عمر
عدد المساهمات : 1369 تاريخ التسجيل : 28/09/2008
| موضوع: دروس وعبر من سفارة مسلم ابن عقيل ( رضوان الله عليه الخميس يناير 06, 2022 6:05 am | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم دروس وعبر من سفارة مسلم ابن عقيل ( رضوان الله عليه ) المقدمة ان الثورة الحسينية لها مضامين عالية ودروس وعبر قيمة فيمكننا ان نستلهم منها الدروس والعبر ولو بالشيء القليل والمفيد واخذ العبر منها وما اعطتنا من دروس كثيرة ومباركة ان الثورة الحسينية هي اعظم ثورة شهدها التاريخ منذُ خلق آدم ( عليه السلام ) والى قيام الساعة لأنها احتوت على جميع الامور ومازال العالم وجميع الثورات والمصلحين يستلهمون منها الدروس والعبر وقد اعطت الثورة الحسينية بجميع مفاصلها دروساً بالتحمل والتضحية والايثار والاخوة الايمانية فقد كان ومن ضمن هذه الثورة العظيمة الثورة الخالدة هو الشخص المضحي من اجل العدل الالهي وطاعة قائده ولبى نداء الحق والالتحاق بقافلة العشق الرباني والعشق الالهي الذي ذاب وضحى بكل ما يملك من اجل هذه القضية هو البطل الهاشمي مسلم بن عقيل ( رضوان الله تعالى عليه ) قد اعطانا الكثير من الدروس وما تحمّله من تعب وغربة وفراق الاحبة والاصحاب لتلبية نداء الحق فقد كان خير طائع لقائده وخير فرداً . في بحثنا المتواضع ان شاء الله نريد ان نستلهم من هذا البطل الهاشمي الدروس والعبر من سفارته ويكن البحث ان شاء الله بعدة نقاط ودروس بما وفقنا الله العلي القدير . الدرس الاول : جانب الاخوة العالية لدى مسلم عليه السلام من جملة الامور التي دعت الامام الحسين عليه السلام لاختيار مسلم عليه السلام عنوان السفير هي وجود المؤهلات والمقدمات التي ساعدت مسلم عليه السلام لاختياره سفيراً للأمام الحسين عليه السلام ولو رجعنا الى رسالة الامام الحسين عليه السلام في كتاب (مقتل الامام الحسين عليه السلام للسيد عبد الحسين المقرم) ص143 لوجدنا فيها الجواب , فقد قال الامام الحسين عليه السلام عندما ارسله مسلم عليه السلام الى الكوفة وقد قال : (قد بعثت اليكم اخي وابن عمي وثقتي من اهل بيتي ...) الى نهاية الرسالة . ولو تأملنا في الرسالة فأن الامام الحسين عليه السلام قد ذكر في بادئ الرسالة , (قد بعثت اليكم اخي وابن عمي ..) ونلاحظ انه قد قدّم الاخوّة على ابن العم ومن الملاحظ ان مسلم عليه السلام هو ابن عم الامام الحسين عليه السلام لكن الامام الحسين عليه السلام قد اختار هذا العنوان العالي وهو عنوان الاخوّة فتعتبر الاخوّة هو الهدف الاسمى لتحقيق المطالب الالهية , ومن الملاحظ ان رسالة الامام الحسين عليه السلام الى مسلم عليه السلام هي بداية الثورة الحسينية وقد ذكر الامام الحسين عليه السلام في بداية رسالته لفظة الاخوّة وهذا يدل على مدى اهميّة الاخوّة , والاخوّة التي ذكرها الامام الحسين عليه السلام هي اخوّة معنوية لما لها من اهمية في تكامل الفرد والمجتمع ولو رجعنا الى الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة لوجدنا مدى اهمية الاخوة المعنوية ومدى تأثيرها على تكامل الفرد لان الفرد لا يمكن له ان يتكامل دون الاخوة يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا " آل عمران-10 وقوله تعالى " وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ " الحجر-47 وقوله تعالى " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " الحشر-10 وهذا يدل على الاخوّة الايمانية التي حثّ عليها القرآن الكريم . وبعد هذا الكلام علينا ان نأخذ العبر والدروس من اخوّة مسلم سلام الله عليه التي كانت خير اخوّة التي حثّ عليها القرآن ونجد ان السيد القائد مقتدى الصدر قد سار على خطى جده الامام الحسين سلام الله عليه في دستوره الى جيش الامام المهدي عج حيث ابتدأ الكلام بــ "اخوتي الاحبة في جيش الامام المهدي ..." ونلاحظ ان كل معصوم ومصلح يحثّ على الاخوة لإنها تُعتبر من الامور المهمة في تكامل الفرد والمجتمع . الدرس الثاني : تحمل الغربة والبعد عن الاهل ان الغربة على انواع فمنها الغربة المعنوية والغربة المادية , اما الغربة المعنوية حسب فهمي القاصر هي غربة الفكر والعقيدة فمثلاً ان شخص صاحب عقيدة صالحة يعيش في مجتمع تسود فيه العقيدة والسلوك المنحرف وهذا المجتمع المنحرف يعمل ضده ويقوم بتسقيطه فهنا تكون الغربة معنوية , ومسلم سلام الله عليه قد عاش هذه الغربة في مجتمع يتكون من اناس لا يعرفون من الدين شيء ولا يعرفون امام زمانهم , فمسلم عاش الغربة المعنوية . اما الغربة المادية فهي فراق الاحبة والاصحاب والاهل فكان مسلم رمز التضحية عندما ارسله الامام الحسين سلام الله عليه الى الكوفة وهو يعلم علم اليقين ان سوف يقتل في ديار الغربة ولا يكون في خلاصه اي شيء , فقد قُتل مسلم سلام الله عليه في ديار الغربة بعيداً عن الاهل . واما في واقعنا فنحن الذين نسير على خطى آل الصدر علينا ان نكون مهيئين لكل الظروف فمسلم قد اعطانا درس في الغربة فعلينا ان نكون مستعدين للغربة المعنوية والمادية , وكما ذكر الاستاذ علي الزيدي في كتابه " شهيد بلا حجاب " حيث يقول : " أ. ان يكون معنى التغرب هو ابتعادك عن ملذات الدنيا وحبائلها وتوجهك نحو الله تعالى وما يريده منك من افعال وتروك فتكون بذلك انت غريب عن اهل الدنيا وطلابها ولعله في الحديث الشريف " سيعود الاسلام غريبا فطوبى للغرباء.." مصداقاً لذلك . ب. كل واحد منّا له تعلق بأهله وعياله وهو يعيش بينهم الحياة التي تناسب مقامه وشخصه مما يولد بينه وبين افراد عائلته ارتباط وعلاقات قوية يصعب انفكاكها وازالتها مما يكون لهذه العلاقات دوراً فعالاً في تأخير الفرد عن الالتحاق في صفوف وميادين الجهاد والتي تتطلب ابتعاداً عن الاهل وتركهم بلا معيل ولا كفيل ولذلك على الفرد المنتمي لجيش الامام المهدي ع ان يعيش مرحلة تعويد النفس عن الابتعاد عن الاهل وتركهم ليعيش حالة الغربة فيهم ..." الدرس الثالث: طاعة مسلم للإمام الحسين سلام الله عليه عند اختيار الامام الحسين سلام الله عليه مسلم سلام الله عليه للذهاب الى الكوفة بعنوان السفير لم يتردد مسلم سلام الله عليه وكان مطيعاً لإمام زمانه ولم يقترح على الامام بان يذهب الى كربلاء ويرسل شخصاً غيره وهذا يدل على مدى طاعة مسلم سلام الله عليه للامام الحسين سلام الله عليه وامتثاله لأوامره وعدم التشكيك بالقائد فالرجل المخلص لا يحدد ماذا يعمل واي منصب يتخذ فالامام او المصلح هو الذي يحدد المصلحة باعطائه تكليف او مكان معين , لأن المخلص يجب ان يكون مستعداً دائماً لأي تكليف يكلفه الامام او المصلح , فكان مسلم سلام الله عليه اعطانا درساً في الطاعة والاخلاص لقائده والملاحظ ان بعض الاشخاص قد فشلوا في طاعة قيادتهم بسبب تشكيكهم بأوامر قيادتهم وهذا ما حصل مع السيد القائد اعزه الله فالكثير لم يتحمل اوامره فنجد ان الكثير قد انشق عن قيادته المباركة , وأما المؤمنين المخلصين قد كانوا ولا زالوا تحت قيادته وطاعته في جميع الامور . الدرس الرابع : تحمل المصاعب ان مسلم سلام الله عليه قد ربى نفسه منذ صغره على الطاعة واختياره لطريق المعصوم فان ما حدث مع مسلم سلام الله عليه هو خير دليل على وجود المؤهلات لاختيار مسلم سلام الله عليه ومنها تحمل المصاعب حيث تذكر الرواية في كتاب (مقتل الامام الحسين للسيد عبد الحسين المقرم ) ص 14 (فخرج مسلم من مكة في النصف من شهر رمضان على طريق المدينة فدخلها وصلى في مسجد النبي (ص) وودع اهله ثم استأجر رجلين من قيس ليدلاه على الطريق فضلاً ذات ليلة واصبحا تائهين وقد اشتدد بهما العطش والحر فقالا لمسلم سلام الله عليه