(تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد.. فإنه من المعروف أن الحلف أمر شائع بين القبائل منذ القدم، وقد تناوله علماء التاريخ والأنساب، سواء أكانوا المتقدمين منهم كالكلبي، وابن حزم، والهجري وغيرهم، أو المتأخرين منهم كالنويري، والمقريزي، والقلقشندي، وغيرهم، بل وحتى المعاصرين في المؤلفات الحديثة تعرضوا لذكره. وفي هذا البحث سأتحدث عن ماهية الحلف في القبائل القديمة، وبعض من أنواعه وصوره، وأسبابه ودوافعه، مع أمثلة عليه
تعريف الحلف:
قال الجوهري في الصحاح: (والحلف بالكسر: العهد يكون بين القوم، وقد حالفه أي عاهده، وتحالفوا أي تعاهدوا) انتهى. وقال الفيروزبادي في القاموس المحيط: (والحلف بالكسر: العهد بين القوم والصداقة، والصديق يحلف لصاحبه ألا يغدر به، والجمع أحلاف) انتهى. وفي المعجم الوسيط: (حالفه محالفة وحِلافاً: عاهده، ويُقال حالف بينهما: آخى) وفي موضع آخر في المعجم: (الحِلف المعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، والجمع أحلاف). وقال أيضاً: (الحليف، المتعاهد على التناصر، والجمع أحلاف) مع ملاحظة ما ذكر في معاجم اللغة عن معنى الحلف نجد أن كلمة الحلف يدور معناها بين: المعاهدة والصداقة، والنصرة والحماية، والتعاضد والتساعد والاتفاق، وما في هذه المعاني. فنستطيع أن نقول بأن معنى الحِلف اللغوي تقريباً هو: التعاهد والاتفاق على التعاضد والتناصر والحماية، هذا في مصطلح أهل اللغة. (1)
أما معنى الحِلف في مصطلح المؤرخين والنسابين فليس هناك معنى محدد، ولكن نستطيع أن نقول - من خلال استقراء ما كتبه النسّابون والإخباريّون عن الحلف - بأن الحلف هو: أنظمة وعهود اجتماعية وسياسية تجمع بين عشيرتين، أو قبيلتين فأكثر يلتزمون فيها بينهم على التعاضد والتناصر والحماية... وقد تزيد هذه العلاقة حتى يصبح المتحالفون قبيلة واحدة، وكياناً واحداً (أي ليس حلفاً مؤقتاً فقط)، كما سيتضح ذلك عند الكلام عن أنواع الحلف وصوره. إلا أن التعريف السابق ربما يتناسب مع بعض أنواع الأحلاف أكثر من أنواع أخرى، كما سيأتي ذلك في أنواع الأحلاف وصوره وأقسامه.
وعند الرجوع إلى كتب المعاجم مرة أخرى، نجد أن العرب كانوا يطلقون اسم (الحليفان) على بني أسد وطيء، وكانوا يطلقون نفس الاسم أيضاً على أسد وفزارة (أو غطفان) - كما سيأتي في أنواع الأحلاف - ويطلقون مصطلح (الأحلاف) على ستة بطون من قريش وهي: عبد الدار، وكعب، وجمح، وسهم، ومخزوم، وعدي، كما أطلق أيضاً مصطلح (الأحلاف) على قوم من ثقيف.... وغيرهم أيضاً. (2)
- أنواع الحلف:
من يستقرئ ويرصد الأحلاف القديمة بين العرب يجد أنها أنواع بينها اختلاف، ومن خلال ذلك نستطيع تقسيم أنواع الأحلاف تقسيماً اجتهادياً إلى:
1 - حلف مؤقت (وربما يتكرر): الهدف منه هو النصرة والاحتماء والاستعانة لمصلحة مشتركة بين الحليفين، كخوض حرب مثلاً أو غير ذلك، فإذا انتهى الحدث انتهى الحلف بانتهاء الحدث، وقد يتكرر ذلك عند تكرار هذا الحدث (مثلاً قد يتكرر عند حصول أكثر من حرب لنفس القبائل المتحالفة)، فمعنى ذلك أن هذا النوع من الأحلاف إنما هو لسبب معيّن مؤقت وليس حلفاً كاملاً سواء تكرر هذا السبب أم كان مجرد حادثة منفردة، ومن أمثلة ذلك أن العرب تسمى طيء وأسد بالحليفين، وأطلق هذا اللفظ على أسد وغطفان أو فزارة، وفيهم قال زهير بن أبي سلمى:
ألا أبلغ الأحلاف عنّي رسالة وذبيان هل أقسمتم كل مقسم
وقال:
تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها وذبيان قد زلت بأقدامها النعل (3)
نلحظ في هذا الحلف أنه لم تدخل قبيلة تحت مسمى قبيلة أخرى، وإنما أُطلق لفظ يشمل القبيلتين بسبب التآزر بينهما، لمصلحة معينة ومحددة تشترك فيها القبائل المتحالفة وربما يتكرر.
2 - حلف كامل (قبائل وكيانات تكوّنت من الأحلاف): كأن تجتمع عدة قبائل وأفخاذ لا يجمعها جد واحد، بل ربما يصل الأمر أن يكون بعضها قحطانية، وبعضها عدنانية، فتجتمع في اسم جديد، وكيان جديد مؤلف من عدة قبائل مختلفة لا يجمعها جد واحد، والغالب في هذه الأحلاف أن يكون سبب حلفها، هو اجتماعها في مكان واحد، أو اشتراكها في أحداث ووقائع معيَّنة، بل قد تُسمى على هذا المكان أو على صفته، ونلحظ على هذا النوع أنه غير مربوط بواقعة مؤقتة وينتهي (كالحلف المؤقت).ومثال ذلك قبائل: تنوخ، والعتق، وغسان، فهذه القبائل قائمة على الأحلاف لا يجمعها جد واحد، قال ابن حزم (وجميع قبائل العرب فهي راجعة إلى أب واحد حاشى ثلاث قبائل وهي تنوخ والعتق وغسان)، وقال بعد الكلام عن هذه القبائل (فهم من بطون شتى) (4)، ويقصد بقوله جميع القبائل راجعة إلى أب واحد أي في الجملة والغالب، وإلا قد يدخل بعض القبائل أفخاذ من قبائل أخرى، ولكنها في جملتها ترجع إلى أب واحد، بخلاف هذه القبائل الثلاث فإنها مجتمعة من عدة بطون من قبائل شتى كوّنت هذه الكيانات.
3 - دخول فخذ أو عشيرة أو فرد في قبيلة أخرى: وهذا النوع الأكثر حصولاً من أنواع الأحلاف، وفي هذا النوع يُعتبر الفرع الذي دخل في القبيلة (سواء كان هذا الفرع فخذاً، أو عشيرة، أو أسرة، أو شخصاً) جزءاً لا يتجزأ من القبيلة التي دخل فيها، فيتسمى باسمها وينضوي تحت إمرتها، ويحارب معها مثله مثل من ينتسب أصالة إلى هذه القبيلة، وقد يحصل بعد زمن أن يرجع هذا الفخذ، أو العشيرة إلى محاولة الانتساب إلى نسبه الأصلي لأسباب مختلفة. وأمثلة هذا النوع كثيرة جداً في كتب النسب، فلما تحدث ابن حزم عن ذرية الإخوة أسلم ومالك وملكان أبناء أفصى بن عامر بن قمعة بن إلياس بن مضر، قال وهؤلاء الثلاثة ممن تخزَّع، يعني دخلوا في خزاعة (5)، ولما تحدث عن بني وادعة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد (وهم أبناء عمومة للأوس والخزرج) ذكر أنهم دخلوا في همدان (6)... وغير ذلك كثير جداً في كتب النسب ويصعب استقصاؤه.
من أسباب الحلف:
الحلف ينشأ غالباً لأسباب سياسية كاختلاف التكوينات والقوى في المنطقة، أو لأسباب اجتماعية كضعف القبيلة، أو قلتها، أو هجرة أغلبها من المنطقة، أو لسبب جغرافي مثل الجوار، فمن تلك الأسباب:
1 - عند قيام قبيلة أو عشيرة بحرب قبيلة أكبر منها، أو ردّهم فإنهم قد يضطرون إلى الاعتضاد والتقوّي بعشائر أخرى لمواجهة هذه الحرب، وقد يستمر هذا الحلف، وقد ينتهي بانتهاء الحدث، وقد يحصل ذلك من الطرفين، ومن الأمثلة على هذا السبب كحلف مؤقت ما حصل يوم الهذيل عندما أغار الهذيل بن هبيرة التغلبي على ضبَّة والرّباب فأنجدهما بنو سعد بن زيد مناة بن تميم، فقال سلامة بن جندل:
وتغلب إذ حربها لافح تشب وتسعر نيرانها غداة أتانا صريخ الرباب ولم يكُ يصلح خذلانها صريخ لضبّة يوم الهذيل وضبّة تردف نسوانها تداركهم والضحى غدوة خناذيذ تشعل أعطانها بأسد من الفزر غلب الرّقاب مصاليت لم يُخش إدهانها (7) _________________
عدل سابقا من قبل الشيخ عودة ال في الإثنين نوفمبر 10, 2008 9:28 pm عدل 1 مرات
الشيخ عودة ال الشيخ عودة
عدد المساهمات : 687 تاريخ التسجيل : 21/09/2008 الموقع : www.arabelalekat.yoo7.com
موضوع: رد: تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها) الأربعاء سبتمبر 24, 2008 6:21 am
مما ذكره الأسلاف عن قديم الأحلاف (تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها) * زكي بن سعد بن إبراهيم أبو معطي :
_بسم الله الرحمن الرحيم _
أما بعد.. فإنه من المعروف أن الحلف أمر شائع بين القبائل منذ القدم، وقد تناوله علماء التاريخ والأنساب، سواء أكانوا المتقدمين منهم كالكلبي، وابن حزم، والهجري وغيرهم، أو المتأخرين منهم كالنويري، والمقريزي، والقلقشندي، وغيرهم، بل وحتى المعاصرين في المؤلفات الحديثة تعرضوا لذكره.
وفي هذا البحث سأتحدث عن ماهية الحلف في القبائل القديمة، وبعض من أنواعه وصوره، وأسبابه ودوافعه، مع أمثلة عليه.
_تعريف الحلف:
قال الجوهري في الصحاح: (والحلف بالكسر: العهد يكون بين القوم، وقد حالفه أي عاهده، وتحالفوا أي تعاهدوا) انتهى. وقال الفيروزبادي في القاموس المحيط: (والحلف بالكسر: العهد بين القوم والصداقة، والصديق يحلف لصاحبه ألا يغدر به، والجمع أحلاف) انتهى. وفي المعجم الوسيط: (حالفه محالفة وحِلافاً: عاهده، ويُقال حالف بينهما: آخى) وفي موضع آخر في المعجم: (الحِلف المعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، والجمع أحلاف). وقال أيضاً: (الحليف، المتعاهد على التناصر، والجمع أحلاف) مع ملاحظة ما ذكر في معاجم اللغة عن معنى الحلف نجد أن كلمة الحلف يدور معناها بين: المعاهدة والصداقة، والنصرة والحماية، والتعاضد والتساعد والاتفاق، وما في هذه المعاني. فنستطيع أن نقول بأن معنى الحِلف اللغوي تقريباً هو: التعاهد والاتفاق على التعاضد والتناصر والحماية، هذا في مصطلح أهل اللغة. (1) أما معنى الحِلف في مصطلح المؤرخين والنسابين فليس هناك معنى محدد، ولكن نستطيع أن نقول - من خلال استقراء ما كتبه النسّابون والإخباريّون عن الحلف - بأن الحلف هو: أنظمة وعهود اجتماعية وسياسية تجمع بين عشيرتين، أو قبيلتين فأكثر يلتزمون فيها بينهم على التعاضد والتناصر والحماية... وقد تزيد هذه العلاقة حتى يصبح المتحالفون قبيلة واحدة، وكياناً واحداً (أي ليس حلفاً مؤقتاً فقط)، كما سيتضح ذلك عند الكلام عن أنواع الحلف وصوره.
إلا أن التعريف السابق ربما يتناسب مع بعض أنواع الأحلاف أكثر من أنواع أخرى، كما سيأتي ذلك في أنواع الأحلاف وصوره وأقسامه. وعند الرجوع إلى كتب المعاجم مرة أخرى، نجد أن العرب كانوا يطلقون اسم (الحليفان) على بني أسد وطيء، وكانوا يطلقون نفس الاسم أيضاً على أسد وفزارة (أو غطفان) - كما سيأتي في أنواع الأحلاف - ويطلقون مصطلح (الأحلاف) على ستة بطون من قريش وهي: عبد الدار، وكعب، وجمح، وسهم، ومخزوم، وعدي، كما أطلق أيضاً مصطلح (الأحلاف) على قوم من ثقيف.... وغيرهم أيضاً. (2)
- أنواع الحلف:
من يستقرئ ويرصد الأحلاف القديمة بين العرب يجد أنها أنواع بينها اختلاف، ومن خلال ذلك نستطيع تقسيم أنواع الأحلاف تقسيماً اجتهادياً إلى: 1 - حلف مؤقت (وربما يتكرر): الهدف منه هو النصرة والاحتماء والاستعانة لمصلحة مشتركة بين الحليفين، كخوض حرب مثلاً أو غير ذلك، فإذا انتهى الحدث انتهى الحلف بانتهاء الحدث، وقد يتكرر ذلك عند تكرار هذا الحدث (مثلاً قد يتكرر عند حصول أكثر من حرب لنفس القبائل المتحالفة)، فمعنى ذلك أن هذا النوع من الأحلاف إنما هو لسبب معيّن مؤقت وليس حلفاً كاملاً سواء تكرر هذا السبب أم كان مجرد حادثة منفردة، ومن أمثلة ذلك أن العرب تسمى طيء وأسد بالحليفين، وأطلق هذا اللفظ على أسد وغطفان أو فزارة، وفيهم قال زهير بن أبي سلمى:
ألا أبلغ الأحلاف عنّي رسالة******وذبيان هل أقسمتم كل مقسم
وقال:
تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها******وذبيان قد زلت بأقدامها النعل (3)
فلنلحظ في هذا الحلف أنه لم تدخل قبيلة تحت مسمى قبيلة أخرى، وإنما أُطلق لفظ يشمل القبيلتين بسبب التآزر بينهما، لمصلحة معينة ومحددة تشترك فيها القبائل المتحالفة وربما يتكرر.
2 - حلف كامل (قبائل وكيانات تكوّنت من الأحلاف): كأن تجتمع عدة قبائل وأفخاذ لا يجمعها جد واحد، بل ربما يصل الأمر أن يكون بعضها قحطانية، وبعضها عدنانية، فتجتمع في اسم جديد، وكيان جديد مؤلف من عدة قبائل مختلفة لا يجمعها جد واحد، والغالب في هذه الأحلاف أن يكون سبب حلفها، هو اجتماعها في مكان واحد، أو اشتراكها في أحداث ووقائع معيَّنة، بل قد تُسمى على هذا المكان أو على صفته، ونلحظ على هذا النوع أنه غير مربوط بواقعة مؤقتة وينتهي (كالحلف المؤقت).ومثال ذلك قبائل: تنوخ، والعتق، وغسان، فهذه القبائل قائمة على الأحلاف لا يجمعها جد واحد، قال ابن حزم (وجميع قبائل العرب فهي راجعة إلى أب واحد حاشى ثلاث قبائل وهي تنوخ والعتق وغسان)، وقال بعد الكلام عن هذه القبائل (فهم من بطون شتى) (4)، ويقصد بقوله جميع القبائل راجعة إلى أب واحد أي في الجملة والغالب، وإلا قد يدخل بعض القبائل أفخاذ من قبائل أخرى، ولكنها في جملتها ترجع إلى أب واحد، بخلاف هذه القبائل الثلاث فإنها مجتمعة من عدة بطون من قبائل شتى كوّنت هذه الكيانات.
3- دخول فخذ أو عشيرة أو فرد في قبيلة أخرى: وهذا النوع الأكثر حصولاً من أنواع الأحلاف، وفي هذا النوع يُعتبر الفرع الذي دخل في القبيلة (سواء كان هذا الفرع فخذاً، أو عشيرة، أو أسرة، أو شخصاً) جزءاً لا يتجزأ من القبيلة التي دخل فيها، فيتسمى باسمها وينضوي تحت إمرتها، ويحارب معها مثله مثل من ينتسب أصالة إلى هذه القبيلة، وقد يحصل بعد زمن أن يرجع هذا الفخذ، أو العشيرة إلى محاولة الانتساب إلى نسبه الأصلي لأسباب مختلفة.
وأمثلة هذا النوع كثيرة جداً في كتب النسب، فلما تحدث ابن حزم عن ذرية الإخوة أسلم ومالك وملكان أبناء أفصى بن عامر بن قمعة بن إلياس بن مضر، قال وهؤلاء الثلاثة ممن تخزَّع، يعني دخلوا في خزاعة (5)، ولما تحدث عن بني وادعة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد (وهم أبناء عمومة للأوس والخزرج) ذكر أنهم دخلوا في همدان (6)... وغير ذلك كثير جداً في كتب النسب ويصعب استقصاؤه.
من أسباب الحلف:
الحلف ينشأ غالباً لأسباب سياسية كاختلاف التكوينات والقوى في المنطقة، أو لأسباب اجتماعية كضعف القبيلة، أو قلتها، أو هجرة أغلبها من المنطقة، أو لسبب جغرافي مثل الجوار، فمن تلك الأسباب: 1 - عند قيام قبيلة أو عشيرة بحرب قبيلة أكبر منها، أو ردّهم فإنهم قد يضطرون إلى الاعتضاد والتقوّي بعشائر أخرى لمواجهة هذه الحرب، وقد يستمر هذا الحلف، وقد ينتهي بانتهاء الحدث، وقد يحصل ذلك من الطرفين، ومن الأمثلة على هذا السبب كحلف مؤقت ما حصل يوم الهذيل عندما أغار الهذيل بن هبيرة التغلبي على ضبَّة والرّباب فأنجدهما بنو سعد بن زيد مناة بن تميم، فقال سلامة بن جندل:
وتغلب إذ حربها لافح تشب وتسعر نيرانها غداة أتانا صريخ الرباب ولم يكُ يصلح خذلانها صريخ لضبّة يوم الهذيل وضبّة تردف نسوانها تداركهم والضحى غدوة خناذيذ تشعل أعطانها بأسد من الفزر غلب الرّقاب مصاليت لم يُخش إدهانها (7)
وقد دعا عمرو بن معد يكرب الزبيدي إلى تجمع بطون مذحج لمواجهة بطون معد بن عدنان، عندما قال:
وأود ناصري وبنو زبيد ومن بالخيف من حكم بن سعد لعمرك لو تجرّد من مراد عرانين على دهم وجُرد ومن عنس مغامرة طحون مدربة ومن علة بن جلد ومن سعدٍ كتائب معلمات على ما كان من قرب وبعد ومن جنب مجنّبة ضروب لهام القوم بالأبطال تردي وتجمع مذحجّ فيرأسوني لأبرأتُ المناهل من صعد(
المثالان السابقان ينطبقان على الأحلاف المؤقتة التي حصلت بسبب الاستعداد لحصول حرب، وغير هذه الأمثلة كثير، وقد يكون حلفا خندف وشبابة مثال على ذلك أيضاً فهما حلفان أُسسا بسبب توازن القوى وهي أحلاف مؤقتة لسبب معين.
الشيخ عودة ال الشيخ عودة
عدد المساهمات : 687 تاريخ التسجيل : 21/09/2008 الموقع : www.arabelalekat.yoo7.com
موضوع: رد: تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها) الأربعاء سبتمبر 24, 2008 6:22 am
2- عند هزيمة قبيلة أو كيان قبلي في حرب أو حروب متوالية، فقد تحصل هزيمة قاصمة تحمل هذه القبيلة المهزومة إلى الرحيل فيبقى منهم بقية ضعيفة تحتاج إلى الاحتماء والتقوّي فتضطر إلى الدخول في قبيلة أكبر منها. وقد تدخل قبيلة أو عشيرة في قبيلة أخرى اتقاء لسطوتها وإغارتها، كأن تغير قبيلة أو كيان قوي على مناطق تعيش فيها قبائل ضعيفة لا تستطيع مقاومتها، فتنضوي تحت لوائها، وتأتمر بإمرتها لكفّ ضررها عليهم، ولا شك أن في هذا الأمر مصلحة للقبيلة القويّة، لأن دخول هؤلاء وغيرهم في كيانهم سيكثر من عددهم وسيزيد من قوتهم. قال البكريّ (فلما رأت القبائل ما وقع بينها من الاختلاف والفرقة، وتنافس الناس في الماء والكلأ، والتماسهم المعيش في المتسع، وغلبة بعضهم بعضاً على البلاد والمعاش، واستضعاف القوي الضعيف، انضم الذليل منهم إلى العزيز، وحالف القليل منهم الكثير، وتباين القوم في ديارهم ومحالهم، وانتشر كل قوم فيما يليهم) (9)
3- قد يحصل الحلف لسبب جغرافي واقتصادي في آن واحد، وذلك عند نزول عدة عشائر، أو أفخاذ على منطقة واحدة فتجمعهم المنطقة فيتكوَّن كيان باسم جديد.. مثال ذلك أحلاف تنوخ وغسّان وغيرهما، فقد تحدث ابن حزم عن سبب تسمية قبيلة تنوخ فقال (سموا تنوخاً لأن التنوخ الإقامة، فتحالفوا على الإقامة بموضعهم بالشام، وهم من بطون شتى) وقال عن غسّان (طوائف نزلوا بماء يقال له غسّان فنسبوا إليه) (10) ومن ذلك أيضاً هجرة القبيلة أو العشيرة من مكان إلى مكان، ونزولها في مكان تسيطر عليه قبيلة أخرى فيحصل بينهم التداخل والحلف، ويشابه ذلك أيضاً الجوار قد يكون سبباً للحلف.
4- قلة عدد العشيرة أو القبيلة في ظل تلك العصور القاسية التي تعتمد فيها بعض القبائل على الحرب والسلب، فلا شك أن قلة عددها سيجعلها تذوب في كيانات أخرى، ويحصل هذا كثيراً بين أبناء العمومة القريبين، فتجد الإخوة إذا اشتهر فيهم رجل قد يُنسب إليه فيما بعد أبناء إخوته لشهرته ولقلة عدد ذرية إخوته كما هو الحال في البراجم من بني تميم، وهم ذرية عمرو والظليم وقيس وكلفة وغالب أبناء حنظلة (جد البطن) بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ذرية هؤلاء الخمسة كانوا قلة، فقال لهم رجل منهم وهو: حارثة بن عامر بن عمرو بن حنظلة (أيتها القبائل التي ذهب عددها تعالوا فلنجتمع، فنكن كبراجم كفي هذه)، ففعلوا فسُموا البراجم، وهم مع بني عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة. (11)
5- قد يحصل خلاف داخلي بين القبيلة الواحدة يُلجئ أغلب القبيلة إلى طرد القسم الآخر من نفس القبيلة، مما يجعلها تنتقل عن المكان وتحالف كياناً آخر، وهذا الخلاف قد يحصل لأسباب كثيرة، إما لسبب دم أو مصاهرة لقبيلة أقل منهم شأناً، أو امتهان بعضهم لمهنة أقل مما اعتادوا عليه، أو شحناء أو غير ذلك. كما أن القسمين قد يكونان متقاربين في العدد والقوة، وقد يكونان غير متكافئين، بل قد يحصل أن رجلاً واحداً فقط تغضب عليه قبيلته، فيخرج منها لسبب من الأسباب السابقة، أو غيرها فيدخل في قبيلة أخرى، فيكون بذلك جداً لأسرة أو عشيرة، وكتب الأوائل مليئة بأخبار الخلاف والتنازع بين أبناء القبيلة الواحدة كحرب البسوس، وداحس والغبراء ويوم البُعاث وغيرها من الأيام الشهيرة. ومن ذلك أيضاً ما ذكره البكريّ عن تكاثر بطون جرم ونهد القضاعيتين وفصائلهم فتلاحقوا واقتتلوا وتفرقوا وتشتت أمرهم ووقع الشر بينهم، ثم قال (فلحقت نهد بن زيد ببني الحارث بن كعب - من مذحج -، فحالفوهم وجامعوهم، ولحقت جرم بن ربان ببني زبيد - من مذحج - فحالفوهم وصاروا معهم، فنسبت كل قبيلة مع حلفائها، يغزون معهم ويحاربون من حاربهم). (12)
هذه من أبرز الأسباب.. هناك غيرها أيضاً وأتوقع أن استقصاء كل الأسباب يحتاج إلى مزيد من العناية، ولكن هذه إشارات ولفتات حول مفهوم الحلف وأنواعه وأسبابه، مع أملي أن يكون هناك مزيد من الاهتمام من الإخوة الباحثين حول هذه الموضوعات الهامة من تاريخ العرب وتراثهم القديم، والله المستعان.
الشيخ عودة ال الشيخ عودة
عدد المساهمات : 687 تاريخ التسجيل : 21/09/2008 الموقع : www.arabelalekat.yoo7.com
موضوع: رد: تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها) الأربعاء سبتمبر 24, 2008 6:28 am
عمرو بن معد يكرب الزبيدي إلى تجمع بطون مذحج لمواجهة بطون معد بن عدنان، عندما قال:
وأود ناصري وبنو زبيد
ومن بالخيف من حكم بن سعد
لعمرك لو تجرّد من مراد
عرانين على دهم وجُرد
ومن عنس مغامرة طحون
مدربة ومن علة بن جلد
ومن سعدٍ كتائب معلمات
على ما كان من قرب وبعد
ومن جنب مجنّبة ضروب
لهام القوم بالأبطال تردي
وتجمع مذحجّ فيرأسوني
لأبرأتُ المناهل من صعد(
المثالان السابقان ينطبقان على الأحلاف المؤقتة التي حصلت بسبب الاستعداد لحصول حرب، وغير هذه الأمثلة كثير، وقد يكون حلفا خندف وشبابة مثال على ذلك أيضاً فهما حلفان أُسسا بسبب توازن القوى وهي أحلاف مؤقتة لسبب معين. 2 - عند هزيمة قبيلة أو كيان قبلي في حرب أو حروب متوالية، فقد تحصل هزيمة قاصمة تحمل هذه القبيلة المهزومة إلى الرحيل فيبقى منهم بقية ضعيفة تحتاج إلى الاحتماء والتقوّي فتضطر إلى الدخول في قبيلة أكبر منها. وقد تدخل قبيلة أو عشيرة في قبيلة أخرى اتقاء لسطوتها وإغارتها، كأن تغير قبيلة أو كيان قوي على مناطق تعيش فيها قبائل ضعيفة لا تستطيع مقاومتها، فتنضوي تحت لوائها، وتأتمر بإمرتها لكفّ ضررها عليهم، ولا شك أن في هذا الأمر مصلحة للقبيلة القويّة، لأن دخول هؤلاء وغيرهم في كيانهم سيكثر من عددهم وسيزيد من قوتهم. قال البكريّ (فلما رأت القبائل ما وقع بينها من الاختلاف والفرقة، وتنافس الناس في الماء والكلأ، والتماسهم المعيش في المتسع، وغلبة بعضهم بعضاً على البلاد والمعاش، واستضعاف القوي الضعيف، انضم الذليل منهم إلى العزيز، وحالف القليل منهم الكثير، وتباين القوم في ديارهم ومحالهم، وانتشر كل قوم فيما يليهم) (9) 3 - قد يحصل الحلف لسبب جغرافي واقتصادي في آن واحد، وذلك عند نزول عدة عشائر، أو أفخاذ على منطقة واحدة فتجمعهم المنطقة فيتكوَّن كيان باسم جديد.. مثال ذلك أحلاف تنوخ وغسّان وغيرهما، فقد تحدث ابن حزم عن سبب تسمية قبيلة تنوخ فقال (سموا تنوخاً لأن التنوخ الإقامة، فتحالفوا على الإقامة بموضعهم بالشام، وهم من بطون شتى) وقال عن غسّان (طوائف نزلوا بماء يقال له غسّان فنسبوا إليه) (10) ومن ذلك أيضاً هجرة القبيلة أو العشيرة من مكان إلى مكان، ونزولها في مكان تسيطر عليه قبيلة أخرى فيحصل بينهم التداخل والحلف، ويشابه ذلك أيضاً الجوار قد يكون سبباً للحلف. 4 - قلة عدد العشيرة أو القبيلة في ظل تلك العصور القاسية التي تعتمد فيها بعض القبائل على الحرب والسلب، فلا شك أن قلة عددها سيجعلها تذوب في كيانات أخرى، ويحصل هذا كثيراً بين أبناء العمومة القريبين، فتجد الإخوة إذا اشتهر فيهم رجل قد يُنسب إليه فيما بعد أبناء إخوته لشهرته ولقلة عدد ذرية إخوته كما هو الحال في البراجم من بني تميم، وهم ذرية عمرو والظليم وقيس وكلفة وغالب أبناء حنظلة (جد البطن) بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ذرية هؤلاء الخمسة كانوا قلة، فقال لهم رجل منهم وهو: حارثة بن عامر بن عمرو بن حنظلة (أيتها القبائل التي ذهب عددها تعالوا فلنجتمع، فنكن كبراجم كفي هذه)، ففعلوا فسُموا البراجم، وهم مع بني عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة. (11) 5 - قد يحصل خلاف داخلي بين القبيلة الواحدة يُلجئ أغلب القبيلة إلى طرد القسم الآخر من نفس القبيلة، مما يجعلها تنتقل عن المكان وتحالف كياناً آخر، وهذا الخلاف قد يحصل لأسباب كثيرة، إما لسبب دم أو مصاهرة لقبيلة أقل منهم شأناً، أو امتهان بعضهم لمهنة أقل مما اعتادوا عليه، أو شحناء أو غير ذلك. كما أن القسمين قد يكونان متقاربين في العدد والقوة، وقد يكونان غير متكافئين، بل قد يحصل أن رجلاً واحداً فقط تغضب عليه قبيلته، فيخرج منها لسبب من الأسباب السابقة، أو غيرها فيدخل في قبيلة أخرى، فيكون بذلك جداً لأسرة أو عشيرة، وكتب الأوائل مليئة بأخبار الخلاف والتنازع بين أبناء القبيلة الواحدة كحرب البسوس، وداحس والغبراء ويوم البُعاث وغيرها من الأيام الشهيرة. ومن ذلك أيضاً ما ذكره البكريّ عن تكاثر بطون جرم ونهد القضاعيتين وفصائلهم فتلاحقوا واقتتلوا وتفرقوا وتشتت أمرهم ووقع الشر بينهم، ثم قال (فلحقت نهد بن زيد ببني الحارث بن كعب - من مذحج -، فحالفوهم وجامعوهم، ولحقت جرم بن ربان ببني زبيد - من مذحج - فحالفوهم وصاروا معهم، فنسبت كل قبيلة مع حلفائها، يغزون معهم ويحاربون من حاربهم). (12) هذه من أبرز الأسباب.. هناك غيرها أيضاً وأتوقع أن استقصاء كل الأسباب يحتاج إلى مزيد من العناية، ولكن هذه إشارات ولفتات حول مفهوم الحلف وأنواعه وأسبابه، مع أملي أن يكون هناك مزيد من الاهتمام من الإخوة الباحثين حول هذه الموضوعات الهامة من تاريخ العرب وتراثهم القديم، والله المستعان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) انظر مادة ح ل ف في: الصحاح للجوهري، القاموس المحيط، المعجم الوسيط. (2) انظر الصحاح للجوهري، القاموس المحيط مادة ح ل ف (3) الصحاح للجوهري مادة ح ل ف (4) جمهرة أنساب العرب لابن حزم، دار المعارف، تحقيق عبد السلام هارون 2-461، 462 . (5) جمهرة أنساب العرب لابن حزم 1-240 . (6) الجمهرة لابن حزم 2-331 . (7) ديوان سلامة بن جندل ( شعر عمرو بن معد يكرب، جمع وتحقيق مطاع الطرابيشي ص 78، 79 والأسماء المذكورة في الأبيات بطون من مذحج. (9) معجم ما استعجم للبكري، دار الكتب العلميّة، تحقيق جمال طلبة 1-51 . (10) جمهرة أنساب العرب لابن حزم 2-462 . (11) جمهرة النسب للكلبي، عالم الكتب، تحقيق ناجي حسن 1-194 . (12) معجم ما استعجم للبكري 1-41
الشيخ عودة ال الشيخ عودة
عدد المساهمات : 687 تاريخ التسجيل : 21/09/2008 الموقع : www.arabelalekat.yoo7.com
موضوع: رد: تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها) الأربعاء سبتمبر 24, 2008 6:33 am
إنه من المعروف أن الحلف أمر شائع بين القبائل منذ القدم، وقد تناوله علماء التاريخ والأنساب، سواء أكانوا المتقدمين منهم كالكلبي، وابن حزم، والهجري وغيرهم، أو المتأخرين منهم كالنويري، والمقريزي، والقلقشندي، وغيرهم، بل وحتى المعاصرين في المؤلفات الحديثة تعرضوا لذكره. وفي هذا البحث سأتحدث عن ماهية الحلف في القبائل القديمة، وبعض من أنواعه وصوره، وأسبابه ودوافعه، مع أمثلة عليه. تعريف الحلف: قال الجوهري في الصحاح: (والحلف بالكسر: العهد يكون بين القوم، وقد حالفه أي عاهده، وتحالفوا أي تعاهدوا) انتهى. وقال الفيروزبادي في القاموس المحيط: (والحلف بالكسر: العهد بين القوم والصداقة، والصديق يحلف لصاحبه ألا يغدر به، والجمع أحلاف) انتهى. وفي المعجم الوسيط: (حالفه محالفة وحِلافاً: عاهده، ويُقال حالف بينهما: آخى) وفي موضع آخر في المعجم: (الحِلف المعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، والجمع أحلاف). وقال أيضاً: (الحليف، المتعاهد على التناصر، والجمع أحلاف) مع ملاحظة ما ذكر في معاجم اللغة عن معنى الحلف نجد أن كلمة الحلف يدور معناها بين: المعاهدة والصداقة، والنصرة والحماية، والتعاضد والتساعد والاتفاق، وما في هذه المعاني. فنستطيع أن نقول بأن معنى الحِلف اللغوي تقريباً هو: التعاهد والاتفاق على التعاضد والتناصر والحماية، هذا في مصطلح أهل اللغة. (1) أما معنى الحِلف في مصطلح المؤرخين والنسابين فليس هناك معنى محدد، ولكن نستطيع أن نقول - من خلال استقراء ما كتبه النسّابون والإخباريّون عن الحلف - بأن الحلف هو: أنظمة وعهود اجتماعية وسياسية تجمع بين عشيرتين، أو قبيلتين فأكثر يلتزمون فيها بينهم على التعاضد والتناصر والحماية... وقد تزيد هذه العلاقة حتى يصبح المتحالفون قبيلة واحدة، وكياناً واحداً (أي ليس حلفاً مؤقتاً فقط)، كما سيتضح ذلك عند الكلام عن أنواع الحلف وصوره. إلا أن التعريف السابق ربما يتناسب مع بعض أنواع الأحلاف أكثر من أنواع أخرى، كما سيأتي ذلك في أنواع الأحلاف وصوره وأقسامه. وعند الرجوع إلى كتب المعاجم مرة أخرى، نجد أن العرب كانوا يطلقون اسم (الحليفان) على بني أسد وطيء، وكانوا يطلقون نفس الاسم أيضاً على أسد وفزارة (أو غطفان) - كما سيأتي في أنواع الأحلاف - ويطلقون مصطلح (الأحلاف) على ستة بطون من قريش وهي: عبد الدار، وكعب، وجمح، وسهم، ومخزوم، وعدي، كما أطلق أيضاً مصطلح (الأحلاف) على قوم من ثقيف.... وغيرهم أيضاً. (2) - أنواع الحلف: من يستقرئ ويرصد الأحلاف القديمة بين العرب يجد أنها أنواع بينها اختلاف، ومن خلال ذلك نستطيع تقسيم أنواع الأحلاف تقسيماً اجتهادياً إلى: 1 - حلف مؤقت (وربما يتكرر): الهدف منه هو النصرة والاحتماء والاستعانة لمصلحة مشتركة بين الحليفين، كخوض حرب مثلاً أو غير ذلك، فإذا انتهى الحدث انتهى الحلف بانتهاء الحدث، وقد يتكرر ذلك عند تكرار هذا الحدث (مثلاً قد يتكرر عند حصول أكثر من حرب لنفس القبائل المتحالفة)، فمعنى ذلك أن هذا النوع من الأحلاف إنما هو لسبب معيّن مؤقت وليس حلفاً كاملاً سواء تكرر هذا السبب أم كان مجرد حادثة منفردة، ومن أمثلة ذلك أن العرب تسمى طيء وأسد بالحليفين، وأطلق هذا اللفظ على أسد وغطفان أو فزارة، وفيهم قال زهير بن أبي سلمى:
ألا أبلغ الأحلاف عنّي رسالة
وذبيان هل أقسمتم كل مقسم
وقال:
الشيخ عودة ال الشيخ عودة
عدد المساهمات : 687 تاريخ التسجيل : 21/09/2008 الموقع : www.arabelalekat.yoo7.com
موضوع: رد: تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها) الأربعاء سبتمبر 24, 2008 6:35 am
تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها
وذبيان قد زلت بأقدامها النعل (3)
فلنلحظ في هذا الحلف أنه لم تدخل قبيلة تحت مسمى قبيلة أخرى، وإنما أُطلق لفظ يشمل القبيلتين بسبب التآزر بينهما، لمصلحة معينة ومحددة تشترك فيها القبائل المتحالفة وربما يتكرر. 2 - حلف كامل (قبائل وكيانات تكوّنت من الأحلاف): كأن تجتمع عدة قبائل وأفخاذ لا يجمعها جد واحد، بل ربما يصل الأمر أن يكون بعضها قحطانية، وبعضها عدنانية، فتجتمع في اسم جديد، وكيان جديد مؤلف من عدة قبائل مختلفة لا يجمعها جد واحد، والغالب في هذه الأحلاف أن يكون سبب حلفها، هو اجتماعها في مكان واحد، أو اشتراكها في أحداث ووقائع معيَّنة، بل قد تُسمى على هذا المكان أو على صفته، ونلحظ على هذا النوع أنه غير مربوط بواقعة مؤقتة وينتهي (كالحلف المؤقت).ومثال ذلك قبائل: تنوخ، والعتق، وغسان، فهذه القبائل قائمة على الأحلاف لا يجمعها جد واحد، قال ابن حزم (وجميع قبائل العرب فهي راجعة إلى أب واحد حاشى ثلاث قبائل وهي تنوخ والعتق وغسان)، وقال بعد الكلام عن هذه القبائل (فهم من بطون شتى) (4)، ويقصد بقوله جميع القبائل راجعة إلى أب واحد أي في الجملة والغالب، وإلا قد يدخل بعض القبائل أفخاذ من قبائل أخرى، ولكنها في جملتها ترجع إلى أب واحد، بخلاف هذه القبائل الثلاث فإنها مجتمعة من عدة بطون من قبائل شتى كوّنت هذه الكيانات. 3 - دخول فخذ أو عشيرة أو فرد في قبيلة أخرى: وهذا النوع الأكثر حصولاً من أنواع الأحلاف، وفي هذا النوع يُعتبر الفرع الذي دخل في القبيلة (سواء كان هذا الفرع فخذاً، أو عشيرة، أو أسرة، أو شخصاً) جزءاً لا يتجزأ من القبيلة التي دخل فيها، فيتسمى باسمها وينضوي تحت إمرتها، ويحارب معها مثله مثل من ينتسب أصالة إلى هذه القبيلة، وقد يحصل بعد زمن أن يرجع هذا الفخذ، أو العشيرة إلى محاولة الانتساب إلى نسبه الأصلي لأسباب مختلفة. وأمثلة هذا النوع كثيرة جداً في كتب النسب، فلما تحدث ابن حزم عن ذرية الإخوة أسلم ومالك وملكان أبناء أفصى بن عامر بن قمعة بن إلياس بن مضر، قال وهؤلاء الثلاثة ممن تخزَّع، يعني دخلوا في خزاعة (5)، ولما تحدث عن بني وادعة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد (وهم أبناء عمومة للأوس والخزرج) ذكر أنهم دخلوا في همدان (6)... وغير ذلك كثير جداً في كتب النسب ويصعب استقصاؤه. من أسباب الحلف: الحلف ينشأ غالباً لأسباب سياسية كاختلاف التكوينات والقوى في المنطقة، أو لأسباب اجتماعية كضعف القبيلة، أو قلتها، أو هجرة أغلبها من المنطقة، أو لسبب جغرافي مثل الجوار، فمن تلك الأسباب: 1 - عند قيام قبيلة أو عشيرة بحرب قبيلة أكبر منها، أو ردّهم فإنهم قد يضطرون إلى الاعتضاد والتقوّي بعشائر أخرى لمواجهة هذه الحرب، وقد يستمر هذا الحلف، وقد ينتهي بانتهاء الحدث، وقد يحصل ذلك من الطرفين، ومن الأمثلة على هذا السبب كحلف مؤقت ما حصل يوم الهذيل عندما أغار الهذيل بن هبيرة التغلبي على ضبَّة والرّباب فأنجدهما بنو سعد بن زيد مناة بن تميم، فقال سلامة بن جندل:
وتغلب إذ حربها لافح
تشب وتسعر نيرانها
غداة أتانا صريخ الرباب
ولم يكُ يصلح خذلانها
صريخ لضبّة يوم الهذيل
وضبّة تردف نسوانها
تداركهم والضحى غدوة
خناذيذ تشعل أعطانها
بأسد من الفزر غلب الرّقاب
مصاليت لم يُخش إدهانها (7)
وقد دعا عمرو بن معد يكرب الزبيدي إلى تجمع بطون مذحج لمواجهة بطون معد بن عدنان، عندما قال:
وأود ناصري وبنو زبيد
ومن بالخيف من حكم بن سعد
لعمرك لو تجرّد من مراد
عرانين على دهم وجُرد
ومن عنس مغامرة طحون
مدربة ومن علة بن جلد
ومن سعدٍ كتائب معلمات
على ما كان من قرب وبعد
ومن جنب مجنّبة ضروب
لهام القوم بالأبطال تردي
وتجمع مذحجّ فيرأسوني
لأبرأتُ المناهل من صعد(
المثالان السابقان ينطبقان على الأحلاف المؤقتة التي حصلت بسبب الاستعداد لحصول حرب، وغير هذه الأمثلة كثير، وقد يكون حلفا خندف وشبابة مثال على ذلك أيضاً فهما حلفان أُسسا بسبب توازن القوى وهي أحلاف مؤقتة لسبب معين. 2 - عند هزيمة قبيلة أو كيان قبلي في حرب أو حروب متوالية، فقد تحصل هزيمة قاصمة تحمل هذه القبيلة المهزومة إلى الرحيل فيبقى منهم بقية ضعيفة تحتاج إلى الاحتماء والتقوّي فتضطر إلى الدخول في قبيلة أكبر منها. وقد تدخل قبيلة أو عشيرة في قبيلة أخرى اتقاء لسطوتها وإغارتها، كأن تغير قبيلة أو كيان قوي على مناطق تعيش فيها قبائل ضعيفة لا تستطيع مقاومتها، فتنضوي تحت لوائها، وتأتمر بإمرتها لكفّ ضررها عليهم، ولا شك أن في هذا الأمر مصلحة للقبيلة القويّة، لأن دخول هؤلاء وغيرهم في كيانهم سيكثر من عددهم وسيزيد من قوتهم. قال البكريّ (فلما رأت القبائل ما وقع بينها من الاختلاف والفرقة، وتنافس الناس في الماء والكلأ، والتماسهم المعيش في المتسع، وغلبة بعضهم بعضاً على البلاد والمعاش، واستضعاف القوي الضعيف، انضم الذليل منهم إلى العزيز، وحالف القليل منهم الكثير، وتباين القوم في ديارهم ومحالهم، وانتشر كل قوم فيما يليهم) (9) 3 - قد يحصل الحلف لسبب جغرافي واقتصادي في آن واحد، وذلك عند نزول عدة عشائر، أو أفخاذ على منطقة واحدة فتجمعهم المنطقة فيتكوَّن كيان باسم جديد.. مثال ذلك أحلاف تنوخ وغسّان وغيرهما، فقد تحدث ابن حزم عن سبب تسمية قبيلة تنوخ فقال (سموا تنوخاً لأن التنوخ الإقامة، فتحالفوا على الإقامة بموضعهم بالشام، وهم من بطون شتى) وقال عن غسّان (طوائف نزلوا بماء يقال له غسّان فنسبوا إليه) (10) ومن ذلك أيضاً هجرة القبيلة أو العشيرة من مكان إلى مكان، ونزولها في مكان تسيطر عليه قبيلة أخرى فيحصل بينهم التداخل والحلف، ويشابه ذلك أيضاً الجوار قد يكون سبباً للحلف. 4 - قلة عدد العشيرة أو القبيلة في ظل تلك العصور القاسية التي تعتمد فيها بعض القبائل على الحرب والسلب، فلا شك أن قلة عددها سيجعلها تذوب في كيانات أخرى، ويحصل هذا كثيراً بين أبناء العمومة القريبين، فتجد الإخوة إذا اشتهر فيهم رجل قد يُنسب إليه فيما بعد أبناء إخوته لشهرته ولقلة عدد ذرية إخوته كما هو الحال في البراجم من بني تميم، وهم ذرية عمرو والظليم وقيس وكلفة وغالب أبناء حنظلة (جد البطن) بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ذرية هؤلاء الخمسة كانوا قلة، فقال لهم رجل منهم وهو: حارثة بن عامر بن عمرو بن حنظلة (أيتها القبائل التي ذهب عددها تعالوا فلنجتمع، فنكن كبراجم كفي هذه)، ففعلوا فسُموا البراجم، وهم مع بني عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة. (11) 5 - قد يحصل خلاف داخلي بين القبيلة الواحدة يُلجئ أغلب القبيلة إلى طرد القسم الآخر من نفس القبيلة، مما يجعلها تنتقل عن المكان وتحالف كياناً آخر، وهذا الخلاف قد يحصل لأسباب كثيرة، إما لسبب دم أو مصاهرة لقبيلة أقل منهم شأناً، أو امتهان بعضهم لمهنة أقل مما اعتادوا عليه، أو شحناء أو غير ذلك.
الشيخ عودة ال الشيخ عودة
عدد المساهمات : 687 تاريخ التسجيل : 21/09/2008 الموقع : www.arabelalekat.yoo7.com
موضوع: رد: تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها) الأربعاء سبتمبر 24, 2008 6:37 am
أو غير ذلك. كما أن القسمين قد يكونان متقاربين في العدد والقوة، وقد يكونان غير متكافئين، بل قد يحصل أن رجلاً واحداً فقط تغضب عليه قبيلته، فيخرج منها لسبب من الأسباب السابقة، أو غيرها فيدخل في قبيلة أخرى، فيكون بذلك جداً لأسرة أو عشيرة، وكتب الأوائل مليئة بأخبار الخلاف والتنازع بين أبناء القبيلة الواحدة كحرب البسوس، وداحس والغبراء ويوم البُعاث وغيرها من الأيام الشهيرة. ومن ذلك أيضاً ما ذكره البكريّ عن تكاثر بطون جرم ونهد القضاعيتين وفصائلهم فتلاحقوا واقتتلوا وتفرقوا وتشتت أمرهم ووقع الشر بينهم، ثم قال (فلحقت نهد بن زيد ببني الحارث بن كعب - من مذحج -، فحالفوهم وجامعوهم، ولحقت جرم بن ربان ببني زبيد - من مذحج - فحالفوهم وصاروا معهم، فنسبت كل قبيلة مع حلفائها، يغزون معهم ويحاربون من حاربهم). (12) هذه من أبرز الأسباب.. هناك غيرها أيضاً وأتوقع أن استقصاء كل الأسباب يحتاج إلى مزيد من العناية، ولكن هذه إشارات ولفتات حول مفهوم الحلف وأنواعه وأسبابه، مع أملي أن يكون هناك مزيد من الاهتمام من الإخوة الباحثين حول هذه الموضوعات الهامة من تاريخ العرب وتراثهم القديم، والله المستعان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) انظر مادة ح ل ف في: الصحاح للجوهري، القاموس المحيط، المعجم الوسيط. (2) انظر الصحاح للجوهري، القاموس المحيط مادة ح ل ف (3) الصحاح للجوهري مادة ح ل ف (4) جمهرة أنساب العرب لابن حزم، دار المعارف، تحقيق عبد السلام هارون 2-461، 462 . (5) جمهرة أنساب العرب لابن حزم 1-240 . (6) الجمهرة لابن حزم 2-331 . (7) ديوان سلامة بن جندل ( شعر عمرو بن معد يكرب، جمع وتحقيق مطاع الطرابيشي ص 78، 79 والأسماء المذكورة في الأبيات بطون من مذحج. (9) معجم ما استعجم للبكري، دار الكتب العلميّة، تحقيق جمال طلبة 1-51 . (10) جمهرة أنساب العرب لابن حزم 2-462 . (11) جمهرة النسب للكلبي، عالم الكتب، تحقيق ناجي حسن 1-194 . (12) معجم ما استعجم للبكري 1-41
الشيخ عودة الشيخ عودة
عدد المساهمات : 1748 تاريخ التسجيل : 28/09/2008 العمر : 74
موضوع: رد: تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها) الخميس يوليو 03, 2014 10:39 am
الباحث والمؤرخ الأستاذ علي بابطين في دراسة تاريخية يوضح علاقة المهرة بحضرموت
في دراسة تاريخية أعدها الباحث والمؤرخ الأستاذ: علي بن محمد بابطين حول حضرموت والمهرة أوضح فيها كثير من الحقائق التاريخية وأزال الخلط والالتباس بين المساعي والطموحات السياسية وبين المسلمات التاريخية والجغرافية واستشهد بكثير من الوقائع السابقة ، أكد في دراسته على ما يلي:
· حق أبناء المهرة وسقطرة في إقامة مشروع سياسي مستقل إن وجدوا في ذلك حلا لمشكلاتهم الاجتماعية والتنموية. · بيّن في الوقت نفسه على أن المهرة قبيلة حضرمية وأرضها أرض حضرمية من أيام الملك الحضرمي (العزيليط) ومرورا بالحكم الكثيري والذي حكم مناطق واسعة من حضرموت
· خلص الباحث إلى أن قيام شكل من أشكال الدولة لا يعطي للحكام أحقية إنكار هوية الإقليم لدواعٍ سياسية لأن كل هذه الأشكال السياسية أمور متغيرة لا يصح أن تكون سبيلاً لإلغاء الهوية الحضرمية وتستبدلها بهويات حكامها وهذا ما حصل فقد حكمت الدولة الكثيرية قرابة ستة قرون لكنها لم تمح الهوية الحضرمية وكذلك الإمارات اليافعية في الساحل والداخل.
بدأ الباحث في دراسته بتعريف الهوية ثم انتقل إلى تعداد أنواعها ثم فرّق بين الهوية التاريخية والأطماع السياسية ثم انتقل إلى المهرة القبيلة ومنشأها وعلاقتها بحضرموت الأرض وحضرموت القبيلة وفي نهاية دراسته أزال الإشكال بين المشروع السياسي الذي ينادي به ابن عفرار وبين الحقيقة التاريخية للمنطقة، يشار إلى أن هذه الدراسة جزء من بحث تاريخي يعده الباحث عن حضرموت.
لا يستغني طالب المعرفة والراغب في الوصول للحقيقة عن قراءة مثل هذه الدراسات التاريخية المؤصلة ومراجعتها وعرضها ونقدها فهي كفيلة بإزالة كثير من الأوهام والتي يحاول البعض جعل منها إشكالات لضرب النسيج الاجتماعي الواحد موقع حضرموت الأرض والشعب ينشر الدراسة كما وصلته من معدها في السطور التالية: حضرموت والمهرة
دراسة تاريخية للمؤرخ الأستاذ : علي بن محمد بابطين المقدمة
تعد مسالة الهوية من أكبر المسائل المهمة في البناء السياسي للدول والحركات السياسية ، ولابد من أن تكون الرؤية واضحة حول هذه المسالة .
والهوية كلمة مستحدثة لا تعرفها القواميس العربية القديمة ، وإنما ذكر الجرجاني في كتابه التعريفات قال :”الهوية الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق ” .
وهيمن كلمة “هو” المقابل لكلمة “أنا” وعلى هذا فهي تعني علاقة الفرد بالآخرين المحيطين به والذين يحيون في نفس الإطار الجغرافي والتاريخي له .
لا شك أن العوامل السياسية قد تؤثر في مجملها في تحديد هوية سياسية مختلقة لكنها هوية لا يمكن ادعاؤها أو الدفاع عنها لأنها هوية قانونية مؤقتة
والهوية تتعدد بحسب ضيقها وسعتها وهي على هذا ثلاثة مراتب حسبما ظهر لنا :
أولاً: الهوية الدموية أو النسَبية (بفتح السين )أو العرقية ، وهي تشمل الأسرة والقبيلة أو التجمع الإنساني القائم على الارتباط العرقي ، وفي حال توسع هذا المجال قد لا يحكم بوجود رابط نسبي حقيقي داخل أفراد هذا التجمع ، حيث يصبح العامل الأمني والاقتصادي مبرراً لاستيلاد رابط نسَبي شكلي معتبر .
ويعد هذا المستوى من الهوية أدنى المستويات بحيث لا يستطيع استيعاب مكونات واسعة داخل المجتمع فهو في النهاية شكل ضيق جداً من أشكال الهوية ولا يسمح لقيام شكل سياسي إلا إذا تدخلت ظروف خارجية وحولت هذا الانتماء العرقي لهوية سياسية قانونية تستوعب قطاعات سكانية خارج إطار الرابطة النسَبية ، كل هذه الهوية المفتعلة- إن صح التعبير – غير قابلة للدوام بل هي مرتبطة بالواقع السياسي المتغير للنظام السياسي الراعي لهذا الشكل من الهوية المفتعلة .
ثانياً: الهوية المدنية القائمة على نوع من الارتباط السكاني بالمدينة أو مجموعة من المدن الصغيرة ، وهو شكل ضيق آخر من أشكال الهوية والتي ينطبق عليها ما سبق ذكره لكنه أقل شروطاً في التوسع إذ يكفي أن يكون الفرد ساكناً في المدينة متعلقاً بها لكي يتم ادماجه في الهوية المحلية .
ثالثاً : الهوية العامة لإقليم جغرافي معين يحمل في طياته تشابها تاريخياً واجتماعياً ،ويتم من خلاله تحديد إطار جغرافي واضح وحدود خارجية واضحة يمكن تلمسها من خلال أنماط اجتماعية تتعلق بالعادات والقيم كما تتعلق بنمط لغوي متقارب يحمل صفاتاً مشتركة .
رابعا : الهوية القانونية وهي تشمل نطاق سياسي – إداري يخضع لسلطة معينة قد يكون الإقليم مختزلا من هوية عامة أو واسعاً خارج نطاق الهوية التاريخية العامة .
ولا شك أن العوامل السياسية قد تؤثر في مجملها في تحديد هذه الهوية. لكنها هوية لا يمكن ادعاؤها أو الدفاع عنها لأنها هوية قانونية مؤقتة .
كان لآل كثير سلطنة استمرت أكثر من ستة قرون ولم يعط هذا آل كثير الحق للإدعاء بهوية خاصة أو إنكار الهوية التاريخية المشتركة
وقد تنشأ داخل الإقليم ذي الهوية المشتركة عدة أنظمة سياسية قد تدفعها لمحاولة خلق هوية خاصة لن يكتب لها النجاح لأن العوامل الاجتماعية واللغوية والتاريخية ستقاوم هذا المسعى وستبقى هذه العوامل المشتركة دافعا نحو توحيد سياسي خصوصا إذا ساهمت النواحي الاقتصادية والتنظيمية في تشجيع خلق كيان سياسي واحد .
كما أن بعض الأنظمة السياسية قد تتوسع خارج الإقليم التاريخي فيؤدي ذلك إلى محاولة خلق هوية مصطنعة بين الإقليم الأم والإقليم الجديد ولن تستطيع هذه الهوية المصطنعة الاستمرار إلا في حالة بقاء الحالة السياسية قوية وذات عوامل جذب اقتصادية .
وتعد حضرموت مثالا حيا واضحا للهوية التاريخية والاجتماعية واللغوية والثقافية وقد ولدت هذه الهوية مع أول مملكة حضرمية سياسية حكمت من شبوة غرباً وحتى ظفار شرقا ، وساهمت الجغرافيا المغلقة شمالا وجنوبا في تثبيت هذه الهوية الواحدة ، ثم تتابعت المحاولات السياسية لتأكيد هذا الإطار الجغرافي الواسع والذي يحدد الهوية الحضرمية من شبوة إلى ظفار .
لكن هذا العامل السياسي لم يكن وحده الدافع للقبول بهذه الهوية الواحدة فهناك عدد من الجوانب المشتركة سكانيا واجتماعيا وثقافيا ، فمجموع السكان في هذه المنطقة تجد لها تمددات متقاربة جداً ، إلى جانب النواحي الاجتماعية من ناحية الملبس والطعام والقيم الاجتماعية فهي متقاربة جداً ، كما أن الجوانب اللغوية المشتركة كالألفاظ والشعر وصيغ المعاقدات نجد فيها كثير من القواسم المشتركة .
وتعد حضرموت مثالا حيا واضحا للهوية التاريخية والاجتماعية واللغوية والثقافية وقد ولدت هذه الهوية مع أول مملكة حضرمية سياسية حكمت من شبوة غرباً وحتى ظفار شرقا
والكلام هنا على الهوية الحضرمية لا على التطلعات السياسية لجزء أو أكثر من الإقليم وهي تطلعات مشروعة ، لكنها لا يجب أن تمس الهوية المشتركة ، ومن أمثلة هذه التطلعات المشروعة داخل إقليم حضرموت الدولة الكثيرية التي حكمت مناطق واسعة من حضرموت لكنها لم تمح الهوية الحضرمية وتستبدلها بهويه كثيرية وكذلك الإمارات اليافعية في الساحل والداخل، ولا يعطي قيام شكل من أشكال الدولة للحكام أحقية إنكار هوية الإقليم لدواعٍ سياسية مستقلة لأن كل هذه الأشكال السياسية أمور متغيرة لا يعقل أن تؤثر في الثوابت المطلقة .
المهرة هل هي قبيلة حضرمية؟
نظراً للدواعي المزعومة من قِبل بعض الأسر التي نجحت في إقامة سلطنات لها ولأسرتها شملت منطقة المهرة وجزيرة سقطره في حقبة تاريخية سابقة فإننا محتاجون للإجابة بوضوح على هذا السؤال ، رغم أنه ليس من حق أحد إنكار هوية مشتركة ثابتة بسبب تطلعات سياسية قد تكون مشروعة لكنها تعارض الرؤية السياسية المنشودة من قبل شعب المنطقة الذي بسبب تنامي الوعي السياسي صار يرفض الرجوع إلى عهد السلطنات السابقة ويتطلع إلى حكم مدني واضح المعالم يكون فيه حق ممارسة السلطة مشاعاً بين كافة قطاعات الشعب الحضرمي وللإجابة على هذا السؤال يجب تحديد مقصود كلمة مَهْرة ، وهل هي أرض أم قبيلة ؟
والراجح بلا خلاف أن المهرة قبيلة ، فقد ذكر الفيروزآبادي قال “والمهرة بن حيدان حي ” وقال الزبيدي في تاج العروس “حي عظيم وإليها يرجع كل مهري “
وهذا القول يوضح سبب اختلاف مساكن هذه القبيلة في حقب تاريخية مختلفة ، حيث كانت تسكن حول الشحر ، وعلى اعتبار الشحر ذو دلالات متعددة إذ يطلق في بعض المصادر على الساحل الحضرمي بكامله ، قال الهمداني “الأسعاء من مهرة” ص ٤٥
وقد وفدت قبيلة مهرة شأنها شأن كثير من القبائل على النبي صلى الله عليه وسلم وكان عليهم مهري بن الأبيض الذي كتب له النبي صلى الله عليه وسلم كتابا جاء فيه ” هذا كتاب من محمد رسول الله لمهري بن الأبيض على من آمن به من مهرة ألا يؤكلوا ولا يعركوا وعليهم إقامة شرائع الإسلام” وفي آخره كتب محمد بن مسلمة الأنصاري قال يعني بقوله لا يؤكلون أي لا يغار عليهم ، كما وفد رجل من مهرة يقال له زهير بن قرضم بن العجيل بن قباث بن قمومي المهري من الشحر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدنيه ويكرمه لبعد مسافته. ص ٣٥٥ الطبقات الكبرى لابن سعد
قلت والراجح عندي أن تصحيفا لحق اسم الصحابي زهير بن قرضم فكلمة ( قمومي ) لعلها تصحيف كلمة الحمومي ومما يقوي ذلك أن العجيل لا يزال بيتا معروفا في قبيلة الحموم-وإن صح هذا الافتراض – فإنه يدل على أن مرجع كثير من بيوت قبيلة الحموم إلى قبيلة مهرة وقد ورد في كتاب لقمان (تاريخ الجزر اليمنية ) قوله عند الحديث عن بيوت قبيلة مهرة قال وبيت حراويز وهم قسم بدوي وقسم مستقر حوالي قشن ويدعون أنهم والحموم من أصل واحد ص ٤٨
والذي يظهر أن المهرة كانوا يسكنون حول الشحر عند ظهور الإسلام ثم نتيجة لضغط القبائل الساكنة شمال الساحل الحضرمي تحركوا شرقا نحو مواطنهم الحالية وبقيت بيوت منهم التحقت بقبائل أخرى أو انقطعوا عن الانتساب للمهرة ، ولعل القائل أن الحموم والمهرة من أصل واحد لا يبعد عن الصواب . والحموم قبيلة حضرمية عريقة لا ينكر ذلك أحد .
وقد سكنت قبيلة المهرة في القرون المتأخرة في المنطقة الساحلية الواقعة بين وادي المسيلة غربا إلى منطقة حوف شرقا ، وقد عد المؤلف المهري سالم لحيمر القميري في كتابه المسمى (المهرة القبيلة واللغة) عدداً من منازل البيوت المهرية ومنها ( سيحوت ، قشن ، منطقة عتاب ، رضوت، حبروت ، ولغيضة ، ردفات ، نشطون ، طبوب، جانب ، هروت، مهرات ، ثوف ، شحن ، ايروب ، دقموت ، حوف ووادي طلغت ).
وكلها مناطق ساحلية أو قريبة من الساحل ، أما المناطق الشمالية عنهم والواقعة على طرف صحراء الربع الخالي الجنوبي فتسكنها قبائل من آل كثير عدها لقمان في كتابه الآنف الذكر وعد منهم آل راشد ، بيت هِنا ، بيت خوار في وادي كديوت ، وبيت عوبثان في وادي جزعا ويملكون نخيلا في منطقة ماريتوالمهيفيف في منطقة الغيضة ، وقبيلة الحراسيس.
ويذكر لقمان قصة مخطوط سُلم لمحمد مهدي فدعق القادم في وفد من عدن سنة ١٩٦٧م إلى سقطرة لمؤلف مجهول يظهر من خلال مقدمته أنه من أهل سقطرة حيث يشرح بداية قيام دولة ابن عفرير فيها جاء فيها :” أقول أول استيلاء سلاطين آل عفرار وملكهم أرض المهري أن ثلاثة أنفار خرجوا من حضرموت أحدهم اسمه عفرار والعفيفي لقبه فهو ينسب إلى آل عفيف اليافعي بالجد، والثاني من الذين خرجوا من حضرموت عرشي والثالث عكشوت ” ص٦٧
والشاهد قوله من حضرموت وهو الاسم المتداول على الساحل من ظفار إلى عين بامعبد غربا ، وقد ذكر انجرامس المستشار البريطاني في كتابه عن حضرموت قال ” ومن المفهوم الواسع الذي يستخدم اليوم فان منطقة الواحدي والدولة القعيطية والدولة الكثيرية والمهرة هي التي تدخل ضمن ذلك المصطلح ( حضرموت ) ولا يشمل المنطقة شرق المهرة وهي ظفار . ص ١١
وذكر الخانجي في منجم العمران في المستدرك على معجم البلدان قال: حضرموت بلاد في أرض العرب قليلة الخصوبة والخيرات واقعة على شاطئ بحر عمان عرضها 12 درجة وطولها 71درجة يحدها شمالا صحراء الأحقاف وجنوبا بحر عمان وشرقا سلطنة مسقط وغربا ولاية اليمن “ص174ج2
وعلى هذا ومع عدم وجود المعارض المقبول فبلاد المهرة حضرمية الهوية ، وقبيلة المهرة قبيلة حضرمية .
وقد ذكر المؤلف سعد الجدحي المهري في كتابه عن تاريخ المهرة قبل الإسلام قال :”وقد كانت للمهرة قديما أحلاف وثيقة مع المملكة الحضرمية ، وأقدم ذكر للمهرة نجده في نقش المعسال رقم 4 الذي يتحدث عن مشاركة المهرة (مهرت) مع الجماعات والقبائل الحضرمية الأخرى بزعامة يهبئر في الانتفاضة التي قامت ضد الملك العزيلط ” ص28
وقال :” واستخدام مصطلح (شعب) للمهرة مثلها مثل سيبان يدلل على اندماجها في البناء الاجتماعي السياسي للحضارة العربية الجنوبية”ص29[1]
وقد تتابع ذكرها في كتب التاريخ الحضرمي خصوصا منذ سنة ٩٠٠ه ، ومن أخبارها ما يلي قال بافقيه صاحب تاريخ الشحر : وفيها خرج السلطان جعفر بن عمر الكثيري من ظفار إلى الشحر واستدعى حلفاءه من بيت زياد من المهرة ، قال وصاروا المهرة يومئذ منقسمين ، بيت زياد مع جعفر وبيت محمد مع بادجانة صاحب الشحر” ص١٤ وبادجانة هو سعد بن مبارك بادجانة الكندي .
وشهدت هذه الفترة نشاطاً عسكرياً لقبيلة المهرة حتى أن السلطان عامر بن عبد الوهاب صاحب تعز لما تحقق من عسكره عدم النصيحة استخدم جماعة من المهرة وأجزل أعطياتهم فتغير خاطر العسكر حيث آثر المهرة عليهم” ص١٢٤بافقيه (تاريخ الشحر)
كما قامت محاولات مهرية لأخذ الشحر لم يكتب لها النجاح ،كما ذكر المؤرخون عدداً من نقاط الالتقاء العدائية بين المهرة والبرتغالية ، وكما ورد ذكر مساعدة المهرة للبرتغاليين لأخذ الشحر ، فقد قال ابن حميد في تاريخ حضرموت ” وكان دخول المخذول الشحر بمساعدة بعض المهرة فبعد ذلك حصل على أرضهم غيث كثير وأخرب دورا كثيرة في أرضهم ” ص165ج1
وفي سنة ٩٤0هـ جاء أنه وصل غراب من الافرنج لقشن ووجد جماعة كان قد حشدهم السيد عبدالله بن شيخ إلى عدن للشيخ عامر بن داود فأغرقهم وغالبهم بدو ومهرة ” ص٢٣١ بافقيه مرجع سابق
قلت وعبارة ” بدو ومهرة ” واضحة الدلالة اذ المقصود بالبدو آل كثير المجاورين للمهرة في الإقليم.
وفي سنة ٩٤٦هـ ذكر أن الشريف ناصر بن احمد المتحالف مع السلطان بوطويرق أغار ومعه مئة رجل من بادية آل كثير والمهرة على بادية نهد ص٢٦٩
وفي عهد السلطان بدر بوطويرق الكثيري كان هناك الكثير من العلاقات مع المهرة ، إذ كانوا جزءا من جيشه ،وكانت هذه العلاقات تتقلب بين العلاقات العدائية أو الثورات شأنهم في ذلك شأن العمودي في دوعن ونهد في الكسر وغيرهم ، وبين محاولات الصلح كما حدث سنة ٩٥٥هـ فقد ورد أن السلطان لما وصل حيريج جاء إليه سعد بن عيسى بن عفرار ساقطا فقبله ثم اصطلح هو وإياه على العدالة على الحصن وعلى أن لهم قواعدهم الأصلية ولا لأحد اعتراض عليهم في بلدهم ” ص٣٣١
وتكرر هذا الصلح بن السلطنة الكثيرية وقبيلة المهرة في سنة ٩٧٨هـ وسنة ٩٨٣ه .
وجاء في حوادث سنة ١١١٨ه أن المهرة منعوا السلطان عمر بن جعفر الكثيري من دخول ظفار إلا بمقابل ثلاثمائة قرش ” ص٢٧٦ج٢
وفي عام ١١١٩ه وقعت بين آل الاحموم والمهرة في وادي المقراض ملقاة فقتل من المهرة ثلاثون رجلا ومن الاحموم ثمانية ” ص٢٧٨
وفي نفس هذا العام ذكر ابن حميد أن المهرة أخذوا ظفار من غير قتال ومعهم بدر بن السلطان محمد الكثيري ، ولما تولوها ولوا فيها سعيد بن عمر بن طوعري ، وقرر للسلطان بدر قوتا ومصروفا قال المؤلف تعليقا فسبحان المعز المذل “ص
وينقطع ذكر المهرة في المدونات التاريخية الحضرمية حتى سنة ١٢٧٠ه حيث جاء أن السلطان علي لما وصل قصيعر اتفق بجماعة من حذاق المهرة والمناهيل وحالفهم الجميع وحالفوه ” ص ١٢١ج٢
وفي سنة١٢٨٣ه ذكر أن الكسادي حّجّر على المهرة ألا يعاملوا أهل قصيعر وريدة بن حمدات ” ص٢٥١ج٢
وجاء في أخبار سنة ١٢٩٤ه أن المهرة منعوا آل عبدالودود أصحاب الريدة من دخول سيحوت وقالوا لهم إن بيننا وبين القعيطي مكاتبة وصلح ولا يمكن أن تسكنوا عندنا “ص٣٧٣ج٢
قلت وبعد هذا التتبع التاريخي الذي يدل على التداخل التاريخي بين قبيلة المهرة وغيرها من القبائل الحضرمية وهو ما يقطع القول حول هوية المهرة الحضرمية ولا يعني وجود كيانات سياسية مستقلة لهذه القبيلة أو تلك أن الكيان السياسي ذو هوية مستقلة تاريخيا فقد كان لآل كثير سلطنة استمرت أكثر ستة قرون ولم يعط هذا آل كثير الادعاء بهوية خاصة أو إنكار الهوية التاريخية المشتركة ، وإن كان يحق لهذه الكيانات السياسية خلق هويات خاصة فهي هويات قانونية وليست هوية تاريخية .
من حق المهرة السعي لإقامة كيان سياسي مستقل تحت قيادة ابن عفرار أو غيره لكن هذا الحق السياسي لا ينبغي له القفز على حقائق تاريخية واضحة أو الادعاء بهوية مختلفة أو استعداء المحيط الإقليمي
ومن المهم الإشارة إلى أمر مهم أنه من حق كل الجماعات والأفراد السعي نحو سلطة سياسية مستقلة ، فيحق للمهرة على هذا السعي لإقامة كيان مستقل إن وجدوا في ذلك حلا لمشكلاتهم الاجتماعية والتنموية ،سواء تحت قيادة قديمة كقيادة ابن عفرار أو قيادة جديدة تسعى للصالح العام ، لكن ينبغي أن يكون ذلك تحت أطر واضحة من أهمها وجود قدرات اقتصادية وبشرية تستطيع تحقيق المصالح العامة المنشودة ، وكذلك عدم استعداء المحيط الاقليمي ،لكن هذا الحق السياسي لا يحتاج ولا ينبغي له القفز على حقائق تاريخية واضحة أو الادعاء بهوية مختلقة ، وأرض كانت من أيام الملك الحضرمي (العزيليط) حضرمية وحتى الحكم الكثيري لن تكون سوى أرض وهوية حضرمية .
والله الموفق لكل خير
كتبه :علي بن محمد بابطين
باحث متخصص في دراسات التاريخ ـــ ماجستير جامعة أم القرى
تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها)