عروش وقتل أخيه إسحاق الذي كان يرابط في قلعة بني راشد. على أن أبا حمو هذا لم ينعم طويلا بعرشه الذي استرده بالخيانة إذ توفي في نفس العام، فخلفه أبو محمد عبد الله الثاني وسار على منوال سياسة سلفه في موالاة الأسبان فثار عليه أخوه الأمير أبو سرحان المسعود بتأييد من خير الدين بالجزائر وسيطر على تلمسان عام 1519 م ولكن أبا محمد سرعان ما استرد عرشه بتأييد من خير الدين أيضاً بعد أن أعلن توبته من غيه وخيانته السابقة، ودفع ذلك أبا سرحان لممالأة الأسبان غير أنه سرعان ما عاد إلى خيانته التي جبل عليها.ولكن خير الدين كان بالمرصاد له حتى توفي عام 1524 م فخلفه على عرش تلمسان محمد السابع ولكنه انحاز إلى الأسبان ضد الأتراك، فثار السكان ضده وهزموه ففر إلى وهران ليستنجد بالأسبان الذين كانوا ينتظرون مثل هذه الفرص لدفع الأخوان الأشقاء إلى التقاتل فيما بينهم لصالح توسعهم الصليبي. فأعدوا له حملة أسبانية من وهران واحتلت تلمسان وفرضت عليهم معاهدة إذلال تحتم عليه أن يدفع للاسبان ضريبة سنوية ويساعد القوات الأسبانية على التوسع في موانئ الجزائر بدعوة مقاومة الأتراك. وقد أثارت هذه المعاهدة المذلة مشاعر شعب تلمسان خاصة وأن محمد السابع كان يتعامل مع اليهود الذين جعلهم وسطاء بينه وبين الأسبان في وهران ولذلك ثاروا ضده وبرز أخوه أبو زيان أحمد الثاني وافتك منه العرش عام 1542 م. بتأييد ومساعدة من قوات البايلر باي حسن باشا ابن خير الدين الذي كان يراقب الأمور عن كثب. وهرب محمد السابع إلى وهران كعادته ليستنجد بالأسبان. وقد أمدوه فعلا بقوات كبيرة واصطدم بها مع قوات أخيه في شعبة اللحم قرب عين تيموشنت في جانفي 1543 م.ولكنه انهزم وانهزمت القوات الأسبانية الحليفة معه وقتل كثيراً من جنودها ولم ينجوا الباقي إلا بصعوبة وانسحب إلى وهران. وفي العام الموالي جدد الكرة مع القوات الأسبانية التي كانت تستهدف الانتقام من هزيمتها السابقة وتمكن في هذه المرة من احتلال تلمسان عام 1544 م فعاثت القوات الأسبانية فيها فساداً وأحدثت في مقدساتها وحرماتها نكراً وفجوراً. على أن سكان تلمسان لم يصبروا على هذا الامتهان فثاروا ضد الأمير الخائن وأرغموه على الفرار بتأييد ومساعدة قوات حسن باشا ابن خير الدين في معركة الزيتون، وأغلقوا تلمسان في وجهه عندما حاول أن يعود إليها ثم ظفروا به وقتلوه في إحدى المعارك قرب مدينة وجدة وتخلصوا من خياناته المتكررة وعاد أبو زيان أحمد إلى عرشه ولكنه أظهر للأسبان ميله ونتيجة لذلك عزله سكان المدينة وبايعوا أخاه الحسن الزياني فهرب إلى وهران التي أصبحت قبلة لكل المعزولين والغاضبين من أسرة بني زيان.ولم يتقاعس الأسبان عن نجدتهم لأن الصراع كان على أشده بينهم وبين سلطة الأتراك في الجزائر على الفوز بالسيطرة على عرش تلمسان فأمدوه بقوات أسبانية استرجع بها عرشه المتهالك المتداعي عام 1547 م. واعترف بتبعيته للأسبان الذين تعرضوا لهزيمة كبيرة أمام أسوار مستغانم في أوت من نفس العام عندما حاول احتلالها. ومما زاد الأمور تعقيداً وسوءً ظهور الدولة السعدية بالمغرب الأقصى ومحاولتها هي الأخرى التدخل في شؤون تلمسان بغية احتلالها، فأرسل الشريف محمد المهدي السعدي قوات عسكرية حاصرت تلمسان تسعة شهور كاملة اقتحمتها واحتلتها يوم 5 جوان 1550 م، واحتلت مستغانم بعدها وأخذت تتقدم في اتجاه الجزائر العاصمة مما أكد نوايا السعديين العدوانية ضد السلطة التركية في الجزائر ولذلك فإن البايلر باي حسن باشا بن خير الدين الذي كان يستعد لمواجهة الأسبان بوهران وجه قواته بزعامة حسان قورصو إلى جيش المغربي وألحق به الهزيمة في حوض الشلف وأرغمه على الانسحاب إلى المغرب الأقصى وبعد ذلك اتجه حسن باشا إلى تلمسان وعزل عن عرشها أبا زيان أحمد وعوضه بالأمير الحسن بن عبد الله الزياني تحت إشراف الضابط التركي شفطه وبقي في منصبه إلى أن عزله نهائياً البايلر باي صالح رايس عام 1554 م بسبب ميوله إلى الأسبان، وألحق تلمسان بالجزائر العاصمة مباشرة وكان ذلك نهاية للدولة الزيانية التي عمرت ثلاث قرون و18 عاماً. وكان لابد من هذه النهاية لأن بقاء الدولة الزيانية كان يمثل مشكلة في صالح التوسع الأسباني، والأتراك بالجزائر، كانوا يسعون لتوحيد المغرب الأوسط كله تحت سلطة واحدة مركزية حتى يستطيعوا مواجهة التوسع الأسباني الصليبي الذي استدعوا منذ البداية من أجل وضع حد له ورده وهو ماقام به خلال القرون التالية.







أهم سلاطين بني زيان




الحاكم الحياة الحكم







1 أبو يحي يغمراسن بن زيان

2 أبو سعيد عثمان بن يغمراسن ....-1303

3 أبو زيان محمد بن عثمان ....-....

4 أبو حمو موسى الأول ....-1318

5 أبو تاشفين بن موسى

6 أبو سعيد بن أبي زيد بن أبي زكريا بن يغمراسن ....-1352

7 أبو ثابت بن أبي زيد ....-1352

دخول المرينيين ....-....

8 أبو حمو موسى بن أبى يعقوب بن أبي زيد

9 أبو تاشفين عبد الرحمن بن موسى

10 أبو ثابت يوسف بن أبى تاشفين ....-1393

11 أبو الحجاج يوسف بن أبي حمو ....-....

12 أبو زيّان بن أبي حمو ....-....

13 أبو محمد عبد الله بن أبي حمو ....-....

14 أبو عبد الله محمد بن أبي حمو ....-1411

15 عبد الرحمن بن أبي عبد الله ....-....

16 السعيد بن أبى حمو موسى ....-....

17 أبو مالك عبد الواحد بن أبي حمو ....-1430

18 أبو عبد الله محمد بن أبي تاشفين ....-....

17-2 أبو مالك عبد الواحد بن أبي حمو ....-1430

18-2 أبو عبد الله محمد بن أبي تاشفين ....-1436

19 أبو العباس أحمد بن أبي حمو ....-....

20 أبو عبد الله محمد المتوكل على الله ....-1468

21 أبو تاشفين بن المتوكل ....-....

22 أبو عبد الله محمد الثابت بن المتوكل ....-1504

23 أبو عبد الله محمد بن الثابت ....-....

24 أبو حمو بن المتوكل ....-....

25 أبو محمد عبد الله بن المتوكل ....-....

26 أبو زيان أحمد بن أبي محمد عبد الله ....-1550

27 أبو عبد الله محمد الرابع ....-....

26-2 أبو زيان أحمد بن أبي محمد عبد الله ....-....

28 الحسن بن أبي محمد عبد الله ....-....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://arabelalekat.yoo7.com
الشيخ عودة
الشيخ عودة
الشيخ عودة



عدد المساهمات : 1748
تاريخ التسجيل : 28/09/2008
العمر : 73

  الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية     الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Emptyالإثنين فبراير 03, 2014 7:59 pm

كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» **




 الخبر عن بني يرنيان إخوة مغراوة وتصاريف أحوالهم




قد ذكرنا بني يرنيان هؤلاء وأنهم إخوة مغراوة وبني يفرن والكل ولد يصليتن‏.‏ونسبهم جميعاً إلى جانا مذكور هنالك وهم مبثوثون كثيراً بين زناتة في المواطن‏.‏وأما الجمهور منهم فموطنهم بملوية من المغرب الأقصى ما بين سجلماسة وكرسيف كانوا هنالك مجاورين لمكناسة في مواطنهم واختطوا حفافي وادي ملوية قصوراً كثيرة متقاربة الخطة ونزلوها وتعدت بطونهم وأفخاذهم في تلك الجهات‏.‏ومنهم بنو وطاط موطنون لهذا العهد بالجبال المطلة على وادي ملوية من جهة القبلة ما بينه وبين تازى وفاس وبهم تعرف تلك القصور لهذا العهد‏.‏وكان لبني يرنيان هؤلاء صولة واعتزاز وأجاز الحكم بن المستنصر منهم والمنصور بن أبي عامر من بعده فيمن أجازوه من زناته ثم الماية الرابعة وكانوا من أفحل جند الأندلس وأشدهم شوكة وبقي أهل المواطن منهم في مواطنهم مع مكناسة أيام ملكهم ويجمعهم معهم عصبية يحيى‏.‏ثم كانوا مع مغراوة أيضاً أيام ملكهم المغرب الأقصى‏.‏ولما ملك لمتونة والموحدون من بعدهم لحق الظواعن منهم بالقفر فاختلطوا بأحياء بني مرين الموالين لتلول المغرب من زناتة وأقاموا معهم في أحيائهم وبقي من عجز عن الظعن منهم بمواطنهم‏:‏ مثل بني وطاط وغيرهم ففرضت عليهم المغارم والجبايات‏.‏ولما دخل بنو مرين إلى المغرب ساهموهم في أقسام أعماله وأقطعوهم البلد الطيب من ضواحي سلا والمعمورة زيادة إلى وطنهم الأول بملوية وأنزلوهم بنواحي سلا بعد أن كان منهم انحراف عن مواطنهم الأولى‏.‏ثم أصحبوا ورعى لهم بنو عبد الحق سابقتهم معهم فاصطفوهم للوزارة والتقدم في الحروب ودفعوهم إلى المهمات وخلطوهم بأنفسهم‏.‏وكان من أكابر رجالاتهم لعهد السلطان أبي يعقوب وأخيه أبي سعيد الوزير إبراهيم بن عيسى استخلصوه للوزارة مرة بعد أخرى واستعمله السلطان أبو سعيد على وزارة ابنه أبي علي ثم لوزارته‏.‏واستعمل ابنه السلطان أبو الحسن أبناء إبراهيم هذا في أكابر الخدام فعقد لمسعود بن إبراهيم على أعمال السوس عندما فتحها أعوام الثلاثين وسبعماية ثم عزله بأخيه حسون وعقد لمسعود على بلاد الجريد من إفريقية عند فتحه إياها سنة ثمان وأربعين وكان فيها مهلكه‏.‏ونظم أخاهما موسى في طبقة الوزراء ثم أفرده بها أيام نكبته ولحاقه بجبل هنتاتة واستعمله السلطان أبو عنان بعده في العظيمات وعهد له على أعمال سدويكش بنواحي قسنطينة‏.‏ورشح ابنه محمد السبيع لوزارته إلى أن هلك وتقلبت بهم الأيام بعده‏.‏وقلد عبد الحليم المعروف بحلي ابن السلطان أبي علي وزارته محمد بن السبيع هذا أيام حصاره لدار ملكهم سنة اثنتين وستين كما نذكره في أخبارهم فلم يقدر لهم الظفر‏.‏ثم رجع السبيع بعدها إلى محله من دار السلطان وطبقة الوزارة وما زال يتصرف في الخدم الجليلة والأعمال الواسعة ما بين سجلماسة ومراكش وأعمال تازى وتادلا وغمارة وهو على ذلك لهذا العهد‏.‏والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير وجديجن وواغمرت