وقد بان لهما سنن الطريق : عليك بهذا السمت فالزمه لعلك تنجو فتركهما ومضى على الوصف ومات الدليلان عطشاً ...) ومن خلال هذه الرواية نجد ان مسلم سلام الله عليه قد تحمل مشاقّ الطريق , فمن الملاحظ ان الدليلين اللذين استأجرهما مسلم سلام الله عليه لكي يدلاه على الطريق لم يتحملا صعوبة الطريق فماتا وفي المقابل نجد ان مسلم سلام الله عليه قد تحمل كل هذه المصاعب والظروف القاسية التي مرت به وهذا يدل على ان مسلم سلام الله عليه قد ربّى نفسه على التحمّل والصعاب واللياقة العالية التي كان يمتلكها مسلم للوصول الى تحقيق الهدف الذي جاء من اجله . وعلينا ان نكون كمسلم سلام الله عليه في تحمل المصاعب والظروف التي سوف تواجهنا من قلة النوم وقلة الاكل والاحتياج الى اللياقة العالية , وقد ذكر الاستاذ علي الزيدي أيده الله في كتابه "شهيد بلا حجاب " ( الحياة العسكرية من ناحية التغرب والطعام والشراب وغيرها من دون حمل السلاح وتخزينه الحياة العسكرية : ان عبارة الحياة العسكرية تدل بظاهرها على القوّة والصعوبة والمراس على التحمل والصبر على الشدائد واجبار النفس على ما لا تهوى وتحب كل ذلك من اجل هدف او اهداف معينة .ولا يمكن بحال من الاحوال تحقيق اي نصر او تقدم دون المرور بمفهوم العسكرة وتطبيق مصاديقه في حياتنا اليومية وخصوصا ونحن نعيش مرحلة الظلم باعلى مصاديقها ولا بد لنا حتى نزيل الظلم من ان نحرر انفسنا والعالم الخارجي من كل معاني الظلم ولا يتم ذلك الا بالمرور بالصعاب تلو الصعاب والشدائد بعد الشدائد ) الدرس الخامس : الثبات على الموقف ان من اهم الدروس المستقاة من سفارة مسلم هي الثبات على الموقف فنجد مسلم سلام الله عليه حينما بايعه اهل الكوفة على نصرة الامام الحسين سلام الله عليه وكانوا مجتمعين عليه بالآلاف لكن حينما اصطدم بقلة العدد وخذلان الناصر ومن اخصل له بين قتيل وخلف قضبان السجون حتى الى ان آلى به الامر وحيدا في ازقة الكوفة لا يجد له ناصرا ولا معين فماذا كان على مسلم سلام الله عليه , هل يستسلم للأعداء؟ فرغم كل هذه الاضطرابات نجد ان هناك امر لم يتغير هو الثبات على الموقف والعقيدة فمسلم سلام الله عليه مرة بقى وحيدا ومرة اجتمع عليه الناس وهذا لم يؤثر على مسلم سلام الله عليه لتحقيق هدفه الذي جاء من اجله . وما نلاحظه في وقتنا الحاضر ان بعض من كان على خط السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره قد ابتعد عن قيادة السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله وهذا ان دل على شيء انما يدل على عدم تمسكهم وثباتهم على الموقف فالمؤمن المخلص كمسلم سلام الله عليه يكون كالجبل الشامخ ،لا تهزه الرياح كالسعفة فتذهب به اينما تشاء . نتائج البحث 1. اذا اراد الفرد المؤمن السير في طريق التكامل والنجاح والوصول الى رضا الله ورضا المعصوم فيجب عليه ان يكون ملتزماً في الاخوة الايمانية التي حث عليها القران والسنة الطاهرة . 2. على الفرد السائر في طريق الامام المهدي عج ان يتوقع ويُهيء نفسه لجميع الظروف ومنها الغربة وهجران الاهل والديار. 3. على كل فرد ان يكون طائعا لقائده الالهي طاعة مطلقة لا تشوبها ذرة من الشك والريبة تجاه قرارات القائد واقواله كما فعل البعض من الذين انحرفوا من الخط الصدري المقدس بسبب تشكيكهم بخطوات السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله . 4. ان طريق الله هو طريق ذات الشوكة مليء بالبلاءات ولا راحة فيه فيجب علينا ان نكون نحن السائرون على طريق الحق ان لا نتوقع الراحة والخلاص من البلاء . 5. على الفرد ان يكون ثابتاً على الموقف والعقيدة في جميع الظروف والصعاب ومهما حالت به الاحوال و دارت به الايام ان يثبت على موقفه .
و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
| |
|