قال ثم استدعى من بعده جعفر بن عقيل وأمره على خمسمائة فارس وسلمه الراية فتوجه وهو يقول:
أنا ابن عقيل من لؤي وغالب ** همام شجاع للأعادي غالب
حماة الوغى أهل الوفا معدن الصفا ** إلى جود يمنانا مسير الركائب
ولا يعرف المعروف إلا بعرفنا ** ولا الجود إلا جودنا كالمواهب
علا مجدنا فوق الثنا وسناؤنا ** علا شرفا من فوق كل الكتائب
فيا ويل أهل البغي منا إذا التقت ** فوارسنا فيهم بحد القواضب
قال ثم استدعى من بعده أخاه الفضل وأمره على خمسمائة فارس وسلمه الراية فتسلمها وتوجه وهو يقول:
إني أنا الفضل أبي عقيل ** أسير للحرب بلا تمهيل
بحد سيف قاطع صقيل ** به أبيد الكافر الجهول
أنا ابن عم أحمد الرسول ** المرسل المبعوث في التنزيل
قال الراوي: ولما رأى المسلمون ذلك بكوا بكاء شديدا وأعظم الناس حزنا الأمير عياض لأجل من قتل تحت رايته وكان أكثر الشهداء الاعيان من قريش وبني هاشم وبني المطلب وبني نوفل وبني عبد شمس فلما رأى مسلم بن عقيل أخوته وما حل بهم ورأى الفضل بن العباس وعبد الله بن جعفر وسادات بني هاشم ما حل ببني عمهم نزلوا عن خيولهم وعانقوا شهداءهم واسترجعوا في مصابهم فعند ذلك أنشد همام بن جرير يقول:
يا عين ابكي لا تملي البكى ** سحى دموعا مثل سكب الغمام
وابكي على السادات من هاشم ** وعصبة المختار خير الأنام
نوحي على الليث ابن عم النبي ** هو جعفر المشكور ليث همام
وابكي على الشهداء لا تغفلي ** ما لاح برق أو تغنى حمام
فلا لقي البطليوس خيرا ولا ** أجناده أهل الصليب اللئام
لنأخذن الثار يا قومنا ** بطعن خطى وحد الحسام