بنو صنهاجة أو الصناهيج ، فخذ من حمير حضرموت . غادروا حضرموت بأجمعهم مع قبائل حضرمية أخرى تلبية لدعوة من الخليفة أبي بكر الصديق لفتح الشام . إستقر الصناهيج أول الأمر بفلسطين ثم نزحوا منها إلى مصر ، فاستقرت طائفة منهم بخطة القرافة بالفسطاط نزحت جماعة إلى منطقة الفيوم وبلدة أبو صير المجاورة لها . من هؤلاء الشاعر البوصيري صاحب ( ( الربدة )) و ( ( الهمزية )) . بنوا صنهاجة هؤلاء هم الذين إندمجت فيهم عدة قبائل بربرية في شمال أفريقية يدعون ( صنهاجة ) النسبة إليهم صنهاجي . في حضرموت يقال لهؤلاء ( صنهاجة ) وأطلال محلتهم باقية إلى اليوم إلى الشرق من مدينة تاربة بوادي حضرموت واسمها ( قارة الصناهيج ) أو ( حصن بن صنهاجه ) .
ومن صنهاجة الذين تديّروا خطة القرافة أبو العباس أحمد بن إدريس المشهور بالقرافي .
وأشتركت صنهاجة في فتوح شمال أفريقية والمغرب بأعداد كبيرة من المجاهدين . وبعد أن هدأت موجات الفتوح استقروا في منطقتي تونس والجزائر فاندمجت فيها أفخاذ من القبائل اليمنية كيافع والمعافر والمهرة كما اندمجت فيها أفخاذ من القبائل البربرية المغربية وصارت تنتسب إليهم . وكان ذلك في القرنين الثالث والرابع الهجريين .
ومن مشاهير صنهاجة المغرب محمد بن عبد المنعم الصنهاجي من صدر الحفاظ . ومن صنهاجة هذه عدد من ملوك الطوائف بالأندلس وبالمغرب . ترجمنا عدداً منها .
هذا الامتزاج في قبيلة صنهاجة الذي صنعه انظمام العديد من القبائل العربية وغير العربية فيهم أدى لضهور اسماء أعجميه بين رموزهم .. كما سيأتي معنا آتيا ..
ابرز الشخصيات :
ومن ابرز شخصياتهم .. يوسف بن تاشفين الصنهاجي سنة 484 هـ . وهو يوسف بن تاشفين بن إبراهيم المصالي الصنهاجي , اللمتوني الحميري , أبو يعقوب : أمير المسلمين , وملك الملثمين , سلطان المغرب الأقصى , وباني مدينة مراكش , وأول من دعي بأمير المسلمين . ولد في صحراء المغرب وولاه عمه أبو بكر اللمتوني إمارة البربر , وبايعه أشياخ المرابطين . وجال جولة في المغرب بجيش كبير , فقوي أمره واستولى على مدينة فاس . وغزا الأندلس و فصالحه ملوكها على الطاعة له ز واستخلفه أبو بكر بن عمر على المغرب سنة 463هـ فاستقل بها . وبنى مدينة مراكش سنة 465هـ وكتب إليه المعتمد بن عباد سنة 475هـ من إشبيلية يستنجده على قتال الإفرنج فزحف بجموعه , فكانت وقعة ( الزلاقة ) المشهورة التي انكسر فيها جيش الفرنج الزاحف إلى طليطلة , كسرة شديدة سنة 479هـ وبايعه بعد انتهاء الوقعة من شهدها من ملوك الأندلس وأمرائها , وكانوا ثلاثة عشر ملكا فسلموا عليه بأمير المسلمين , وكان يدعى بلأمير ووضع السكة من يومئذ وجددها ونقش دينار ( لاإله إلا الله محمد رسول الله ) وتحت ذلك ( أمير المسلمين يوسف بن تاشفين ) وكتب في لدائرة ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) وكتب في الصفحة الأخرى : ( الأمير عبدالله أمير المؤمنين العباسي ) وفي الدائرة تاريخ ضرب الدينار وموضع السكة . وعاد إلى مراكش , وهو على اتصال بإشبيلية وغيرها . ثم لم يلبث أن سير الجنود إلى الأندلس . ودخل غرناطة في السنة نفسها وفيها آخر الصنهاجيين عبدالله بن بلكين فامتلكها وأخذ ابن بلكين معه إلى مراكش , واستولى قائد جيشه ( شير بن أبي بكر ) على مرسية وشاطبة ودانية ثم بلنسة واشبيلية وبطليوس , فتم له ملك الجزيرة كلها , وشمل سلطانه المغرب الأقصى والأوسط وجزيرة الأندلس . وتوفي بمراكش . وكان حازما , ضابطا لمصالح مملكته , ماضي العزيمة , معتدل القامة , أسمر اللون ، ونحيف الجسم , خفيف العرضين , دقيق الصوت , يخطب لبني العباس .
حيوس ( أو حبوس بالباء الموحدة ) بن ماكس بن مناد الصنهاجي الحميري الحضرمي صاحب غرناطة في أيام ملوك الطوائف بالأندلس . قصد في بداية أمره الأندلس مع عم له اسمه زاوي بن مناد جماعة من صنهاجة للمشاركة في الجهاد . ونزلوا بقرطبة إلى أن كانت قتنتة انقراض الدولة الأموية ، فتوجه زاوي إلى أبناء عمومته أصحاب أفريقية ، وانصرف حيوس بمن معه إلى غرناطة . ولما كثر المتغلبون في البلاد وثار كل رئيس يدعوا إلى طاعته ، تولى حيوس أمر غرناطة وبايعه أصحابه الصنهاجيون ملكا . فأحسن سياستها وضم إليها أعمال قبرة Cabra وجيان Jaen وغيرهما ، وأعد جيشا حماها به من غارات مجاورية من الأمراء ، وأطماعهم . ودامت رئاسته إلى أن توفي . فهو مؤسس الدولة الصنهاجية في غرناطة .
ومنهم تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين الصنهاجي ، أبو المعز : صاحب المغرب من ملوك دولة الملثمين . كان شجاعاً بطلا تولى في أيام أبيه غزو الفرنجة بالأندلس سنة 520 هـ فعبر البحر ، وافتتح حصونا من طليطلة ، وظفر في معركة ( فحص الصباب ) واحتل مدينة كركي ومدينة اشكونية وعاد إلى مراكشن فخرج أبوه ــ أمير المسلمين ــ للقائه في موكب عظيم سنة سنة 532 هـ . ولما توفي والده سنة 537 هـ بويع له بعهد منه . وكانت أيامه كلها حروبا ( ما أوى فيها إلى بلد ، ولا عرج على أهل لا ولد ) على حد تعبير أحد المؤرخين . وقد باغته الموحدون في وهران ( بالجزائر الآن ) ليلا وأضرموا النار حول حصنه ، فركب يريد النجاة أو الهجوم ، فانقلب به جواده فسقط قتيلا في وهران .
ومنهم علي بن يحيى بن تميم بن المعز الصنهاجي ، المعروف بالصنهاجي صاحب أفريقية (تونس) . وليها بعد وفاة أبيه سنة 509 هـ , وكان سفاقس قدم (المهدية) في اليوم الثاني ، وقام فيها . وفي تاريخ متأخر اشتد ما بينه وبين روجر الثاني ROGER II (صاحب صقلية ) فأعد عدته ليهاجم صقلية فعاجلته المنية . كان شجاعاً حازماً .
ومنهم علي بن يحيى بن القاسم الصنهاجي الجزيري و أبو الحسن : فقيه مالكي . أصله من ريف المغرب . نزل بالجزيرة الخضراء (الأندلس) وولي القضاء فيها ونسب إليها . له (المقصد المحمود في تخليص العقود) يعرف بوثائق الجزيري .
ومنهم الملكة (أم ملال الحضرمية (ملكة تونس)) وهي سيدة بنت المنصور بن يوسف الصنهاجي من حمير حضرموت ، المعروفة بأم ملال : أميرة حازمة تولت الملك بالوصايا . ولدت بقصر المنصورية ، على بعد ميل من القيروان ، ونشأت في كنف أبيها صاحب أفريقيا . ثم كانت عوناً لأخيها نصير الدولة (باديس ) بعد وفاة أبيها . واشتركت معه في تدبير الأمور . وكانت أيامه مملوءة بالثورات والفتن الداخلية ، فاشتغل بالحروب ، وجعل لها الاشراف على أعمال الدولة ومات باديس سنة 406 هـ خلفه على الإمارة ابنه (المعز ) وهو لم يبلغ التاسعة من عمره ، فأجمع كبراء صنهاجة على إقامتها (وصية) عليه إلى أن يبلغ سن الرشد . وتولت تدبير المملكة ، وحمدت سيرتها . وليس في تاريخ أفريقية (تونس) إمرأة مسلمة حكمتها غير أم ملال . واستمرت على ذلك إلى أن توفيت . ورثاها شعراء البلاط ، وكانوا أكثر من مائة شاعر ، ودفنت في المهدية (تونس) ثم نقلت إلى مقبرة امراء صنهاجة ، في المنستير (موضع بين المهدية وسوسة بتونس) ، المعروفة بمقبرة السيدة ، نسبة إليها .
ومنهم محمد بن علي بن حماد بن عيسى الصنهاجي القلعي , نزيل بجاية , المعروف بأبي عبد الله الصنهاجي : قاض ، مؤرخ ، أديب . نسبة إلى ( قلعة حماد ) . ولي القضاء بالجزيرة الخضراء بالأندلس ، ثم سلا سنة 613هـ . من كتبه ( النبذ المحتاجة في أخبار صنهاجة ) و ( الإعلام بفوائد الأحكام ) لعبد الحق و( شرح مقصورة ابن دريد ) و ( وديوان شعر ) و ( أخبار ملوك بني عبيد ) وغيرها .
ومنهم ابن آجرُّوم (672 - 732 هـ = 1273 - 1323 م ) محمد بن محمد بن داود الصنهاجي الحميري , أبو عبدالله : نحوي اشتهر برسالته ( المقدِّمة الآجرومية في مبادئ علم العربية ) وتعرف بالآجرومية . وقد شاع استعمالها في المدارس شرقا وغربا , وشرحها كثيرون . وله مصنفات أخرى وأراجيز . مولده ووفاته بفاس (تونس). وآجروم كلمة بربرية معناها ( الفقير ) أو (الصوفي) .
ومنهم علي بن محمد بن علي بن محمد بن سعيد بن مسعدة العامري الصنهاجي الحضرمي، أبو الحسن الغرناطي: أديب، نحوي. التزم الكتابة وشهر بها روى عن أبي الحسن بن الأخضر ويزيد بن المهَلَّب المقري. وهو غير ابن مسعد (أحمد بن محمد) ..