 الخبر عن وجديجن وواغمرت من قبائل زناتة ومبادىء أحوالهم وتصاريفها




قد تقدم أن هذين البطنين من بطون زناتة من ولد ورتنيص بن جانا وكان لهم عدد وقوة ومواطنهم مفترقة في بلاد زناتة‏:‏ فأما وجديجن فكان جمهورهم بالمغرب الأوسط ومواطنهم منه منداس ما بين بني يفرن من جانب الغرب ولواتة من جانب القبلة في السرسو ومطماطة من جانب الشرق في وانشريش‏.‏وكان أميرهم لعهد يعلى بن محمد اليفرني رجلاً منهم اسمه عنان وكانت بينهم وبين لواتة الموطنين بالسرسو فتنة متصلة يذكر أنها بسبب امرأة من وجديجن نكحت في لواتة وتلا جامعها نساء قيوطنهم فعيرنها بالفقر فكتبت بذلك إلى عنان تدمره فغضب واستجاش بأهل عصبته من زناتة وجيرانه فزحف معه يعلى في بني يفرن وكلمام بن حياتي في مغيلة وغرابة في مطماطة ودارت الحرب بينهم وبين لواتة ملياً‏.‏ثم غلبوا لواتة في بلاد السرسو وانتهوا بهم إلى كدية العابد من آخرها‏.‏وهلك عنان شيخ وجديجن في بعض تلك الوقائع بملاكو من جهات السرسو‏.‏ثم لجأت لواتة إلى جبل كريكرة قبلة السرسو وكان يسكنه أحياء من مغراوة يعرف شيخهم لذلك العهد علاهم ربيب لشيخهم عمر بن تامصا الهالك قبله ومعنى تامصا بلسان البربر الغول‏.‏ولما لجأت لواتة إليه غدر بهم وأغرى قومه فوضعوا أيديهم فيهم سلباً وقتلاً فلاذوا بالفرار ولحقوا بجبل لعود وجبل دراك فاستقروا هنالك آخر الدهر‏.‏وورثت وجديجن مواطنهم بمنداس إلى أن غلبهم عليها بنو يلومي وبنو ومانو كل من جهته ثم غلب الآخرين عليها بنو عبد الواد وبنو توجين إلى هذا العهد‏.‏والله وارث الأرض ومن عليها‏.‏وأما واغمرت ويسمون لهذا العهد غمرت وهم إخوة وجديجن ومن ولد بن جانا كما قلناه فكانوا من أوفر القبائل عدداً ومواطنهم متفرقة وجمهورهم بالجبال إلى قبلة بلاد صنهاجة من المشنتل إلى الدوسن‏.‏وكان لهم مع أبي يزيد صاحب الحمار في الشيعة آثار وأوقع بهم إسماعيل عند ظهوره على أبي يزيد وأثخن فيهم وكذلك بلكين وصنهاجة من بعده‏.‏ولما افترق أمر صنهاجة بحماد وبنيه كانوا شيعاً لهم على بني بلكين‏.‏ونزع عن حماد أيام فتنته ابن أبي جلى من مشيختهم وكان مختصًا به فنزع إلى باديس فوصله وحمل أصحابه وعقد له على طبنة وأعمالها‏.‏حتى إذا جاء الهلاليون وغلبوهم على الضواحي اعتصموا بتلك الجبال قبلة المسيلة وبلاد صنهاجة وصدوا بها عن الظعن وتركوا القيطون إلى سكنى المدن‏.‏ولما غلب الدواودة على ضواحي الزاب وما إليها اقطعتهم الدولة مغارم هذه الجبال التي لغمرت‏.‏وهم لهذا العهد في سهمان أولاد يحيى بن علي بن سباع من بطونهم‏.‏وكان في القديم من هؤلاء كاهن زناتة موسى بن صالح مشهور عندهم حتى الان ويتناقلون بينهم كلماته برطانتهم على طريقة الرجز فيها أخبار بالحدثان فيما يكون لهذا الجيل الزناتي والدولة والتغلب على الأحياء والقبائل والبلدان‏.‏شهد كثير من الواقعات على وفقها بصحتها حتى لقد نقلوا من بعض كلماته تلك ما معناه باللسان العربي أن تلمسان ينالها الخراب وتصير دورها فدنا حتى يثير أرضها حراث أسود بثور أسود أعور‏.‏وذكر الثقات أنهم عاينوا ذلك بعد انتشار كلمته هذه أيام لحقها الخراب في دولة بني مرين سني ستين وسبعماية وأفرط الخلاف بين هذا الجيل الزناتي في التشييع له والحمل عليه‏:‏ فمنهم من يزعم أنه ولي أو نبي وآخرون يقولون كاهن‏.‏ولم تقفنا الأخبار على الجلي من أمره‏.‏والله أعلم‏.‏




 الخبر عن بني واركلا من بطون زناتة




والمصر المنسوب إليهم بصحراء افريقية و تصاريف أحوالهم بنو واركلا هؤلاء إحدى بطون زناتة - كما تقدم - من ولد فريني بن جانا وقد مرذكرهم وإ ن إخوانهم يزمرتن ومنجصة ونمالتة المعروفون لهذا العهد‏:‏ منهي بنو واركلا وكانت فئتهم قليلة وكانت مواطنهم قبلة الزاب واختطوا المصر المعروف بهم لهذا العهد على ثماني مراحل من بسكرة في القبلة عنها ميامنة إلى المغرب‏.‏بنوها قصورا متقاربة الخطة‏.‏ثم استبحر عمرانها فائتلفت وصارت مصرًا‏.‏وكان معهم هنالك جماعة من بني زنداك من مغراوة وإليهم كان هرب ابن أبي يزيد النكاري عند فراره من الاعتقال لسنة خمس وعشرين وثلاثماية وكان مقامه بينهم سنة يختلف إلى بني برزال بسالات وإلى قبائل البربر بجبل أوراس يدعوهم جميعاً إلى مذهب النكارية إلى أن ارتحل إلى أوراس واستبحر عمران هذا المصر واعتصم به بنو واركلا هؤلاء والكثير من ظواعن زناتة عند غلب الهلاليين إياهم على المواطن واختصاص الأثبج بضواحي القلعة والزاب وما إليها‏.‏ولما استبد الأمير أبو زكريا بن أبي حفص بملك إفريقية وجال في نواحيها في أتباع ابن غانية مر بهذا المصر فأعجبه وكلف بالزيادة في تمصيره فاختط مسجده العتيق ومأذنته المرتفعة وكتب عليها اسمه وتاريخ وضعه نقشًا في الحجارة‏.‏وهذا البلد لهذا العهد باب لولوج السفر من الزاب إلى المفازة الصحراوية المفضية إلى بلاد السودان يسلكها التجار الداخلون إليها بالبضائع‏.‏وسكانها لهذا العهد من أعقاب بني واركلا وأعقاب إخوانهم من بني يفرن ومغراوة ويعرف رئيسه باسم السلطان شهرة غير نكيرة بينهم ‏"‏ ورياسته لهذه الأعصار مخصوصة ببني أبي غبول ويزعمون أنهم من بني واكير إحدى بيوت بني واركلا وهو بذا العهد أبو بكر بن موسى بن سليمان من بني أبي غبول ورياستهم متصلة في عمود هذا النسب‏.‏وعلى عشرين مرحلة من هذا المصر في القبلة منحرفا إلى الغرب بيسير بلد تكدة قاعدة وطن الملثمين وركاب الحاج من السودان اختطه الملثمون من صنهاجة وهم ساكنوه لهذا العهد وصاحبه أمير من بيوتاتهم يعرفونه باسم السلطان وبينه وبين أمير الزاب مراسلة ومهاداة‏.‏ولقد قدمت على بسكرة سنة أربع وخمسين أيام السلطان أبي عنان في بعض الأغراض الملوكية ولقت رسول صاحب تكدة عند يوسف بن مزني أمير بسكرة وأخبرني عن استبحار هذا المصر في العمارة ومرور السابلة وقال لي‏:‏ اجتاز بنا في هذا العام سفر من تجار المشرق إلى بلد مالي كانت زكاتهم اثنتي عشرألف راحلة‏.‏وذكر لي غيره أن ذلك هو الشأن في كل سنة‏.‏وهذا البلد في طاعة سلطان مالي من السودان كما في سائر تلك البلاد الصحراوية المعروفة بأطلستين لهذا العهد‏.‏والله غالب على أمره سبحانه‏.‏




 الخبر عن دمر من بطون زناتة ومن ولي منهم بالأندلس وأولية




ذلك ومصادره بنو دمر هؤلاء من زناتة وقد تقدم أنهم من ولد ورسيك بن أديدت بن جانا وشهوبهم كثيرة وكانت مواطنهم بإفريقية في نواحي طرابلس وجبالها وكان منهم آخرون ظواعن بالضواحي من عرب إفريقية‏.‏ومن بطون إيدمر هؤلاء بنو رغمة وهم لهذا العهد مع قومهم بجبال طرابلس‏.‏ومن بطونهم أيضاً بطن متسع كثير الشعوب وهم بنو ور نيد بن وانتن بن وارديرن بن دمر وأن من شعوبهم بني ورتاتين وبني غرزول وبني تفورت وربما يقال إن هؤلاء الشعوب لا ينتسبون إلى دمر من ورنيد كما تقدم وبقايا بني و رنيد لهذا العهد بالجبل المطل على تلمسان بعد أن كانوا في البسيط قبلته فزحمهم بنو راشد حين دخولهم من بلادهم بالصحراء إلى التل وغلبوهم على تلك البسائط فانزاحوا إلى الجبل المعروف بهم لهذا العهد وهو المطل على تلمسانوكان قد أجاز إلى الأند لسمن ايدمر هؤلاء أعيان ورجالات حرب فيمن أجازإليها من زناتةوسائر البربر أيامأخذهم بدعوة الحكم المستنصر فضمهم السلطان إلى عسكره واستظهر بهم المنصور بن أبي عامر من بعد ذلك على شأنه وفرى بهم المستعين أديم دولته ولما اعصوصب البربر على المستعين وبني حمود من بعده وغالبوا جنود من العرب وكانت الفتنة الطويلة بينهم التي نثرت سلك الخلافة وفرقت شمل الجماعة واقتسموا خطط الملك وولايات الأعمال وكان من رجالاتهم نوح الدمري وكان من أصحاب المنصور وولاه المستعين أعمال مودور واركش فاستبد بها سنة أربع في غمار الفتنة وأقام بها سلطانا لنفسه إلى أن هلك سنة ثلاث وثلاثين فولي ابنه أبومناد محمد بن نوح وتلقب بالحاجب عز الدولة لقبين في قرن شأن ملوك الطوائف وكانت بينه وبين ابن عباد صاحب غرب الأندلس خطوب‏.‏ومر المعتضد في بعض أسفاره بحصن اركش وتطوف مختفيا فتقبض عليه بعض أصحاب ابن نوح فخلى سبيله وأولاه كرامه احتسبها عنده يدًا‏.‏وذلك سنة ثلاث وأربعين فانطلق إلى دار ملكه ورجع بعدها إلى ولاية الملوك الذين حوله من البربر‏.‏وأسجل لإبن نوح هذا على عملي أركش ومورور فيمن أسجل له منهم فصاروا إلى مخالصته إلى أن استدعاهم سنة خمس وأربعين بعدها إلى صنيع دعا إليه الجفلى من أهل أعماله واختصهم بدخول حمام أعد لهم استبلاغا في تكريمهم‏.‏وتخلص ابن نوح عنده من بينهم فلما حصلوا داخل الحمام طبقه عليهم وسد المنافس للهواء دونهم إلى أن هلكوا‏.‏ونجا منهم ابن نوح لسالفة يده وطير في الحين من تسلم معاقلهم وحصونهم فانتظمهم في أعماله‏.‏وكان منهم وفدة وشريش وسائر أعمالها‏.‏وهلك من بعد ذلك الحاجب أبو مناد بن نوح وولي ابنه أبو عبد الله‏.‏ولم يزل المعتضد يضايقه إلى أن انخلع له سنة ثمان وخمسين فانتظمها في أعماله‏.‏وصار إليه محمد بن أبي مناد إلى أن هلك سنة ثمان وستين وانقرض ملك بني نوح‏.‏والبقاء لله وحده سبحانه‏.‏




 الخبر عن بني برزال إحدى بطون دمر




وما كان لهم من الملك بقرمونة وأعمالها بالأندلس أيام الطوائف وأولية ذلك ومصائره قد تقدم لنا أن بني برزال هؤلاء من ولد ورنيد بن وانتن بن وارديرن بن دمر كما ذكره ابن حزم وإن إخوتهم بنو يصدرين وبنو صغمار وبنو يطوفت‏.‏وكان بنو برزال هؤلاء بإفريقية وكانت مواطنهم منها جبل سالات وما إليه من أعمال المسيلة وكان لهم ظهور ووفور عدد وكانوا نكارية من فرق الخوارج‏.‏ولما فر أبو يزيد أمام إسماعيل المنصور وبلغه أن محمد بن خزر يترصد له أجمع الاعتصام بسالات وصعد إليهم‏.‏ثم أرهقته عساكر المنصور فانتقل عنهم إلى كتامة‏.‏وكان من أمره ما قدمناه‏.‏ثم استقام بنو برزال على طاعة الشيعة وموالاة جعفر بن علي بن حمدون صاحب المسيلة والزاب حتى صاروا له شيعًا‏.‏ولما انتقض جعفرعلى معد سنة ستين وثلاثماية كان بنو برزال هؤلاء في جملته ومن أهل خصوصيته فأجازوا به البحر إلى الأندلس أيام الحكم المستنصر فاستخدمهم ونظمهم في طبقات جنده إلى من كان لحق به من قبائل زناتة وسائر البربرأيام أخذهم بالدعوة الأموية ومحاربتهم عليها للأدارسة فاستقروا جميعاً بالأندلس‏.‏وكان لبني برزال من بينهم ظهور وغناء مشهور‏.‏ولما أراد المنصور بن أبي عامر الاستبداد على خليفته هشام وتوقع النكير من رجالات الدولة وموالي الحكم استكثر ببني برزال وغيرهم من البربر وأفاض فيهم الإحسان فاعتز أمره واشتد أزره حتى أسقط رجال الدولة ومحا رسومها وأثبت أركان سلطانه‏.‏ثم قتل صاحبهم جعفر بن يحيى كما ذكرنا ه خشية عصبيته بهم‏.‏واستمالهم من بعده فأصبحوا له عصبة وكان يستعملهم في الولا يات النبيهة والأعمال الرفيعة‏.‏وكان من أعيان بني برزال هؤلاء إسحاق بن‏.‏فولاه قرمونة وأعمالها فلم يزال واليًا عليها أيام بني أبي عامر‏.‏وجدد له العقد عليها المستعين في فتنة البرابرة ووليها من بعده ابنه عبد الله‏.‏ولما انقرض ملك بني حمود من قرطبة ودفع أهلها القاسم المأمون عنهم سنة أربع عشرة أراد اللحاق بإشبيلية وبها نائبه محمد بن أبي زيري من وجوه البربر وبقرمونة عبد الله بن إسحاق البرزالي فداخلهما القاضي ابن عباد في خلع طاعة القاسم وصده عن العملين فأجابا إلى ذلك‏.‏ثم دس للقاسم بالتحذير من عبد اللة بن إسحاق فعدل القاسم عنهم جميعاً إلى شريش واستمد كل منهم بعمله‏.‏ثم هلك عبد الله من بعد ذلك وولي ابنه محمد سنة‏.‏وكانت بينه وبين المعتضد بن عباد حرب وظاهر عليه يحيى بن علي بن حمود في منازلة إشبيلية سنة ثمان عشرة‏.‏ثم اتفق معه ابن عباد بعدها وظاهره على عبد الله بن الأفطس وكانت بينهما حرب وكانت الدبرة فيها على ابن الأفطس‏.‏وتحصل ابنه المظفر قائد العسكر في قبضة محمد بن عبد الله بن إسحاق إلى أن من عليه بعد ذلك وأطلقه‏.‏ثم كانت الفتنة بين محمد بن إسحاق وبين المعتضد وأغار إسماعيل بن المعتضد على قرمونة في بعض الأيام بعد أن كمن الكمائن من الخيالة والرجل وركب إليه محمد في قومه فاستطرد لهم إسماعيل إلى أن بلغوا الكمائن فثاروا بهم وقتل محمد البرزالي وذلك سنة أربع وثلاثين‏.‏وولي ابنه العزيز بن محمد وتلقب بالمستظهر مناغيًا في ذلك لملوك الطوائف في عهده‏.‏ولم يزل المعتضد يستولي غرب الأندلس شيئًا فشيئًا إلى أن ضايقه في عمل قرمونة واقتطع منها أسيجة والمدور‏.‏ثم انخلع له العزيزعن قرمونة سنة تسع وخمسين ونظمها المعتضد في ممالكه وانقرض ملك بني برزال من الأندلس‏.‏تم انقرض بعد ذلك حيهم من جبل سالات وأصبحوا في الغابرين‏.‏والبقاء لله وحده سبحانه‏.‏




 الخبر عن بني ومانوا وبني يلومي




من الطبقة الأولى من زناتة وما كان لهم من الملك والدولة بأعمال المغرب الأوسط ومبد أ ذلك وتصاريفه هاتان القبيلتان من بطون زناتة ومن توابع الطبقة الأولى ولم نقف على نسبها إلى جانا إلا أن نسابتهم متفقون على أن يلومي وورتاجن الذي هو أبو مرين أخوان وإن مديون أخوهما للأم ذكر لي ذلك غير واحد من نسابتهم‏.‏وبنو مرين لهذا العهد يعرفون لهم هذا النسب ويوجبون لهم العصبية به‏.‏وكانت هاتان القبيلتان من أوفر بطون زناتة وأشدهم شوكة ومواطنهم جميعاً بالمغرب الأوسط‏.‏وبنو ومانوا منهم إلى جهة الشرق عن وادي ميناس في منداس ومرات وما إليها من أسافل شلف وبنو يلومي بالعدوة الغربية منه بالجعبات والبطحاء وسيك وسيرات وجبل هوارة وبني راشد‏.‏وكان لمغراوة وبني يفرن التقدم عليهم في الكثرة والقوة‏.‏ولما غلب بلكين بن زيري مغراوة وبني يفرن على المغرب الأوسط وأزاحهم إلى المغرب الأقصى بقيت هاتان القبيلتان بمواطنهما واستعملتهم صنهاجة في حروبهم حتى إذا تقلص ملك صنهاجة عن المغرب الأوسط اعتزوا عليهم‏.‏واختص الناصر بن علناس صاحب القلعة ومختط بجاية بني ومانوا هؤلاء بالولاية فكانوا سيفاً لقومه دون بني يلومي‏.‏وكانت رياسة بني ومانو في أبيت منهم يعرفون ببني ماخوخ‏.‏وأصهر المنصور بن الناصر إلى ماخوخ منهم في أخته فزوجها إياه فكان لهم بذلك مزيد ولاية في الدولة‏.‏ولما ملك المرابطون تلمسان أعوام سبعين وأربعماية وأنزل يوسف بن تاشفين بها عامله محمد بن تينعمر المسوفي ودوخ أعمال المنصور وملك أمصارها إلى أن نازل الجزائر وهلك فولي أخوه تاشفين على عمله فغزا أشير وافتتحها وخربها‏.‏وكان لهذين الحيين من زناتة أثر في مظاهرته وإمداده أحقد عليهم المنصور بعدها وغزا بني ومانوا في عساكر صنهاجة وجمع له ماخوخ فهزمه واتبعه منهزماً إلى بجاية فقتل لمدخله إلى قصره وقتل زوجه أخت ماخوم تشفياً وضغناً‏.‏ثم نهض إلى تلمسان في العساكر واحتشد العرب من الأثبج ورياح وزغبة ومن لحق به من زناتة وكانت الغزاة المشهورة سنة ست وثمانين أبقى فيها على ابن تينعمر المسوفي بعد استمكانه من البلد كما ذكرناه في أخبار صنهاجة‏.‏ثم هلك المنصور وولي ابنه العزيز وراجع ماخوخ ولايتهم وأصهر إليه العزيز أيضاً في ابنته فزوجها إياه‏.‏واعتز البدو في نواحي المغرب الأوسط واشتعلت نار الفتنة بين هذين الحيين من بني ومانوا وبني يلومي فكانت بينهم حروب ومشاهد‏.‏وهلك ماخوخ وقام بأمره في قومه بنوه تاشفين وعلي وأبو بكر وكان أحياء زناتة الثانية من عبد الواد وتوجين وبني راشد وبني ورسيفان من مغراوة مدداً للفريقين وربما ماد بنو مرين إخوانهم بني يلومي لقرب مواطنهم منهم إلا أن زناتة الثانية لذلك العهد مغلبون لهذين الحيين وأمرهم تبع لهم إلى أن ظهر أمر الموحدين‏.‏وزحف عبد المؤمن إلى المغرب الأوسط في أتباع تاشفين بن علي وتقدم أبو بكر بن ماخوخ ويوسف بن يدر من بني ومانوا إلى طاعته ولحقوه بمكانه من أرض الريف فسرح معهم عساكر الموحدين لنظر يوسف بن وانودين وابن يغمور فأثخنوا في بلاد بني يلومي وبني عبد الواد ولحق صريخهم بتاشفين بن علي بن يوسف فأمدهم بالعساكر ونزلوا منداس‏.‏واجتمع لبني يلومي بنو ورسيفان من مغراوة وبنو توجين من بني بادين وبنو عبد الواد منهم أيضاً وشيخهم حمامة بن مظهر وبنو يكاسن من بني مرين وأوقعوا ببني ومانوا وقتلوا أبا بكر بن ماخوخ في ستماية منهم واستنقذوا غنائمهم‏.‏وتحصن الموحدون وفل بني ومانوا بجبال سيرات ولحق تاشفين بن ماخوخ صريخاً بعبد المؤمن وجاء في جملته حتى نازل تاشفين بن علي بتلمسان‏.‏ولما ارتحل في أثره إلى وهران كما قدمناه سرح الشيخ أبا حفص في عساكر الموحدين إلى بلاد زناتة فنزلوا منداس وسط بلادهم وأثخنوا فيهم حتى أذعنوا للطاعة ودخلوا في الدعوة‏.‏ووفد على عبد المؤمن بمكانه من حصار وهران بمشيختهم يقدمهم سيد الناس بن أمير الناس شيخ بني يلومي وحمامة بن مظهر شيخ بني عبد الواد وعطية الخير شيخ بني توجين وغيرهم فتلقاهم بالقبول‏.‏ثم انتقضت زناتة بعدها وامتنع بنو يلومي بحصنهم الجعبات ومعهم شيوخهم سيد الناس وبدرح ابنا أمير الناس فحاصرهم عساكر الموحدين وغلبوهم عليها وأشخصوهم إلى المغرب‏.‏ونزل سيد الناس بمراكش وبها كان مهلكه أيام عبد المؤمن‏.‏وهلك بعد ذلك بنو ماخوخ‏.‏ولما أخذ أمر هذين الحئين في الأنتقاض جاذب بني يلومي في تلك الأعمال بنو توجين وشاجروهم في أحواله ثم واقعوهم الحرب في جوانبه‏.‏وتولى ذلك فيهم عطية الخير كبير بني توجين وصلى بنارها منهم معه بنو منكوش من قومه حتى غلبوهم على مواطنهم وأذلوهم وأصاروهم جيراناً لهم في قياطنهم واستعلى بنو عبد الواد وتوجين على هذين الحيين وغيرهم بولايتهم للموحدين ومخالطتهم إياهم فذهب شأنهم وافترق قيطونهم أوزاعاً في زمانه الوارثين أوطانهم من بني عبد الواد وتوجين والبقاء لله وحده‏.‏ومن بطون بني ومانوا هؤلاء قبائل بني يالدس وقد يزعم زاعمون أنهم من مغراوة ومواطنهم متصلة قبلة المغرب الأقصى والأوسط وراء العرق المحيط بعمرانهم المذكور قبل‏.‏اختطوا في تلك المواطن القصور والأطم واتخذوا بها الجنات من النخيل والأعناب وسائر الفواكه‏:‏ فمنها على ثلاث مراحل قبلة سجلماسة وتسمى وطن توات وفيه قصور متعددة تناهز المئين آخذة من الغرب إلى الشرق وآخرها من جانب الشرق يسمى تمنطيت رهو بلد مستبحر في العمران وهو ركاب التجار المترددين من المغرب إلى بلد مالي من السودان لهذا العهد ومن بلد مالى إليه بينه وبين ثغر بلد مالي المسمى غار المفازة المجهلة لا يهتدى فيها للسبل ولا يمر الوارد إلا بالدليل الخريت من الملثمين الظواعن بذلك القفر يستأجره التجار على البذرقة بهم بأوفى الشروط‏.‏ولقد كانت بلد بودي وهي أعلى تلك القصور بناحية المغرب من ناحية السوس هي الركاب إلى والاتن الثغر الأخير من أعمال مالي‏.‏ثم أهملت لما صارت الأعراب من بادية السوس يغيرون على سابلتها ويعترضون رفاقها فتركوا تلك ونهجوا الطريق إلى بلد السودان من أعلى تمنطيت‏.‏ومن هذه القصور قبلة تلمسان وعلى عشر مراحل منها قصور تيكورارين وهي كثيرة تقارب الماية في بسيط واد منحدر من الغرب إلى الشرق واستبحرت في العمران وغصت بالساكن‏.‏وأكثر سكان هذه القصور الغربية في الصحراء بنو يالدس هؤلاء ومعهم من سائر قبائل زناتة والبربر مثل ورتطغير ومصاب وبني عبد الواد وبني مرين هم أهل عديد وعدة وبعد عن هضيمة الأحكام وذل المغارم وفيهم الرجالة والخيالة وأكثرهم معاشهم من فلح النخل وفيهم التجر إلى بلد السودان وضواحيها كلها مشتاة للعرب ومختصة بعبيد الله من المعقل عينتها لهم قسمة الرحلة‏.‏وربما شاركهم بنو عامر من زغبة في تيكورارين فتصل إليها ناجعتهم بعض السنين‏.‏وأما عبيد الله فلا بد لهم في كل سنة من رحلة الشتاء إلى قصور توات وبلد تمنطيت ومع ناجعتهم تخرج قفول التجار من الأمصار والتلول حتى يخطوا بتمنطيت ثم يبذرقون منها إلى بلد السودان‏.‏وفي هذه البلاد الصحراوية إلى وراء العرق غريبة في استنباط المياه الجارية لا توجد في تلول المغرب وذلك أن البئر تحفر عميقة بعيدة الهوى‏.‏وتطوى جوانبها إلى أن يوصل بالحفر إلى حجارة صلدة فتحت بالمعاول والفؤس إلى أن يرق جرمها ثم تصعد الفعلة ويقذفون عليها زبرة من الحديد تكسر طبقها عن الماء فينبعث صاعداً فيفعم البئر ثم يجري على وجه الأرض وادياً‏.‏ويزعمون أن الماء ربما أعجل بسرعته عن كل شيء‏.‏وهذه الغريبة موجودة في قصور توات وتيكورارين وواركلا وريغ‏.‏والعالم أبو العجائب‏.‏ والله الخلاق العليم‏.‏وهذا آخر الكلام في الطبقة الأولى من زناتة ولنرجع إلى أخبار الطبقة الثانية منهم وهم الذين اتصلت دولتهم إلى هذا العهد‏.‏الطبقة الثانية من زناتة أخبار الطبقة الثانية من زناتة وذكر أنسابهم وشعوبهم وأوليتهم قد تقدم لنا في تضاعيف الكلام قبل انقراض الملك من الطبقة الأولى من زناتة ما كان على يد صنهاجة والمرابطين من بعدهم وأن عصبة أجيالهم افترقت بانقراض ملكهم ودولهم وبقيت منهم بطون لم يمارسوا الملك ولا أخلقهم ترفه فأقاموا في قياطنهم بأطراف المغربين ينتجعون جانبي القفر والتل ويعطون الدول حق الطاعة‏.‏وغلبوا على بقايا الأجيال الأولى من زناتة بعد أن كانوا مغلبين لهم فأصبحت لهم السورة والعزة وصارت الحاجة من الدول إلى مظاهرتهم ومسالمتهم حتى انقرضت دولة الموحدين فتطاولوا إلى الملك وضربوا فيه مع أهله بسهم‏.‏وكانت لهم دول نذكرها إن شاء الله‏.‏وكان أكثر هذه الطبقة من بني واسين بن يصلتين إخوة مغراوة وبني يفرن‏.‏ويقال إنهم من بني وانتن بن ورسيك بن جانا إخوة مسارت وتاجرت وقد تقدم ذكر هذه الأنساب‏.‏وكان من بني واسين هؤلاء ببلاد قسطيلية‏.‏وذكر ابن الرقيق أن أبا يزيد النكاري لما ظهر بجبل أوراس كتب إليهم بمكانهم حول توزر يأمرهم بحصارها فحاصروها سنة ثلاث وثلاثين وثلاثماية‏.‏وربما أن منهم ببلد الحامة لهذا العهد ويعرفون ببني ورتاجن إحدى بطونهم‏.‏وأما جمهورهم فلم يزالوا بالمغرب الأقصى ما بين ملوية إلى جبل راشد‏.‏وذكر موسى بن أبي العافية في كتابه إلى الناصر الأموي يعرفه بحربه مع ميسور مولى أبي القاسم الشيعي وبمن صار إليه من قبائل البربر وزناتة فذكر فيهم من كان على ملوية وصا من قبائل بني واسين وبني يفرن وبني ورتاسن وبني وريمت ومطماطة فذكر منهم بني واسين لأن تلك المواطن هي مواطنهم قبل الملك‏.‏وفي هذه الطبقة منهم بطون‏:‏ فمنهم بنو مرين وهم أكثرهم عدداً وأقواهم سلطاناً وملكاً وأعظمهم دولة ومنهم أبو عبد الواد تلوهم في الكثرة والقوة وبنو توجين من بعدهم كذلك‏.‏هؤلاء أهل الملك من هذه الطبقة‏.‏وفيها من غير أهل الملك‏:‏ بنو راشد إخوة بني بادين كما نذكره وفيها أهل الملك أيضاً من غير نسبهم بقية من مغراوة بمواطنهم الأولى من وادي شلف نبضت فيهم عروق الملك بعد انقراض جيلهم الأول فتجاذبوا حبله مع أهل هذا الجيل‏.‏وكانت لهم في مواطنهم دولة كما نذكره‏.‏ومن أهل هذه الطبقة كثير من بطونها ليس لهم ملك‏:‏ نذكرهم الآن حين تفصيل شعوبهم‏.