الكلام على مذاهب الإسماعيلية قال أبو عبد الله بن رزام في كتابه الذي رد فيه على الإسماعيلية وكشف مذاهبهم، ما قد أوردته بلفظ أبى عبد الله، وانا أبرأ من العهدة في الصدق عنه أو الكذب فيه.
قال: ان عبد الله بن ميمون ويعرف ميمون، بالقداح، وكان من أهل قورح ، العباس بقرب مدينة الأهواز، وأبوه ميمون الذي ينسب إليه الفرقة المعروفة بالميمونية التي أظهرت اتباع أبى الخطاب محمد بن أبي زينب؟ الذي دعا إلى إلاهية علي بن أبي طالب عليه السلام ، وكان ميمون وابنه ديصانيين. وادعى عبد الله انه نبي مدة طويلة، وكان يظهر الشعابيذ، ويذكر ان الأرض تطوى له فيمضى إلى أين أحب في أقرب مدة. وكان يخبر.
بالاحداث الكائنات في البلدان الشاسعة. وكان له مرتبون في مواضع يرغبهم ويحسن إليهم، ويعاونون على نواميسه، ومعهم طيور يطلقونها من المواضع المتفرقة إلى الموضع الذي فيه بيت، فيخبر من حضره بما يكون. فيتموه ذلك عليهم. وكان انتقل فنزل عسكر مكرم، فكبس بها فهرب منها، فنقضت له داران في موضع يعرف بساباط أبى نوح. فبنيت إحداهما مسجدا والأخرى خراب إلى الآن. وصار إلى البصرة فنزل على قوم من أولاد عقيل بن أبي طالب، فكبس هناك فهرب إلى سلمية بقرب حمص، واشترى هناك ضياعا وبث الدعاة إلى سواد الكوفة. فأجابه من هذا الموضع رجل يعرف بحمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط، لقصر كان في متنه وساقه. وكان قرمط هذا أكارا بقارا في القرية المعروفة بقس بهرام. ورأس قرمط وكان داهيا، ونصب لدعوته عبدان صاحب الكتب المصنفة وأكثرها منحولة إليه. وفرق عبدان الدعاة في سواد الكوفة. وأقام قرمط بكلواذى، ونصب له عبد الله بن ميمون رجلا من ولده يكاتبه من الطالقان. وذلك في سنة إحدى وستين ومائتين. ثم مات عبد الله، فخلفه ابنه محمد بن عبد الله. ثم مات محمد، فاختلفت دعاتهم وأهل نحلتهم ، فزعم بعضهم ان أخاه أحمد بن عبد الله خلفه، وزعم آخرون ان الذي خلفه، ولد، له يسمى احمد أيضا، ويلقب بابى الشلعلع. ثم قام بالدعوة بعد ذلك، سعيد بن الحسين بن عبد الله بن ميمون. وكان الحسين مات في حياة أبيه. ومن قبل سعيد انتشرت الدعوة في بنى العليص الكلبيين. ولم يزل عبد الله وولده بعد خروجهم من البصرة يدعون انهم من ولد عقيل. وكانوا قد أحكموا النسب بالبصرة. فمن ولد عبد الله انتشرت الدعوة في الأرض. وقدم الدعاة إلى الري، وطبرستان، وخراسان، واليمن، والحسا والقطيف، وفارس . ثم خرج سعيد إلى مصر فادعى انه علوي فاطمي، وتسمى بعبيد الله ، وعاشر
هناك النوشري، ووجوه أصحاب السلطان، وتخوق في الأموال وبلغ خبره المعتضد، فكتب في القبض عليه، فهرب إلى المغرب. وقد كانت دعاته هناك قد غلبت على طائفتين من البربر، وكانت له أحاديث معروفة. ووطأ لنفسه ذلك البلد. ثم نظر إلى ما ادعاه من نسبه لا يقبل منه، فأظهر غلاما حدثا وزعم أنه من ولد محمد بن إسماعيل وهو الحسن أبو القاسم، وهو القيم بالامر بعد عبيد الله. وفى أيامه ظهر في كثير من اتباعه الاستخفاف بالشريعة، والوصع بالنبوة. فخرج عليه رجل يعرف بابى يزيد المحتسب، واسمه مخلد بن كيداد البربري البراتي من يقرن الأباضي البكاوي ، ويعرف بصاحب الحمار. فكثر اتباعه ومعاونوه محاربه وحصره في المهدية إلى أن مات الحسن في الحصار، فقام بعده ابنه إسماعيل ويكنى أبا طاهر، فأظهر تعظيم الشريعة. وأظهر أبو يزيد مذهب الأباضية فأقفل عنه الناس، فقتل وصلب. وذلك في سنة ست وثلاثين وثلثمائة. فلما كان في سنة أربعين ظهر في البلد قريب مما كان ظهر في أيام الحسن من الاستخفاف بالشرع، فعاجل الله إسماعيل بالمنية. وقام بالامر بعده، ابنه معد أبو تميم.
________________________________________
1- كتاب الفهرست : لابن النديم ، ص238 ، ص 239.