بـسـمـه تـعـالى
بطلان انتساب الأردني المدعو محمود عبدالرحيم الحرباوي إلى النسب الشريف
قال النسابة السيد جمال الدين أحمد بن علي ابن عنبة الداوودي الحسني في مقدمة كتابه ( عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب الجلالية ) ما نصه : " إلا أني رأيت أوان تغربي في أكثر البلاد التي وطئتها تشابها عظيما بين الهجان والهجين وتساويا شديدا بين الّلُجَينَ و الَّلجَيِن، يكابر الدعي العلوي فلا ينكر عليه ويتنازعان الشرف فما من عارف بشأنهما يرجعان إليه ، وكثيرا ما يتعصب في الظاهر للدّعي توصلا بذلك إلى الطعن في آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ولأن من الثوابت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن قول الحق من المعروف الذي دعا له السيد الجليل ابن عنبه في النص السابق
وفي تفصيلنا اليوم نقف على ثلاث مراحل علمية في دحض هذا الادعاء
أولا : أصل ادعاء النسب الشريف من جماعة ضمن عائلة الحرباوي في الخليل
ثانيا : بطلان الانتساب للنسب الرفاعي
ثالثا: حقيقة اقرار النسب الرفاعي وخصوصا في بلده الاردن
-----------------------------------------
أولا : أصل ادعاء النسب الشريف من جماعة ضمن عائلة الحرباوي في الخليل
-----------------------------------------
أثناء عهد الدولة العثمانية ظهرت كثير من الانتسابات الباطلة لآل البيت لذا من لم يوجد له أصل في مصادر الأنساب العلوية قبل العهد العثماني فهو محل شك وظن عند النسابين وهذا كان متفشي في بلاد الشام أصل محمود الحرباوي حيث كانت تسكن عائلته في الخليل بفلسطين وبالذات أهل الطرق الصوفية فصار شيوخ الطريقة يلصقون أنسابهم بالنسب الشريف ولنقف هنا لالتفاتة جميلة كتبها المؤرخ محمد سليم الجندي ( 1298 - 1375 هـ) الذي عاصر نهاية العهد العثماني وما كتبه في كتابه تاريخ معرة النعمان
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
فكان رأس مال هذه المزايا والدافع هو كتابة ما يسمى بالطوامير حيث يتم لصق النسب بعواميد ما أنزل الله بها من سلطان فكثرت الادعاءات ومن جملة هذه الادعاءات مشايخ الطريقة الرفاعية الصوفية في مدينة الخليل بفلسطين، حيث زعم هؤلاء المشايخ أنهم من النسب الرفاعي عبر سلسلة أسماء من المجاهيل الذين لم يرد ذكرهم بأي وثيقة سابقة أو مصدر مع اختلاق أسماء وهمية كنسابة أو أشراف في مختلف البلدان فهي صنعة منتشرة آنذاك ونماذجها كثيرة وليس الحرباوية أول من سلكها كما أشار محمد سليم الجندي في كتابه ، والدليل أنه لا شهرة لهؤلاء القوم بالسيادة بأي من المصادر التاريخية التي تناولت مدينة الخليل وبشهود عدد من أهلها من العارفين ومن هنا يتنبه القارئ على اصل الادعاء
-----------------------------------------
ثانيا : بطلان الانتساب للنسب الرفاعي
-----------------------------------------
حسب ما يدعيه جماعة الحرباوي في فلسطين وكما نشر المدعو محمود الحرباوي ذلك فاننا نجد ما يلي
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
وهذا تفريغ للوثيقة العثمانية التي كانت مطية لانتحال النسب النبوي الشريف حيث تشير أن نسبهم المختلق عبر سلسلة من الأسماء الوهمية إلى الشيخ الرفاعي محمد البطائحي فمن يكون هذا الشيخ الذي ادعوا الانتساب إليه وحاولوا إلصاقه بالنسب الشريف الجواب نجده عند الرحالة ابن بطوطة في كتاب رحلته ( تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ) وهو كتاب مشهور تداول فيه تفاصيل رحلاته مع الشخصيات التي إلتقى بها وقد ذكر في الرحلة أنه زار قبر الشيخ أحمد الرفاعي وعندما ذهب مسايرا لبلاد الترك وتخومها بحدود نهر كوما في القوقاز في سنة 750 هـ تقريبا ذكر لنا الشيخ محمد البطائحي
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
حيث يذكر ابن بطوطة هنا بكل وضوح أن محمد البطائحي هو خليفة أحمد الرفاعي في الطريقة وليس بالنسب كما أن أصله البطائح من العراق وكما يبدو أنه سكن فيما بعد بلاد القوقاز حيث أن الماجر هنا هي اليوم مدينة بوركومادزري على نهر كوما قرب روسيا وكانت ضمن بلاد الترك آنذاك ولم يشر إليه لا بشرف ولا بنسب رفاعي علما بأن ابن بطوطة في كتابه أينما إلتقى بسيد وضح ذلك والأمثلة كثيرة في كتابه نستأنس باحداها
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
وفي وثيقة القوم يدعون أن محمد البطائحي هو ابن لعبدالله بن فرج بن عثمان سيف الدين الرفاعي ؟
ولكن الحقيقة في المصادر الرفاعية تخالف هذا الادعاء بشكل واضح ولعل ابرز كتاب يعتمد الرفاعية عليه في أنسابهم هو كتاب صحاح الاخبار لسراج الدين المخزومي علماً بأن هذا الكتاب مختلق في العهد العثماني ومؤلفه الحقيقي هو أبو الهدى الصيادي وهو مليء بالتحامل على الشيعة وعلماءهم فلننظر في البداية ماذا قيل فيه عن نسب محمد المكي وليس البطائحي بن عبدالله بن عثمان سيف الدين الرفاعي
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
والنص هنا واضح يقول ان عبدالله أعقب محمد نزيل مكة المباركة وله في الحجاز عقب في صح ، ومصطلح (صح ) عند النسابة يستخدم في حالة أن العقب لم يثبت اتصاله بهذا الشخص أي أنه مشكوك فيه وبالتالي فإنه لو فرضنا أنهم ذات الشخصية وهذا مستحيل فعقب محمد هذا أصلا مشكوك فيه ولم يثبت الانتساب إليه ، هذا علاوة أن محمد البطائحي المذكور في بلاد القوقاز وعقبه هناك وبالتالي فقد يكون من يدعي الانتساب إليه بالأصل من الشراكسة الذين دخلوا بلاد الشام وجعلوا من الطريقة الرفاعية صوفيا نسباً وادعوه ومن أجل التوضيح بين الشخصيتين المختلفتين نوضح لكم ما يلي
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
ولا يمكن افتراض أن الشخصيتين واحد خصوصا وأن من كتب صحاح الاخبار سواء المزعوم أم الحقيقي فهو في فترة متأخرة عن هذه الشخصيتين ولا يوجد رابط بينهم وهذا يؤكد النقطة الأولى التي تداولناها وهي أن هذه الطوامير بالأصل مختلقة وليست على أصل صحيح ، فلا شهرة ولا أصل علوي معلوم قبل الحقبة العثمانية لذا فإن وثيقة الحرباوية وادعاءهم للاتصال بالنسب الرفاعي باطل
ولنوضح حقيقة كتاب صحاح الاخبار الناصبي الذي هو المصدر الوحيد لهذه الأساطير من الأنساب المنحولة
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
وللعلم فإن شخصية أبو الهدى الصيادي المزورة لم تكتفي بهذا الكتاب فهناك سلسلة كتب إختلقت من أجل
اثبات اداعاءات الانتساب للنسب الشريف نذكر منها
الثبت المصان المنسوب لنقيب واسط مؤيد الدين الاعرجي
مختصر أخبار الخلفاء المنسوب لابن الساعي
غاية الاختصار المنسوب لابن زهرة الحلبي
وغيرهم فقد قال محمد راغب الطباخ
"ولم يكتف أبو الهدى بذلك بل كان يَسْتكتبُ الكتب ، وينسبها إلى مؤلفين مشهورين"
ولنرى جملة من جنونه التي تبين الجنون في الكذب والاسراف فيه وهذا ديدن الأدعياء دائما فهو يختلق في كتابه أن الشيخ أحمد الرفاعي زار قبر الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم بحضور قاضي المدينة الشريف نميلة الحسيني وبحضور الآلاف ثم يختلق قصص وهمية من رأسه بأن الرسول الأعظم رد عليه السلام وصافحه من القبر وتالله لم نرى أثر هذه القصة التي زعم بأن الآلاف رأووها ولم يرويها أحد ولا حتى ثبت أن السيد نميلة الحسيني رحمه الله كان شاهدا فلا حدث بذلك مؤرخي المدينة ولا نسابة الحسينيين حينها
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
وهنا نرى كذب الصوفية وجرأتهم على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فما بالكم بالنسب الشريف وادعاءه واختلاق الوثائق والطوامير
ومن أراد أن يستفيد ويتعمق حول عمق التزوير فليراجع كتاب
جناية الصيادي على التاريخ لمؤلفه عبدالرحمن الشايع
-----------------------------------------
ثالثا : حقيقة اقرار النسب الرفاعي وخصوصا في بلده الاردن
-----------------------------------------
ولو فرضنا أن هذا النسب تمكن من المرور في الحلقتين السابقتين وهو محال لأنه لا يرقى لذلك فإنه تبقى مسألة النسب الرفاعي وصلته بالنسب الشريف فكثير من النسابة والمؤرخين من السنة والشيعة تواترت الاخبار لديهم بأن الرفاعية من عوام العرب وليسوا من النسب الشريف وفيه تفصيل كثير وهناك بحث منشور في جمعية تنزيه النسب العلوي جمعت نصوص قيمة حول ذلك يمكن الوصول إليه عبر الرابط ادناه
وفي المملكة الأردنية الهاشمية صدر كتاب معتمد وهو ( قريش في الاردن ) لمؤلفه مراد شكري وهو معتمد في الأنساب هناك
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
وكما هو واضح في الكتاب فانه ينفي النسب الرفاعي اطلاقا للنسب الهاشمي الشريف وفي الحقيقة فانه كما اشار ابن الاثير الموصلي المؤرخ الذي عاصر أحمد الرفاعي بأن رفاعة بطن من جهينة القضاعية، وأن نسب الرفاعيين الحقيقي كالتالي رفاعة بن نصر بن مالك بن غطفان بن قيس بن جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك الحميري القحطاني، وهم بالتالي بطن صريح من جهينة ولا صلة لهم بالنسب الهاشمي الشريف
الخاتمة
إن وجود الدليل والبرهان ليسا كافيين لردع المسيء والمخالف أو الدعي فهو سيصر على الإثم بسبب ما يراه من مغريات هذا الزمان من التوقير والاحترام وكما فعل بعض الأدعياء في الشام كما أشار محمد سليم الجندي طبعا بالمزايا التي كانت توفرها الدولة العثمانية لهؤلاء الأدعياء، والمريب ليس موضوع النسب فقط ولكن ان المشار إليه يصعد المنابر اليوم ويرتدي العمامة على غير وجه ويزعم أنه مدعوم لتشييع الأردنيين وينسب روايات العامة إلى كلام الأئمة عليهم السلام كما أن طبيعته المريبة في معرفة تفاصيل المجالس الحسينية وروادها تثير الاستفهام خصوصا وأننا نعلم جيدا أنه في بلد المذكور تعد هذه المحظورات وقد كثر القيل والقال حول هذا الشخص وهناك أقاويل تؤكد على وجود مشبوهيين يدعمونه ، هذا ما وجب عليه التنبيه والسلام
كتبه الفقير إلى الله والراجي عفوه
السيد أبو المعالي الــعـــلوي
موضوع: بطلان نسب الحرباوية ومنهم محمود عبدالرحيم الحرباوي