‏وذلك أن أحياءهم جميعاً تشعبت من زحيك بن واسين فكان منهم بنو سادين بن محمد وبنو مرين بن ورتاجن‏:‏ فأما بنو ورتاجن فهم من ولد ورتاجن بن ماخوخ بن وجديج بن فاتن بن يدر بن يخفت بن عبد الله بن ورتنيد بن المغر بن إبراهيم بن زحيك‏.‏وأما بنو مرين بن ورتاجن فتعددت أفخاذهم وبطونهم كما نذكره بعد حتى كثروا سائر شعوب بني ورتاجن وصار بنو ورتاجن معدودين في جملة أفخاذهم وشعوبهم‏.‏وأما بنو بادين بن محمد فمن ولد زحيك ولا أذكر الآن كيف يتصل نسبهم به‏.‏وتشعبوا إلى شعوب كثيرة‏:‏ فكان منهم بنو عبد الواد وبنو توجين وبنو مصاب وبنو أزردال يجمعهم كلهم نسب بادين بن محمد‏.‏وفي محمد هذا يجتمع بادين وبنو راشد ثم اجتمع محمد مع ورتاجن في زحيك بن واسين وكانوا كلهم معروفين بين زناتة الأولى ببني واسين قبل أن تعظم هذه البطون والأفخاذ وتشعبت مع الأيام‏.‏وبأرض إفريقية وصحراء برقة وبلاد الزاب منهم طوائف من بقايا زناتة الأولى قبل انسياحهم إلى المغرب‏:‏ فمنهم بقصور غدامس على عشرة مراحل قبل سرت وكانت مختطة منذ عهد الإسلام وهي خطة مشتملة على قصور وآطام عديدة وبعضها لبني واطاس من أحياء بني مرين يزعمون أن أوائلهم اختطوها وهي لهذا العهد قد استبحرت في العمارة واتسعت في التمدن بما صارت محطاً لركاب الحاج من السودان وقفل التجار إلى مصر والإسكندرية عند إراحتهم من قطع المفازة ذات الرمال المعترضة أمام طريقهم دون الأرياف والتلول وبابا لولوج تلك المفازة والحاج والتجر في مرجعهم‏.‏ومنهم ببلاد الحمة على مرحلة من غربي قابس أمة عظيمة من بني ورتاجن‏.‏وفرت منهم حاميتها واشتدت شوكتها وارتحل إليها التجر بالبضائع لنفاق أسواقها وتبحر عمارتها وامتنعت لهذا العهد على من يرومها ممن يجاورها فهم لا يودون خراجاً ولا يسمامون بمغرم حتى كأنهم لا يعرفونه عزة جناب وفضل بأس ومنعة‏.‏يزعمون أن سلفهم من بني ورتاجن اختطوها ورياستهم في بيت منهم يعرفون ببني وشاح وربما طال على رؤسائهم عهد الخلافة ووطأة الدول فيتطاولون إلى التي تنكر على السوقة من اتخاذ الآلات ويبرزون في زي السلطان أيام الزينة تهاوناً بشعار الملك ونسياناً لمألوف الانقياد شأن جرانهم رؤساء توزر ونفطة‏.‏وسابق الغاية في هذه المضحكة هو يملول مقدم توزر‏.‏ومن بني واسين هؤلاء بقصور مصاب على خمس مراحل من جبل تيطري في القبلة بما دون الرمال وعلى ثلاث مراحل من قصور بني ريغة في المغرب وهذا الاسم اسم للقوم الذين اختطوها ونزلوها من شعوب بني بادين حسبما ذكرناهم الآن‏.‏ووضعها في أرض حرة على آكام وضراب ممتنعة في قننها‏.‏وبينها وبين الأرض الحجرة المعروفة بالحمادة في سمت العرق متوسطة فيه قبالة تلك البلاد فراسخ في ناحية القبلة وسكانها لهذا العهد شعوب بني بادين من بني عبد الواد وبني توجين ومصاب وبني زردال فيمن يضاف إليهم من شعوب زناتة وإن كانت شهرتها مختصة بمصاب وحالها في المباني والأغراس وتفرق الجماعة بتفرق الرياسة شبيهة بحال بلاد بني ريغة والزاب‏.‏ومنهم بجبل أوراس بإفريقية طائفة من بني عبد الواد موطنوه منذ العهد الأقدم لأول الفتح معروفون بين ساكنيه‏.‏وقد ذكر بعض الإخباريين أن بني عبد الواد حضروا مع عقبة بن نافع في فتح المغرب عند إيغاله في ديار المغرب وانتهائه إلى البحر المحيط بالسوس في ولايته الثانية وهي الغزاة التي هلك في منصرفه منها وأنهم أبلوا البلاء الحسن فدعا لهم وأذن في رجوعهم قبل استتمام الغزاة‏.‏ولما تحيزت زناتة إلى المغرب الأقصى أمام كتامة وصنهاجة اجتمع شعوب بني واسين هؤلاء كلهم ما بين ملوية وصا كما ذكرناه‏.‏وتشعبت أفخاذهم وبطونهم وانبسطوا في صحراء المغرب الأقصى والأوسط إلى بلاد الزاب وما إليها من صحارى إفريقية إذ لم يكن للعرب في تلك المجالات كلها مذهب ولا مسلك إلى الماية الخامسة كما سبق ذكره‏.‏ولم يزالوا بتلك البلاد مشتملين لبوس العز مستمرين للأنفة وكان جل مكاسبهم الأنعام والماشية وابتغاؤهم الرزق من تحيف السابلة وفي ظل الرماح المشرعة وكانت لهم في محاربة الأحياء والقبائل ومنافسة الأمم والدول ومغالبة الملوك أيام ووقائع تلم بها ولم تعظم العناية باستيعابها فتأتي به‏.‏والسبب في ذلك أن اللسان العربي كان غالباً بغلب دولة العرب وظهور الملة العربية بالكتاب والخط بلغة الدولة ولسان الملك واللسان العجمي مستتر بجناحه مندرج في غماره ولم يكن لهذا الجيل من زناتة في الأحقاب القديمة ملك يحمل أهل الكتاب على العناية بتقييد أيامهم وتدوين أخبارهم ولم تكن مغالطة بينهم وبين أهل الأرياف والحضر حتى يشهدوا آثارهم لإبعادهم في القفار كما رأيت في مواطنهم وتوحشهم عن الانقياد فبقيت غفلاً إلى أن درس منها الكثير ولم يصل إليها منها بعد مهلكهم إلا الشارد القليل يتبعه المؤرخ المضطلع في مسالكه ويتقراه في شعابه ويستثيره من مكامنه وأقاموا بتلك القفار إلى أن تسنموا منها هضبات الملك على ما نصفه‏.‏ على المماليك والدول وذلك أن أهل هذه الطبقة من بني واسين وشعوبهم التي سميناها كانوا تبعا لزناتة الأولى ولما انزاحت زناتة إلى المغرب الأقصى أمام كتامة وصنهاجة خرج بنو واسين هؤلاء القفر ما بين ملوية وصا فكانوا يرجعون إلى ملوك المغرب لذلك العهد‏.‏مكناسة أولا ثم مغراوة من بعدهم‏.‏ثم حسر تيار صنهاجة عن المغرب وتقلص ملكهم الشيء وصاروا إلى الاستجاشة على القاصية بقبائل زناتة فأومضت بروقهم ورفت في ممالك زناتة منابتهم كما قدمناه‏.‏واقتسم أعمالها بنو ومانو وبنو يلومي ناحيتين وكانت ملوك صنهاجة أهل القلعة إذا عسكروا للمغرب يستنفرونهم لغزوه ويجمعون حشدهم للتوغل فيه‏.‏وكان بنو واسين هؤلاء ومن تشعب منهم من القبائل الشهيرة الذكر‏:‏ مثل بني مرين وبني توجين ومصاب قد ملكوا القفر ما بين ملوية وأرض الزاب وامتنعت عليهم الأرياف من المغربين بمن ملكها من زناتة الذين ذكرناهم وكان أهل الرياسة بتلك الأرياف والضواحي من زناتة مثل بني ومانوا وبني يلومي بالمغرب الأوسط وبني يفرن ومغراوة بتلمسان يستجيشون ببني واسين هؤلاء ويستظهرون بجموعهم على من زاحمهم أو قارعهم من ملوك صنهاجة وزناتة وغيرهم يجأجئون بهم من مواطنهم لذلك ويقرضونهم القرض الحسن من المال والسلاح والحبوب المعوزة لديهم بالقفار فيتأثلون منهم ويرتاشون‏.‏وعظمت حاجة بني حماد إليهم في ذلك عندما عصفت بهم ريح العرب الطوالع من بني هلال بن عامر وأصرعوا دولة المعز وصنهاجة بالقيروان والمهدية وألانوا من حدهم وزحفوا إلى المغرب الأوسط فدافع بنو حماد عن حوزته وأوعزوا إلى زناتة بمدافعتهم أيضاً فاجتمع لذلك بنو يعلى ملوك تلمسان من مغراوة وجمعوا من كان إليهم من بني واسين هؤلاء من بني مرين وعبد الواد وتوجين وبني راشد‏.‏وعقدوا على حرب الهلاليين لوزيرهم بو سعدى خليفة اليفرني فكان له مقامات في حروبهم ودفاعهم عن ضواحي الزاب والمغرب الأوسط إلى أن هلك في بعض أيامه معهم‏.‏وغلب الهلاليون قبائل زناتة على جميع الضواحي وأزاحوهم عن الزاب وما إليه من بلاد إفريقية وانشمر بنو واسين هؤلاء من بني مرين وعبد الواد وتوجين عن الزاب إلى موطنهم بصحراء المغرب الأوسط من مصاب وجبل راشد إلى ملوية وفيكيك ثم إلى سجلماسة ولاذوا ببني ومانوا وبني يلومي ملوك الضواحي بالمغرب الأوسط وتفيأوا ظلهم واقتسموا ذلك القفر بالمواطن فكان لبني مرين الناحية الغربية منها قبلة المغرب الأقصى بتيكورارين ودبدوا إلى ملوية وسجلماسة وبعدوا عن بني ومانوا وبني يلومي إلا في الأحايين وعند الصريخ‏.‏وكان لبني بادين منها الناحية الشرقية قبلة المغرب الأوسط ما بين فيكيك ومديونة إلى جبل راشد ومصاب وكانت بينهم وبين بني مرين فتن متصلة باتصال أيامهم في تلك المواطن سبيل القبائل الجيران في مواطنهم وكان الغلب في حروبهم أكثر ما يكون لبني بادين لما كانت شعوبهم أكثر وعددهم أوفر فإنهم كانوا أربعة شعوب‏:‏ بني عبد الواد وبني توجين وبني زردال وبني مصاب وكان معهم شعب آخر وهم إخوانهم بنو راشد لأنا قدمنا أن راشد أخو بادين‏.‏وكان موطن بني راشد الجبل المشهور بهم بالصحراء ولم يزالوا على هذه الحال إلى أن ظهر أمر الموحدين فكان لعبد الواد وتوجين ومغراوة من المظاهرة لبني يلومي على الموحدين ما هو مذكور في أخبارهم‏.‏ثم غلب الموحدون على المغرب الأوسط وقبائله من زناتة فأطاعوا وانقادوا وتحيز بنو عبد الواد وبنو توجين إلى الموحدين وازدلفوا إليهم بأمحاض النصيحة ومشايعة الدعوة وكان التقدم لبني عبد الواد عون الشعوب الأخرى وأمحضوا النصيحة للموحدين فاصطنعوهم عون بني مرين كما نذكر في أخبارهم‏.‏وأقطعهم الموحدون ضواحي المغرب الأوسط كما كانت لبني يلومي وبني ومانوا فملكوها‏.‏وتفرد بنو مرين بعد دخول بني بادين إلى المغرب الأوسط بتلك الصحراء لما اختار الله لهم من وفور قسمهم في الملك واستيلائهم على سلطان المغرب الذي غلبوا به الدول واشتملوا الأقطار ونظموا المشارق إلى المغارب واقتعدوا كراسي الدول المسامتة لهم بأجمعها ما بين السوس الأقصى إلى إفريقية‏.‏والملك لله يؤتيه من يشاء من عباده‏.‏فيه لزناتة عولة وسلطاناً في الأرض واقتادوا الأمم برسن الغلب وناغاهم في ذلك الملك البدوي إخوانهم بنو توجين‏.‏وكانت في هذه الطبقة الثانية بقية أخرى مما ترك آل خزر من قبائل مغراوة الأولى كانوا موطنين بقرار عزهم ومنشأ جيلهم بوادي شلف فجاذبوا هؤلاء جبل الملك وناغوهم في أطوار الرياسة واستطالوا بمن وصل جناحهم من هذه فتطاولوا إلى مقاسمتهم في الملك ومساهمتهم في الأمر‏.‏وما زال بنو عبد الواد في الغض من عنانهم وجدع أنوف عصيانهم حتى أوهنوا من بأسهم وخصت الدولة العبد الوادية ثم المرينية بسمة الملك المخلفة من جناح تطاولهم وتمحض ذلك كله عن استبداد بني مرين واستتباعهم بجميع هؤلاء العصائب كما نذكر لك الان دولتهم واحدة بعد أخرى ومصاير أمور هؤلاء الأربعة التي هي رؤوس هذه الطبقة الثانية من الملك لله يؤتيه من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين‏.‏ولنبدأ منها بذكر مغراوة بقية الطبقة الأ ولى وما كان لرؤسائهم أولاد منديل من الملك في هذه الطبقة الثانية‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://arabelalekat.yoo7.com
الشيخ عودة
الشيخ عودة
الشيخ عودة



عدد المساهمات : 1748
تاريخ التسجيل : 28/09/2008
العمر : 73

  الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية     الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Emptyالإثنين فبراير 03, 2014 8:01 pm

الخبر عن أولاد مند يل

من الطبقة الثانية وما أعادوا لقومهم من مغراوة من الملك بموطنهم الأول من شلف وما إليه من نواحي المغرب الأوسط لما ذهب الملك عن مغراوة بانقراض ملوكهم آل خزر واضمحلت دولتهم بتلمسا ن وسجلماسة وفاس وطرابلس وبقية قبائل مغراوة متفرقة في مواطنهم الأولى بنواحي المغربين وإفريقية والصحراء والتلول والكثير منهم بعنصرهم ومركزهم الأول بموطن شلف وما إليه فكان به بنو ورسيفان وبنو ورتزمان وبنو أيليت ويقال إنهم من ورتزمان وبنو سعيد وبنو زجاك وبنو سنجاس وربما يقال إنهم من زناتة وليسوا من مغراوة وكان بنوخزرون الملوك بطرابلس فأقام بجبل أوراس مدة ثم انتقل إلى زواوة فأقام بينهم أعواما‏.‏ثم ارتحل عنهم فنزل على بقايا قومه مغراوة بشلف من بني ورسيفان وبني ورتزمين وبني بو سعيد وغيرهم فتلقوه بالمبرة والكرامة وأوجبوا له حق البيت الفي ينتسب إليه‏.‏وأصهر إليهم فأنكحوه وكثر ولده وعرفوا بينهم ببني محمد ثم بالخزرية نسبة إلى سلفه الأول‏.‏وكان من ولده الملقب أبو ‏"‏ بن عبد الصمد بن وارجيع بن عبد الصمد وكان منتحلا للعبادة والخيرية وأصهر سإليه بعض ولد ماخوخ ملوك بني ومانوا بابنته فأنكحه إياها فعظم أمره عندهم بقومه ونسبه وصهره‏.‏وجاءت دولة الموحدين على إثرذلك فرمقوه بعين التجلة لما كان عليه من طرق الخير فأقطعوه بوادي شلف وأقام على ذلك‏.‏وكان له من الولد وارجيع وهو كبيرهم وعزيز ويغريان وماكور ومن بنت ابن ماخوخ عبد الرحمن وكان أجلهم شأنا عنده وعند قومه عبد الرحمن هذا لما يوجبون له بولادة ماخوخ ويزعمون أنه لما ولد خرجت به أمه إلى الصحراء فألقته إلى شجرة وذهبت في بعض حاجتها فأطاف به يعسوب من النحل متواقعين عليه‏.‏وبصرت به على البعد فجاءت تعدو لما أدركها من الشفقة وقال لها بعض العرافين احتفظي عليه فوالله ليكونن له شأن‏.‏ونشأ عبد الرحمن هذا في حق هذه التجلة مدلاً بنسبه وبأسه‏.‏وكثر عشيره من بني أبيه واعصوصب عليه قبائل مغراوة فكان له بذلك شوكة وفي دولة الموحدين تقدمة لما كان يوجب لهم على نفسه من الانحياش والمخالطة والتقدم في مذاهب الطاعة‏.‏وكان السادة منهم يمرون به في غزواتهم إلى إفريقية ذاهبين وراجعين فينزلون منه خير نزل وهم ينقلبون بحمده والشكر لمذهبه فيزيد خلفاؤهم اغتباطًا به‏.‏وأدرك بعض السادة وهو بأرض قومه

الخبر بمهلك الخليفة بمراكش

فخلف الذخيرة والظهر أسلمها إلى عبد الرحمن هذا فنجا بدمائه بعد أن صحبه إلى تخم وطنه فكانت له فيها ثروة أكسبته قوة وكثرة فاستركب من قومه واستكثر من عصابته وعشيره‏.‏وهلك خلال ذلك وقد فشل ريح بني عبد المؤمن وضعف أمر الخلافة بمراكش‏.‏وكان له من الولد منديل وتهيم وكان أكبرهما منديل فقام بأمر قومه على حين عصفت رياح الفتنة وأجلب ابن غانية على أعمال المغرب الأوسط‏.‏وسما لمنديل أمل في التغلب على ما يليه فاستأسد في عرينه وحمى عن أشباله‏.‏ثم فسح خطوته إلى ما جاوره من البلاد فملك جبل وكان بسيط متيجة لهذا العهد مستبحرًا بالعمران آهلاً بالقرى والأمصار‏.‏ونقل الإخباريون أن أهل متيجة لذلك العهد كانوا يجمعون في ثلاثين مصرًا فجاس خلالها وأوطأ الغارات ساحتها وخرب عمرانها حتى تركها خاوية على عروشها‏.‏وهو في ذلك يوهم التمسك بطاعة الموحدين وأنه سلم لمن سالمهم وحرب على من عاداهم‏.‏وكان ابن غانية منذ غلبه الموحدون على إفريقية قد أزاحوه إلى قابس وما إليها ونزل الشيخ أبو محمد بن أبي حفص بتونس فدفعه عن إفريقية إلى أن هلك سنة ثمان عشرة فطمع يحيى بن غانية في استرجاع أمره وأسف إلى الثغور والأمصار يعيث فيها ويخربها ثم تجاوز إفريقية إلى بلاد زناتة وشن عليها الغارات واكتسح البسائط وتكررت الوقائع بينه وبينهم‏.‏وجمع له منديل بن عبد الرحمن ولقيه بمتيجة وكانت الدبرة عليه وانفضت عنه مغراوة فقتله ابن غانية صبراً سنة اثنتين أو ثلاث وعشرين‏.‏وتغلب على الجزائر إثر نكبته فصلب بها شلوه وصيره مثلاً للآخرين‏.‏وقام بأمره في قومه بنوه وكانوا نجباء فكان لهم العدة والشرف وكانوا يرجعون في أمرهم إلى كبيرهم العباس فتقبل مذاهب أبيه وأقصر عن بلاد متيجة‏.‏ثم غلبهم بنو توجين على جبل وانشريش وضواحي المرية وما إلى ذلك‏.‏وانقبضوا إلى مراكزهم الأولى بشلف وأقاموا بها ملكًا بدويًا لم يفارقوا فيه الظعن والخيام والضواحي والبسائط‏.‏واستولوا على مدينة مليانة وتنس وبرشك وشرشال مقيمين فيها الدعوة الحفصية واختطوا قرية مازونة‏.‏ولما استوسق الملك بتلمسان ليغمراسن بن زيان واستفحل سلطانه بها وعقد له عليها ولأخيه من قبله بنو عبد المؤمن سما إلى التغلب على أمصار المغرب الأوسط وزاحم بني توجين وبني منديل هؤلاء بمناكبه فلفتوا وجوههم جميعاً إلى الأمير أبي زكريا بن أبي حفص مديل الدولة بإفريقية من آل عبد المؤمن وبعثوا إليه الصريخ على يغمراسن فاحتشد لها جموع الموحدين والعرب وغزا تلمسان وافتتحها كما ذكر ناه‏.‏ولما قفل إلى الحضرة عقد مرجعه لأمراء زناتة كل على قومه ووطنه‏:‏ فعقد للعباس بن منديل على مغراوة ولعبد القوي على توجين ولأولاد حبورة على ملكيش وسوغ لهم اتخاذ الآلة فاتخذوها بمشهد منه‏.‏وعقد العباس السلم مع يغمراسن ووفد عليه بتلمسان فلقاه مبرة وتكريمًا وذهب عنه بعدها مغاضبًا‏.‏يقال إنه تحدث بمجلسه يومًا فزعم أنه رأى فارسًا واحدًا يقاتل مايتين من الفرسان فنكر ذلك من سمعه من بني عبد الواد وعرضوا تكذيبه فخرج العباس لها مغاضبًا حتى أتى قومه وأتى يغمراسن مصداق قوله فإنه كان يعني بذلك الفارس نفسه‏.‏ وهلك العباس لخمس وعشرين سنة من بعد أبيه سنة سبع وأربعين وقام بالأمر بعده أخوه محمد بن منديل وصلحت الحال بينه وبين يغمراسن وصاروا إلى الاتفاق والمهادنة‏.‏ونفر معه بقومه مغراوة إلى غزو المغرب سنة كلدمان وهي سنة سبع وأربعين وستماية وهزمهم فيها يعقوب بن عبد الحق فرجعوا إلى أوطانهم وعاودوا شأنهم في العداوة‏.‏وانتقض عليهم أهل مليانة وخلعوا الطاعة الحفصية‏.‏وكان من خبر هذا الانتقاض أن أبا العباس أحمد الملياني كان كبير وقته علماً وديناً ورواية وكان عالي السند في الحديث فرحل إليه بالأعلام وأخذ عنه الأئمة وأوفت به الشهرة على ثنايا السيادة فانتهت إليه رياسة بلده على عهد يعقوب المنصور وبنيه‏.‏ونشأ ابنه أبو علي في جو هذه العناية وكان جموحاً للرياسة طامحاً إلى الاستبداد وهو مع ذلك خلو من المغارم‏.‏فلما هلك أبوه جرى في شاو رئاسته طلقاً ثم رأى ما بين مغراوة وبني عبد الواد من الفتنة فحدثته نفسه بالاستبداد ببلده فجمع لها جراميزه وقطع الدعاء للخليفة المستنصر سنة تسع وخمسين‏.‏وبلغ الخبرإلى تونس فسرح الخليفة أخاه أبا حفص في عسكر من الموحدين في جملته ‏"‏ دون الريك بن هراندة ‏"‏ من آل أذفونش ملوك الجلالقة وكان نازعاً إليه عن أبيه في طائفة من قومه فنازلوا مليانة أياماً‏.‏وداخل السلطان طائفة من مشيخة البلد المنحرفين عن أبي علي الملياني فسرب إليهم جندا بالليل واقتحموها من بعض المداخل وفر أبو علي الملياني تحت الليل‏.‏وخرج من بعض قنوات البلد فلحق بأحياء العرب ونزل على يعقوب بن موسى أمير العطاف من بطون زغبة فأجاره إلى أن لحق بعدها بيعقوب بن عبد الحق فكان من أمره ما ذكرناه في أخبارهم‏.‏وانصرف عسكر الموحدين والأمير أبو حفص إلى الحضرة وعقدوا لمحمد بن منديل على مليانة فأقام فيها الدعوة الحفصية على سنن قومه‏.‏ثم هلك محمد بن منديل سنة اثنتين وستين لخمس عشرة من ولايته قتله أخواه ثابت وعياد بمنزل ظواعنهم بالخميس من بسيط بلادهم وقتل معه عطية ابن أخيه منيف‏.‏وشاركه ثابت في الأمر واجتمع إليه قومه وتقطع بين أولاد منديل وخشنت صدورهم‏.‏واستغلظ يغمراسن بن زيان عليهم وداخله عمر بن منديل أخوهم في أن يمكنه من مليانة ويشد عضده على رياسة قومه فشارطه على ذلك وأمكنه من أزمة البلد سنة ثمان وستين ونادى بعزل ثابت ومؤازرة عمر على الأمر فتم لهما ما أحكماه من أمرهما في مغراوة‏.‏واستمكن بها يغمراسن من قياد قومه‏.‏ثم تناغى أولاد منديل في الازدلاف إلى يغمراسن بمثلها نكاية لعمر فاتفق ثابت وعايد أولاد منديل على أن يحكماه في تنس فأمكناه منها سنة اثنتين وسبعين على اثني عشر ألفاً من الذهب‏.‏واستمرت ولاية عمر إلى أن هلك سنة ست وسبعين فاستقل ثابت بن منديل برياسة مغراوة وأجاز عايد أخوه إلى الأندلس للرباط والجهاد مع صاحبه زيان بن محمد بن عبد القوي وعبد الملك بن يغمراسن فحول زناتة واسترجع ثابت بلاد تنس ومليانة من يد يغمراسن ونبذ إليه العهد‏.‏ثم استغلظ يغمراسن عليهم واسترد تنس سنة إحدى وثمانين بين يدي مهلكه‏.‏ولما هلك يغمراسن وقام بالأمر ابنه عثمان انتقضت عليه تنس ثم ردد الغزو إلى بلاد توجين ومغراوة حتى غلبهم آخراً على ما بأيديهم وملك المرية بمداخلة بني لمدية أهلها سنة سبع وثمانين‏.‏وغلب ثابت بن منديل على مازونة فاستولى عليها ثم نزل له عن تنس أيضاً فملكها‏.‏ولم يزل عثمان مراغماً لهم إلى أن زحف إليهم سنة ثلاث وتسعين فاستولى على أمصارهم وضواحيهم وأخرجهم عنها وألجأهم إلى الجبال‏.‏ودخل ثابت بن منديل إلى برشك ممانعاً دونها فزحف إليه عثمان وحاصره بها حتى إذا استيقن أنه أحيط به ركب البحر إلى المغرب ونزل على يوسف بن يعقوب سلطان بني مرين صريخاً سنة أربع وتسعين فأكرمه ووعده بالنصرة من عدوه وأقام بفاس‏.‏وكانت بينه وبين ابن الأشهب من رجالات بني عسكر صحابة ومداخلة فجاء بعض الأيام إلى منزله ودخل عليه من غير استئذان وكان ابن الأشهب تملا فسطا به وقتله‏.‏وثار السلطان به منه وانفجع لموته‏.‏وكان ثابت بن منديل قد أقام ابنه محمداً للأمر في قومه وولاه عليهم لعهده واستبد بملك مغراوة دونه ولما انصرف أبوه ثابت إلى المغرب أقام هو بأمارته على مغراوة‏.‏وهلك قريباً من مهلك أبيه فقام بأمرهم من بعده شقيقه علي ونازعه الأمر أخواه رحمون ومنيف فقتله منيف ونكر ذلك هو منهم وأبوا من أمارتهما عليهم فلحقا بعثمان بن يغمراسن فأجازهما إلى الأندلس‏.‏وكان أخوهما معمر بن ثابت قائداً على الغزاة بالبغيرة فنزل لمنيف عنها فكانت أول ولاية وليها بالأندلس‏.‏ولحق بهم أخوهم عبد المؤمن فكانوا جميعاً هنالك‏.‏ومن أعقاب عبد المؤمن يعقوب بن زيان بن عبد المؤمن ومن أعقاب منيف بن عمر بن منيف وجماعة منهم هم لهذا العهد بوطن الأندلس‏.‏ولما هلك ثابت بن منديل سنة أربع وتسعين كما قلناه كفل السلطان ولده وأهله وكان فيهم حافده راشد بن محمد فأصهر إليه في أخته فأنكحه إياها‏.‏ونهض إلى تلمسان سنة ثمان وتسعين فأناخ عليها واختط مدينة لحصارها وسرح عساكر في نواحيها‏.‏وعقد على مغراوة وشلف لعمر بن ويغرن بن منديل وبعث معه جيشاً فافتتح مليانة وتنس ومازونة سنة تسع وتسعين ووجد راشد في نفسه إذ لم يوليه على قومه وكان يرى أنه الأحق بنسبه وصهره فنزع عن السلطان ولحق بجبال متيجة ودس إلى أوليائه في مغراوة حتى وجد فيهم الدخلة فأغذ السير ولحق بهم فافترق أمر مغراوة‏.‏وداخل أهل مازونة فانتقضوا على السلطان وبيت عمر بن ويغرن بأزمور من ضواحي بلادهم فقتله‏.‏واجتمع عليه قومه وسرح السلطان إليه الكتائب من بني عسكر لنظر الحسن بن علي بن أبي الطلاق ومن بني ورتاجن لنظر علي بن محمد الخيري من بني توجين لنظر أبي بكر بن إبراهيم بن عبد القوي ومن الجند لنظر علي بن حسان صبحي من صنائعه‏.‏وعقد على مغراوة لمحمد بن عمر بن منديل وزحفوا إلى مازونة وقد ضبطها راشد وخلف عليها علياً وحمو ابني عمه يحيى بن ثابت‏.‏ولحق هو ببني بو سعيد مطلاً عليهم وأناخت العساكر بمازونة ووالوا عليها الحصار سنتين حتى شهدوهم‏.‏وبعث علي بن يحيى أخاه حمو إلى السلطان من غير عهد فتقبض عليه‏.‏اضطره الجهد إلى مركب الغرور فخرج إليهم ملقياً بيده سنة ثلاث‏.‏وأشخصه إلى سلطان فعفا عنه واستبقاه واحتسبهما تأنيساً واستمالة لراشد‏.‏ثم سرح العساكر إلى قاصية الشرق لنظر أخيه أبي يحيى بن يعقوب فنازل راشد بن محمد في معقل بني بو سعيد وطال حصاره إياه وأمكنته الغرة بعض الأيام في العساكر وقد تعلقوا بأوعار الجبل زاحفين إليه فهزمهم‏.‏وهلك في تلك الواقعة خلق من بني مرين وعساكر السلطان وذلك سنة أربع وسبعماية‏.‏وبلغ الخبرإلى السلطان فأحفظه ذلك عليهم وأمر بابن عمه علي بن يحيى وأخيه حمو ومن معهم من قومهم فقتلوا رشقاً بالسهام واستلحمهم‏.‏ثم سرح أخاه أبا يحيى بن يعقوب ثانية سنة أربع فاستولى على بلاد مغراوة ولحق راشد بجبال صنهاجة من متيجة ومعه عمه منيف بن ثابت ومن اجتمع إليهم من الثعالبة فنازلهم أبو يحيى بن يعقوب‏.‏وراسل راشد يوسف بن يعقوب فانعقدت بينهما السلم ورجعت العساكر عنهم‏.‏وأجاز منيف بن ثابت مع بنيه وعشيرته إلى الأندلس فاستقروا هنالك آخر الأيام‏.‏ولما هلك يوسف بن يعقوب بمناخه على تلمسان آخر سنة ست وانعقدت السلم بين حافده أبي ثابت وبين أبي زيان بن عثمان سلطان بني عبد الواد على أن يخلي له بنو مرين عن جميع ما ملكوه من أمصارهم وأعمالهم وثغورهم وبعثوا في حاميتهم وعمالهم وأسلموها لعمال أبي زيان‏.‏وكان راشد قد طمع في استرجاع بلاده وزحف إلى مليانة فأحاط بها‏.‏فلما نزل عنها بنو مرين لأبي زيان وصارت مليانة وتنس له أخفق سعي راشد وأفرج عن البلد‏.‏ثم كان مهلك أبي زيان قريباً وولى أخوه أبو حمو موسى بن ضمان‏.‏واستولى على المغرب الأوسط فملك تافر كينت سنة سبع وملك لعدها مليانة والمرية ثم ملك تنس وعقد عليها لمسامح مولاه وقارن ذلك حركة صاحب بجاية السلطان أبي البقاء خالد ابن مولانا الأمير أبي زكريا ابن السلطان أبي إسحاق إلى متيجة لاسترجاع الجزائر من يد ابن علان الثائر عليهم فلقيه هنالك راشد بن محمد وصار في حملته وظاهره على شأنه‏.‏ولقاه السلطان تكرمة وبراً وعقد له ولقومه حلفاً مع صنهاحة أولياء الدولة والمتغلبين على ضاحية بجاية وجبال زواوة فاتصلت يد راشد بيد زعيمهم يعقوب بن خلوف أحد وزراء الدول‏.‏ولما نهض السلطان خالد للاستئثار بملك الحضرة تونس استعمل يعقوب بن خلوف على بجاية وعسكر راشد معه بقومه وأبلى في الحروب بين يديه وأغنى في مظاهرة أوليائه حتى إذا ملك حضرتهم واستولى على تراث سلفهم أسف حاجب الدولة راشد هذا وقومه بإمضاء الحكم في بعض حشمه لعرض للخرابة في السابلة فتقبض عليه ورفع إلى سدة السلطان فأمضى فيه حكم الله‏.‏وذهب راشد مغاضباً ولحق بوليه ابن خلوف ومضطربه من زواوة‏.‏وكان يعقوب بن خلوف قد هلك وولى السلطان مكانه ابنه عبد الرحمن فلم يرع حق أبيه في إكرام صديقه راشد‏.‏وتشاجر معه في بعض الأيام مشاجرة نكر عبد الرحمن فيها ملاحاة راشد له وأنف منها وأدل فيها راشد بمكانه من الدولة وببأس قومه فلذعه بالقول وتناوله عبد الرحمن وحشمه وخزاً بالرماح إلى أن أقعصوه‏.‏وانذعر جميع مغراوة ولحقوا بالثغور القاصية فأقفر منهم شلف وما إليه كأن لم يكونوا به‏.‏وأجاز منهم بنو منيف وبنو ويغرن إلى الأندلس للمرابطة بثغور المسلمين فكانت منهم حامية موطنة هنالك أعقابهم لهذا العهد‏.‏وأقام في جوار الموحدين فل آخر من أوساط قومهم كانوا شوكة في عساكر الدولة إلى أن انقرضوا‏.‏ولحق علي بن راشد طفلا بعمته في قصر بني يعقوب بن عبد الحق فكفلته وصار أولاد منديل عصباً إلى وطن بني مرين فتولوهم وأحسنوا جوارهم وأصهروا إليهم سائر الدولة إلى أن تغلب السلطان أبو الحسن على المغرب الأوسط ومحا دولة آل زيان وجمع كلمة زناتة وانتظم مع بلادهم بلاد إفريقية وانتقضت العمالات والأطراف وانتزى أعياص الملك بمواطنهم الأولى فتوثب علي بن راشد بن محمد بن ثابت بن منديل على بلاد شلف وتملكها وتغلب على أمصارها‏:‏ مليانة وتنس وبرشك وشرشال وأعاد ما كان لسلفه فيها من الملك على طريقتهم البدوية وأرهفوا حدهم لمن طالبهم من القبائل‏.‏وخلص السلطان أبو الحسن من ورطته بإفريقية ثم من ورطة البحر بمرسى بجاية إلى الجزائر يحاول استرجاع ملكه المفترق فبعث إلى علي بن راشد وذكره ذمته فتذكر وحن وأشترط لنفسه التجافي عن ملك قومه بشلف على أن يظاهره على بني عبد الواد فأبى السلطان أبو الحسن من اشتراط ذلك له فتحيز عنه إلى فيئة بني عبد الواد الناجمين بتلمسان كما ذكرناه قبل وظاهرهم عليه‏.‏وبرز إليهم السلطان أبو الحسن من الجزائر والتقى الجمعان بشربوبة سنة إحدى وخمسين فاختل مصاف السلطان أبي الحصن وانهزم جمعه وهلك ابنه الناصر طاح عمه في مغراوة هؤلاء‏.‏وخرج إلى الصحراء ولحق منها بالمغرب الأقصى كما نذكره بعد‏.‏وتطاول الناجمون بتلمسان من آل يغمراسن إلى انتظام بلاد مغراوة في ملكهم كما كان لسلفهم فنهض إليهم بعساكر بني عبد الواد رديف سلطانهم وأخوه أبو ثابت الزعيم بن عبد الرحمن بن يغمراسن فأوطأ قومه بلاد مغراوة سنة اثنتين وخمسين وفل جموعهم وغلبهم على الضاحية والأمصار‏.‏وأحجر علي بن راشد بتنس في شرذمة من قومه وأناخ بعساكره عليه وطال الحصار ووقع الغلب‏.‏ولما رأى علي بن راشد أن قد أحيط به دخل إلى زاوية من زوايا قصره وانتبذ فيها عن الناس وذبح نفسه بحد حسامه وصار مثلاً وحديثاً للآخرين‏.‏واقتحم البلد لحينه واستلحم من عثر عليه من مغراوة لآخرون إلى أطراف الأرض ولحقوا بأهل الدول فاستركبوا واستلحقوا وصاروا جنداً للدول وحشماً وأتباعا وانقرض أمرهم من بلاد شلف‏.‏ثم كانت لبني مرين الكرة الثانية إلى تلمسان وغلبوا آل زيان ومحوا آثارهم‏.‏ثم فاء ظلهم بملك السلطان أبي عنان وحسر تيارهم‏.‏وجدد الناجمون من آل يغمراسن دولة ثالثة بمكان عملهم على يد أبي حمو الأخير ابن موسى بن يوسف كما نذكره في أخبارهم‏.‏ثم كانت لبني مرين الكرة الثالثة إلى بلد تلمسان ونهض السلطان لعزيز ابن السلطان أبي الحسن إليها فاتح سنة اثنتين وسبعين وسرح عساكره في أتباع أبي حمو الناجم بها من آل يغمراسن حين فر أمامه في قومه وأشياعه من العرب كما لك كله‏.‏ولما انتهت العساكر إلى البطحاء تلوموا هنالك أياما لإزاحة عللهم‏.‏وكان في جملتهم صبي من ولد علي بن راشد الذبيح اسمه حمزة ربي يتيماً في حجر دولتهم لذمام الصهر الذي لقومه فيهم فكفلته نعمتهم وكنفه جوهم حتى شب واستوى وسخط رزقه ديوانهم وحاله بين ولدانهم‏.‏واعترض بعض الأيام قائد الجيوش الوزير أبا بكر بن غازي شاكياً فجبهه وأساء رده فركب الليل ولحق بمعقل بني بوسعيد من بلد شلف فأجاروه ومنعوه ونادى بدعوة قومه فأجابوه‏.‏وسرح إليهم السلطان عبد العزيز وزيره عمر بن مسعود بن منديل بن حمامة كبير تيربيغين في جيش كثيف من بني مرين والجند فنزل بساحة ذلك الجبل فحاصرهم حولاً كريتاً ينال منهم وينالون منه وامتنعوا عليه واتهم السلطان وزيره بالمداهنة وسعى به منافسوه فتقبض عليه وسرح وزيره الآخر أبا بكر بن غازي فنهض يجر العساكر الضخمة والجيوش الكثيفة إلى أن نزل بهم وصبحهم القتال فقذف الله في قلوبهم الرعب وأنزلهم من معقلهم‏.‏وفر حمزة بن علي في فل من قومه فلحق ببلاد حصين المنتقضين كانوا على الدولة أبي زيان بن أبي سعيد الناجم من آل يغمراسن حسبما نذكر‏.‏وأتى بنو أبي سعيد طاعتهم وأخلصوا الضمائر في مغيبهم وحسن موقعها‏.‏وبدا لحمزة في الرجوع إليهم فأغذ السير في لمة من قومه حتى إذا ألم بهم نكروه لمكان ما اعتقلوا به من حبل الطاعة فتسهل إلى البسائط وقصد تيمزوغت يظن بها غرة ينتهزها‏.‏وبرزت إليه حاميتها ففلوا حده وردوه على عقبه وتسابقوا في أتباعه إلى أن تقبضوا عليه وقادوه إلى الوزير ابن غازي بن الكاس‏.‏وأوعز إليه السلطان بقتله في جملة أصحابه فضرب أعناقهم وبعث بها إلى سدة السلطان‏.‏وصلب أشلاءهم على خشب مسندة نصبها لهم ظاهر مليانة وامحى أثر مغراوة وانقرض أمرهم وأصبحوا خولا للأمراء وجندا في الدول وأوزاعاً في الأقطار كما كانوا قبل هذه الدولة الأخيرة لهم‏.‏والبقاء لله وحده وكل شيء هالك إلا وجهه‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://arabelalekat.yoo7.com
الشيخ عودة
الشيخ عودة
الشيخ عودة



عدد المساهمات : 1748
تاريخ التسجيل : 28/09/2008
العمر : 73

  الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية     الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية Emptyالإثنين فبراير 03, 2014 8:07 pm


ورقلة عبر التاريخ
عصور ماقبل التاريخ و فجر التاريخ

1 – سكان ورقلة في عصور ماقبل التاريخ :

عصور ماقبل التاريخ :


إصطلح المؤرخون على تسمية المرحلة التي سبقت إختراع الكتابة ، بعصور ما قبل التاريخ ، تمتد من ظهور الإنسان إلى ظهور الكتابة نحو عام 3200 قبل الميلاد و التاريخ علم يعتمد على الوثائق المكتوبة و يتناول أنواع نشاط الإنسان ، فالعصر السابق للكتابة أو ما قبل التاريخ لا يوفر وثائق و مدونات مكتوبة يمكنها أن تروي لنا قصة البشرية ، لكنه ترك الكثير من المخلفات و الآثار البشرية ، كشواهد صامتة ، لكنها في نظر العديد من العلماء أكثر مصداقية مما هو مكتوب لأنها منزهة عن الزيف الذي يتعمده الإنسان في الكثير من الحالات لدى تدوينه لتاريخه ، و تعد هذه المخلفات و الآثار أهم مصادر المعرفة لعصر ما قبل التاريخ .

دلت الأبحاث و الحفريات التي أجريت في حوض ورقلة أن هذه المنطقة كانت مأهولة بالسكان منذ أقدم العصور البشرية ، إستناذا للمخلفات التي تم العثور عليها في المواقع أو المقابر و بقايا الهياكل العظمية البشرية و الحيوانية .

هذه المخلفات المتمثلة في أدوات و أسلحة حجرية يمكن تصنيفها إلى نفس المراحل العالمية :

1.العصر الحجري القديم الأسفل Le Paléolithique Ancien
2.العصر الحجري الأوسط Le Paléolithique Moyen
3.العصر الحجري الأعلى La Epipaléolithique
4.العصر الحجري الحديث Le Néolithique

متى ظهر الإنسان في حوض ورقلة :

هنا لابد أن نعتمد على أبحاث العلماء المختصين الذين انكبوا على دراسة الإنسان الأول في المنطقة و نبع أصله و نشأته و تحركاته و مناطق استطانه .

أثبت هؤلاء العلماء أن الصحراء الكبرى كانت منطقة خصبة بأمطارها الغزيرة و دفئها مما يساعد على نمو النبات و تكاثر الحيوان و ثبت لديهم بما لا يدع الشك استنادا إلى جماجم بشرية و حيوانية ، كثافة هذه المنطقة بالسكان قبل أن يجتاحها الجفاف و تتحول إلى صحراء قاحلة تعصف بها الرياح ، ولا تزال آثار المجاري المائية التي كانت تصب في البحيرات ( التي تحولت إلى شطوط ) واضحة لرواد هذه البوادي و كانت منطقة ورقلة مثل كل مناطق الصحراء الكبرى آهلة بالسكان منذ عهد سحيق ، و على نطاق واسع ، ربما يأكد بأن السكان الآوائل قد عمروا حوض ورقلة ، وفرة الإكتشافات المتمثلة في هياكل عظمية للماموث ( Mammouth ) وهو فيل ضخم منقرض ، ومحار بيض النعام ، وجدوع الأشجار المتحجرة .

ومخلفات العصر الحجري في منطقة ورقلة عديدة لا تحصى مثل القطع الحجرية من الصوان المنحوت ، و السهام المنحوتة بدقة مختلفة الأحجام .

و لا يمكننا تصور خلو المنطقة من السكان في العصور المعدنية رغم عدم عثور العلماء على أدوات معدنية بسبب التأكسد السريع للمعادن خلافا للحجارة .

2- سكان ورقلة في العصور القديمة L'Antiquité :
من المسلم به أن وجود ورقلة كمركز عمراني و محطة تجارية ، بدأ قبل الفتح الإسلامي للمغرب العربي وقبل دخول العرب إلى هذه الديار بعصور طويلة ، أن وجودها يمتد على طول خمس وعشرين قرنا على الأقل ( منذ منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد ، منذ أن خرج سكانها من مجاهل ماقبل التاريخ و عرفوا بأنهم ( بربر) و هي التسمية التي كان الإغريق و من بعدهم الرومان يطلقونها عليهم و على كل الشعوب التي لم تكن تتكلم لغتهم ، وعنهم أخذها المؤرخون العرب .

أصل سكان ورقلة :
عندما انقسم البربر خلال الألفية الأولى قبل الميلاد إلى عدة قبائل كانت القبيلة المعروفة باسم ( جيتول ) و هم رحالة ، ينتقلون بين الصحراء و الهضاب العليا ، ويعتقد علماء الأنثروبولوجيا ( Les anthropologistes ) بأن أصلهم من شرق أفريقيا و أثيوبيا على وجه الخصوص ، ولاشك في أنهم أسلاف سكان ورقلة الناطقين بالأمازيغية اليوم .

إلا أن على السلالات البشرية يؤكدون أن السكان الوافدين خلال التاريخ الطويل ، إلى المنطقة قد أثروا تأثيرا عميقا في ملامح و لون هؤلاء السكان فقد إختلطت دماؤهم بعضها مع بعض ، ففقدوا الكثير من نقاوتهم و صفاتهم الأصلية .

وقد عرف هؤلاء السكان زراعة الحبوب ، تشهد على ذلك الأدوات التي عثر عليها في المنطقة مثل المجرفة أو المعزقة ( la houe ) و المحراث اليدوي ( l'Acaire ) و يغلب الظن أنها قد استعملت في زراعة القمح الصلب الذي يطلق عليه سكان المنطقة ( حتى يومنا هذا ) إسم " أرن" هذه العبارة يستعملها كل البربر من صحراء ( سيوه) المصرية إلى جزر الكناري الإسبانية.

و يؤكد علماء النبات أن هذا القمح من شرق إفريقيا و هو مايوافق رأي علماء السلالات البشرية ( Les Anthropologistes ) في كون أصل سكان المنطقة البربر يعود إلى شرق إفريقيا ، كما سبقت الإشارة .

3- ورقلة في فجر التاريخ :
لما بدأ فجر التاريخ يلقي ضوءه على المنطقة الصحراوية كان سكان هذه المناطق قد تواصلوا مع الحضارات المعاصرة القريبة منهم ، ففي هذه المرحلة يظهر بوضوح التأثير الحضاري المصري ومما يؤكد هذه الصلات الحضارية أن عبادة الإله المصري ( أمون راع ) كانت منتشرة في المنطقة الصحراوية .
وقد ساعد على انتشار الحضارة في هذه الجهة أن الصحراء لم تكن حتى بداية العصر التاريخي ( فجر التاريخ ) قد تحولت إلى الجفاف الشديد الذي عليه في الوقت الحاضر .
لم يكن سكان الصحراء في هذه الحقبة قد عرفوا الخيمة بل كانوا يبنون مساكنهم من فروع الأشجار
المتشابكة .

فإذا ما هاجروا المكان تركت تلك الأكواخ تتلاعب بها الرياح أو تطمرها الرمال .أما الخيمة فالأرجح أنها عرفت مع الجمل في ما بعد ، فالعلاقة واضحة بينهما ، فالخيمة تصنع من وبر الجمال و الجمل هو الحيوان الوحيد الذي يمكنه أن ينقل هذا المسكن ( الخيمة ) عبر الصحراء ، فإستعمال الخيمة و استخدام الجمل متزامنان و مرتبطان ببعضهما .

و من المحتمل أن يكون دخول الجمل سابق للفتح الإسلامي و لكن لم ينتشر استخدامه إلا مع الفتح ، و بالتالي لم تستعمل الخيمة كسكن إلا من طرف العرب الوافدين فلفظ ( Tentouria ) تنتوريا قد ورد ذكرها في القرن الرابع الميــلادي و مــن الجائــــز أن كلمـــة ( tent ) بمعنى الخيمة مشتقـــة من كلمة ( Tentoria ) .

4 – علاقة ورقلة بالفينيقيين و الرومان :

يؤكد بعض المؤرخين وجود علاقات بين سكان ورقلة و الفينيقيين و كذلك الرومان ، إستنادا لعدد من القرائن و المخلفات التي عثر عليها في المنطقة و قد رجح المؤرخون الين اهتموا بهذه الحقبة من تاريـخ ورقلـة ، الإعتمـاد علـى فرضيـة وجـود ذكر لمنطقة ورقلـة في مؤلفـات ( HERADOTE ) هيرودوت و ( STRABON ) سترابون و ( VIVIEN ) فيفيان و لا يستبعد وجود شكل من أشكال الإتصال بين الفينيقيين و حتر الرومان ، فمنطقة ورقلة بموقعها الجغرافي الهام في مفترق الطرق الصحراوية و الدور الرئيسي الذي لعبته في المواصلات ( التجارية و العسكرية ) ، فلا يعقل أن تكون في معماوال عن التأثير الحضاري للحضارات المعاصرة لها و لاسيما الحضارة المصرية القديمة ( الفرعونية ) و الحضارة الفينيقية ثم القرطاجية و النوميدية .

أما في ما يخص الرومان ، فيذكر التاريخ أن الإمبراطور الروماني " Comelius Ballus " قد وجه حملة عسكرية ،إنطلقت من ساحل البحر المتوسط نحو غدامس ، و بعده بستين سنة وجه الإمبراطور " Suetonius Pauluins " حملة أخرى و صلت إلى مرتفعات الهقار ، فلا يعقل أن يجهل الرومان موقع ورقلة و هي ملتقى رئيسي للطرق الصحراوية . فلا يستبعد وجود علاقات تجارية مباشرة أو غير مباشرة مع المستعمرات الرومانية المجاورة .



لا أريد التوقف أكثر من هذا أمام هذه المسألة فإثبات وجود علاقة بين سكان ورقلة و الفينيقيين أو الرومان .أو عدمها ، لا يضيف شيئا و لا ينقص من أهمية دور السكان المنطقة و مساهمتهم في الحضارة الإنسانية .

ورقلـــــة بعد الفتح الإسلامي :

النسيج البشري :
(( يا أيّها الّناس إنّا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم إنّ اللّه عليم خبير )). سورة الحجرات :13

يتميز سكان ورقلة بالتنوع الكبير من حيث الأصول الآثنية ( العرقية ) ولون البشرة ، فلا عجب في ذلك فقد كانت منطقة ورقلة دوما ملتقى الحضارات ’ و البوتقة التي انصهرت فيها أجناس عدّة وفدت اليها من الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب.

و أهم العناصر التي كونت النسيج البشري لمنطقة ورقلة هي:

أولا : العنصر البربري

أول من سكن منطقة ورقلة هم بنو ورقلان الذين ينتسبون إلى قبيلة ورقلان إحدى بطون قبيلة زناتة البربرية ، و هم الذين أسسوا قصر ورقلة العتيق الذي لازال عامرا إلى يومنا هذا ، وقد أطلقوا عليه اسم قبيلتهم ، هذا ما يؤكده العلامة أبن خلدون في كتابه الشهير " ديوان العبر ...... " في الفصل المعنون بـ:" الخبر عن بني واركلا من بطون زناتة و المصر المنسوب إليهم بصحراء أفريقية و تصاريف أحوالهم " حيث يقول :" بنو واركلا هؤلاء إحدى بطون زناتة .......وإن إخوانهم يزمرتن و منجصة و نمالتة المعروفون لهذا العهد : ومنهم بنو واركلا ، وكانت فئتهم قليلة، و كانت مواطنهم قبلة الزاب، واخطّوا المصّر المعروف بهم لهذا العهد على ثماني مراحل من بسكرة ، على القبلة عنها ميامنة إلى الغرب . بنوها قصورا متقاربة الخطة ، ثم استبحر عمرانها ، فأتلفت و صارت مصرا........"
تاريخ ابن خلدون ج7

والبربر قبائل كثيرة وشعوب جمة ، وهي هوارة وزناتة وضرية ومغيلة وزيحوحة ونفزة وكتامة ولواتة وغمارة ومصمودة وصدينه ويزدران ودنجين وصنهاجة ومجكسة وواركلان وغيرهم .

والبربر أقدم أمة عرفها التاريخ في الشمال الإفريقي ولا خلاف في ذلك ، إنما الاختلاف بين المؤرخين العرب في تفسير لفظة ( البربر ) فمنهم من أعطاها تفسيرا لغويا ، لأن لغة البربر غير مفهومة لديهم فقيل لهم :" ما أكثر بربرتكم" ومنهم من أعطاها تفسيرا آخر فيرى أن اسم البربر نسبة إلى أحد أبائهم البعيدين و هو ( بربر بن قيس عيلان ) و لكن أكثر الكتاب يرفضون هذا الرأي و منهم ابن خلدون الذي أستقر رأيه على أن البربر من ولد كنعان بن حام بن نوح أي أن البربر حاميون أفريقيون بينما العرب ساميون . و ما يرجحه أغلب المؤرخين أن انتماء البربر لحمير و يرجح هجرتهم من بلاد اليمن أو الجزيرة العربية عموما، و هناك تشابه كبير بن الرجل العربي و البربري في الملامح و أساليب المعيشة وهذا أمر طبيعي فبلاد المغرب امتداد طبيعي لشبه الجزيرة العربية ، وطبيعة بلاد المغرب و مناخها تشبه بلاد العرب و لاسيما في جزئها الجنوبي حيث يغلب على أهلها الطابع الصحراوي .

أما زناتة فهم على الأغلب من سكان الصحراء القدامى المعروفين بالليبين ( الليبون Lebu = ) وذهب عدد كبير من المؤرخين إلى أنهم قد أقبلوا من الجنوب من إفريقيا المدارية عبر الصحراء الكبرى و من حوض نهر النيل بصفة خاصة و هذا ما يفسّر لون بشرتهم الداكن .

و ابن خلدون تكلم بإسهاب عن (زناتة) و افرد لهم القسم الأول من المجلد السابع من تاريخه هذا الجيل في المغرب جيل قديم العهد معروف العين و الأثر............وموطنهم في سائر مواطن البربر بإفريقية ، و المغرب , فمنهم ببلاد النخيل مابين غدامس و السوس الأقصى ، حتى أنّ عامة تلك القرى الجريدية بالصحراء منهم كما نكره ......

وأما نسبهم بين البربر فلا خلاف بين نسّابتهم أنهم من ولد شانا و إليه نسبتهم.........".

و في هذا السياق كتب الدكتور حسن مؤنس صاحب كتاب " تاريخ المغرب وحضارته ، قائلا: " أما البتر الزناتية فهم البدو الذين أقبلوا من داخل القارة و استقروا في برقة و طرابلس ، ثم انتشروا في أقاليم الجريد و القبلات و الصحارى المحيطة بالمغرب من الجنوب و قد اختلطوا إلى درجة كبيرة بمن كان في المغرب قبلهم من البربر، و لكن مجموعاتهم الكبرى ضلت في هذا الموضع......."

ثانيا : العنصر العربي :
القبائل العربية الأربعة التي وفدت إلى منطقة وادي ميّة على فترات متباعدة نسبيا ابتدأ من القرن الخامس الهجري ( الحادي عشر ميلادي )، هي الشعانبة و المخادمة و أولاد سعيد و بني ثور و تعود جذور هذه القبائل كلها إلى نسل بني هلال و بني سليم و القبائل العربية البدوية الأخرى التي نزحت إلى بلاد المغرب الأوسط ( الجزائر ) و صحرائها عبر بلاد برقة و طرابلس ( ليبيا ) و إفريقية ( تونس ) وبلاد الجريد .

بنو هلال و بنو سليم :
بنو هلال بن عامر بن صعصعة و بنو سليم بن منصور هم عرب كانت مضاربهم في ارض الحجاز و الشام اضطرهم القحط للنزوح إلى مصر حيث نقلهم الخليفة الفاطمي العزيز إلى الصعيد .
نماوالت الموجة الهلالية الكبيرة الأولى ببرقة الليبية سنة 442 هجرية ( 1050 م ) و اكتسحوها اكتساحا ووجدوا أمامهم أراضي شاسعة تصلح للمرعى فاستقروا بها ، ثم أرسلوا إلى من تخلف من قومهم ليلحقوا بهم .

القبـائل العربيـــة التي استقرت بمنطقة ورقلة :

و هي كلها تنحدر – كما سبق أن أشرنا - من أحفاد بني هلال و بني سليم ، كانت تجوب الصحراء و تتصل بمنطقة وادي ميّـة ، ثم استقرت في حوض ورقلة على مراحل.

قبيلة الشعانبة بوروبة :
و صلت هذه القبيلة إلى منطقة واد ميّة لأول مرّة في القرن الثاني عشر ميلادي ، وهي من أكبر القبائل البدوية عددا ينتمي إليها أولاد إسماعيل و أولاد أبو بكر و دري و أولاد فرج و أولاد سعيد و أولاد زايد . ويقطن أولاد عمومتهم المنيعة و متليلي.
تتنقل هذه القبيلة عبر فضاء واسع يمتد من تماسين شمالا إلى عين صالح جنوبا و تصل حتى سفوح جبال القصور غربا . في هذا المجال الحيوي الرحب كانت قبائل الشعانبة أو ( الشعامبة )تقضي مدّة ثلاثة شهور ، تعود بعدها إلى ورقلة مع حلول فصل الخريف موسم جني التمور.

قبيلة المخادمة :
تتفرع هذه القبيلة هي الأخرى إلى عدّة بطون منها : بنو حسن و أولاد نصير و بنو خليفة و العريمات و أولاد أحمد .

قبيلة بني ثور :
جاءوا على أغلب الظن من منطقة الجريد ( في الجنوب التونسي ) ، وهي إحدى مواطن بني هلال و بني سليم و لعل جذورهم تتصل بقبيلة " مضر " اليمنية و تربطهم أواصل القربى بالزغبة ، مثل حميان و أولاد المهدي، و ينحدرون من جهات مختلفة ثم التفوا حول نواة يمثلها في ورقلة أولاد بلقاسم .

يشترك الثوريون مع المخادمة في نطاق الترحال و طرق التنقل عبر الصحراء فهم مثل المخادمة يرتحلون صيفا في اتجاه الجنوب الشرقي من ورقلة نحو قاسي الطويل ويواصلون مسيرتهم حتى غدامس.أما في رحـلة الشتاء فتكون قبلتهم وادي زرقون و وادي صغور شمال غرب مدينة غرداية .

وقد استقر قسم من بني ثور منذ القرن السابع عـشر ميلادي و سكنوا قصور عين وقار و الرويسات ، متخلين عن حياة الترحال .

قبيلة سعيد عتبة :
و هي فرع من القبيلة الأم ( سعيد القبلة ) و تضمن البطون التالية : فتناسة و الرحبات وأولاد يوسف . و نجد أولاد عمومتهم في تماسين و الحجيرة ( سعيد أولاد عمر ) و أولاد مولود في تقرت وفرق أخرى و منهم أولاد فدول في غرداية و بريان حاسي الرمل .

عرفوا كغيرهم من القبائل البدوية في وادي ميّة ، رحلتي الشتاء و الصيف ، تبدأ رحلتهم السنوية من ورقلة بعد موسم جني التمور ( أكتوبر _ يناير ) ينتقلون بعدها إلى النقوسة لنفس الغرض و منها يرحلون في اتجاه وادي مزاب (غرداية و يقال انهم هم أول من سكن الوادي قبل مجيئ الإباضيين) حيث يمكثون في فصل الشتاء حتى شهر أ فريل ثم ينتقلون بعد ذلك إلى وادي زرقون (نواحي حاسي الرمل و بريزينة بالبيض) ينماوالون ضيوفا على حلفائهم ( الأرباع ) يقيمون في مضارب هؤلاء ، بضعة أسابيع ينتقلون بعدها إلى منطقة تيارت مرورا بتاجرونة و الأغواط و عين شلالة .

بالإضافة إلى هذه القبائل الأربعة كانت لمنطقة ورقلة علاقات مع قبائل أولاد سيدي الشيخ و الربايع و أولاد نايل . وبالرغم من كون مواطنهم الأصلية تقع بعيدا عن وادي ميّة إلا انّهم كانت تربطهم بمنطقة ورقلة علاقة اقتصادية ، فقد كانوا يقصدونها في فصل الشتاء بحث عن المرعى و لتسويق منتجات أغنامهم .

و تشير المراجع التاريخية إلى أن استقرار هذه القبائل و تخليهم عن حياة الترحال لم يتم بيسر ، بل بصعوبة كبيرة و على مراحل متباعدة ، و عندما استقرت لم تنصهر في النسيج البشري و العمراني للمدينة فقد كانت مضاربهم تقع خارج أسوار القصور العتيقة قرب بساتين النخيل إلا أنهم رغم ذلك أنشئوا علاقات مع السكان الأصليين قوامها المنفعة المتبادلة وهكذا ارتبطت قبيلة سعيد عتبة بعرش بني وقين و نماوالت في جوارها و كذا كانت قبيلة المخادمة حلفاء عرش بني سيسين و كان بدو بوروبة ( وهم فرع من الشعانبة ) ، لبني إبراهيم.

و لكن هذه التحالفات كانت هشة لا تقوم إلا على المصلحة الآنية ، تنطبق عليها تماما مقولة لا عدو دائم و لا صديق دائم و إنّما مصالح دائمة ، فلا ربما اقتضت الحاجة إلى التحالف مع عدو سابق ضد صديق الأمس . و مهما كانت طبيعة العلاقات بين القبائل البدوية و سكان القصور من المدنية ، فقد لعبت دورا رئيسا في مختلف أوجه الحياة الاقتصادية و الاجتماعية .

أول من استقر من القبائل البدوية فئة من قبيلة بني ثور استقرت بالقرب من عين وقار و في الرويسات مشكلة نواة مجتمع متمّدن و ذلك في منتصف القرن السابع عشر ثم المخادمة ، ببامنديل ( في القرن التاسع عشر ). ثم الشعانبة في النصف الثاني من القرن العشرين و أخر من استقر من القبائل ( سعيد عتبة ) في الستينات من القرن الماضي. و قد استقروا بصفة دائمة العيش في أحياء كثيرة من مدينة ورقلة و كانت مضاربهم بين النقوسة و بامنديل .
الإباضية:
يشكل أتباع المذهب الإباضي أحد العناصر المميزة في النسيج البشري لمدينة ورقلة ، لا من جانب الإختلاف المذهبي فحسب ، بل والعرقي أيضا ، و قد لعبوا دورا مهما في الحياة الاقتصادية و الفكرية بعد القرن الثالث عشر ميلادي و لاسيما قبل نزوح أعداد كبيرة منهم الى قرى وادي ميزاب .

ينتسب أتباع هذا المذهب إلى عبد الله بن إباض التميمي(زعماً منهم) ، اشتهروا بهذه التسمية التي أطلقها عليهم ولاة الدولة الأموية ، أما هم فكانوا يسمون أنفسهم ب: ( أهل الدعوة ) و لم يعترفوا بهذه التسمية إلا عندما انتشرت على ألسنة الجميع ،و تقبلوها تسليما للأمر الواقع .

نماوالوا في المغرب الأوسط ( الجزائر ) في موضع قريب من مدينة "تيارت " الحالية ، وأسسوا مدينة " تيهرت " و اتخذوها عاصمة لدولتهم الرستمية .

مدينة سدراتة :
عرف المذهب الإباضي في منطقة ورقلة بعد سقوط دولة الرستميين و لجوء عدد من أتباع هذا المذهب إليها. وابنائهم لمدينة سدراتة التي ازدهرت ردحا من الزمن ، و بعد سقوطها أصبحت ورقلة معقل من معاقل الإباضية إلى جانب جزيرة جربة في تونس و جبل نفوسة بليبيا .

و عن ذكر تأسيس مدينة سدراتة كتب الدكتور محمد بلغراد أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر :

" كان لسقوط الدولة الرستمية واقع عظيم في نفوس علية القوم و الوجهاء من الاباضيين أولي الغيرة الوطنية و دخلوا مدينة بني ورقلان ، وهناك على بعد أربعة عشر كيلومترا جنوبا أخذوا في تخطيط عاصمتهم الجميلة سدراتة المعروفة عند البربر بأسدراتن ، فانشأوا فيها حضارة عظيمة و بنوا بها قصورا بديعة و مناماوال رفيعة و أقاموا بها بساتين و مزارع و منشآت ضخمة « " إن سدراتة التي عرفت في القرنين العاشر و الحادي عشر الميلاديين ازدهارا كبيرا، و تاريخ نهايتها لا يزال الظلام يكتنفه من كل جانب "

الأباضيون في مدينة ورقلة :

تعود أقامة الأباضيين إلى القرن الثالث عشر عندما أعيد بناء مدينة ورقلة من جديد فقد اندمجوا ضمن النسيج العمراني لقصر ورقلة بنو مساكنهم و مسجدهم إلى جوار مناماوال سكان المدينة في أحيائها الثلاثة ، وتكلموا اللغة الأمازيغية و رغم حرسهم الشديد على مذهبهم لم يمنعهم هذا الأمر من الاندماج في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و الفكرية للمدينة .

غير أنّ للنزاعات و الإضطرابات التي عرفتها المنطقة في فترات لاحقة ، نتيجة الصراعات السياسية و التعصب المذهبي و العرقي ، جعلت الكثير منهم ينزح إلى منطقة وادي ميزاب بعد تأسيس قراها السبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://arabelalekat.yoo7.com
 
الخبر عن مبتدأ دول زناتة في الإسلام ومصير الملك إليهم بالمغرب وإفريقية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وجه أهل الكوفة الرسل إلى الحسين رضي الله عنه وهو بمكة يدعونه إلى القدوم عليهم، فوجه إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه.
» أشهر العلماء المؤلِّفين في الإسلام
» المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام د. جواد علي
» الفكر الصوفي هو أشد الأخطار جميعاً على أمة الإسلام
» كتاب:بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية المؤلف : شيخ الإسلام ابن تيمية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
aloqili.com :: منتدي قبائل البربر-
انتقل الى: